يواصل الفيلم المغربي “أفراح صغيرة”، للمخرج محمد الشريف الطريبق، مسيرته المتميزة في المحافل السينمائية الدولية، إذ تقرر عرضه ضمن فعاليات الدورة الرابعة عشرة من مهرجان الفيلم العربي بكوريا الجنوبية، وذلك بعد مرور ما يقارب عشر سنوات على طرحه أول مرة.
ويعد هذا الاختيار تتويجا جديدا لمسار فني لافت قطعه العمل منذ إنتاجه سنة 2016، إذ شكل علامة بارزة في السينما المغربية، بفضل موضوعه الإنساني وحبكته السينمائية الدقيقة، وكذا لمقاربته الاجتماعية والثقافية الدقيقة لحياة النساء في مدينة تطوان خلال خمسينيات القرن الماضي.
الشريط، الذي يعد ثاني تجربة طويلة في المسار السينمائي للطريبق، بعد شريطه الشهير “زمن الرفاق”، صور في فضاءات معمارية عتيقة بتطوان، واستعرض قصة صداقة بين فتاتين تنتميان إلى خلفيتين مختلفتين، تجمعهما الحياة في بيت واحد، وتفرقهما خيارات فردية، في سياق تحولات اجتماعية عميقة كانت تشهدها البلاد آنذاك.
وتدور أحداث الفيلم حول زينب، أرملة ومغنية مع إحدى الفرق الموسيقية النسوية، تضطر إلى قبول دعوة من امرأة ثرية للإقامة في بيتها، رفقة ابنتها المراهقة نفيسة، التي تقيم علاقة صداقة متينة مع فطومة، حفيدة صاحبة البيت، قبل أن تنقلب الأمور إثر اكتشاف هذه الأخيرة خطوبة صديقتها في الخفاء. وفي هذا الإطار يسلط الشريط الضوء على العلاقات النسائية والعوالم الداخلية المغلقة للنساء في حقبة زمنية كانت مليئة بالتحديات والتغيرات.
الفيلم ينطلق زمنيا من سنة 1955، وهي سنة مفصلية في التاريخ المغربي، شهدت عودة السلطان محمد الخامس من المنفى، وإعلان بداية مسار الاستقلال والتحرر، خاصة في ما يتعلق بقضية المرأة التي بدأت تفرض حضورها في النقاش العام، وبرزت كرمز للتحديث والتغيير.
وأسند الطريبق الأدوار الرئيسية في شريطه إلى كل من فرح الفاسي وأنيسة العناية، اللتين قدمتا أداء لافتا، خاصة الفاسي في دور “فطومة”، الذي مكنها من الفوز بجائزتين؛ الأولى من المهرجان الوطني للفيلم، والثانية من المهرجان المغاربي للفيلم بوجدة.
“أفراح صغيرة”، الذي سبق له التتويج بجائزة السيناريو وجائزة الأندية السينمائية ضمن فعاليات المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، إلى جانب جائزة الجمهور في مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط، يواصل اليوم رحلته إلى جمهور جديد في كوريا الجنوبية، حاملا معه لمسة سينمائية مغربية راقية تزاوج بين الحكي الرصين والبعد الإنساني العميق من نظرة ابن العرائش.