كشفت الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى، خلال ندوة صحفية اليوم الجمعة بالرباط، عن أرقام مقلقة تسلط الضوء على عمق الأزمة التي يعيشها قطاع المقاولات الصغرى بالمغرب، رغم أهميته الحيوية في الاقتصاد الوطني.
وتظهر المعطيات التي كشفت عنها الهيئة منحى تصاعديا مقلقا في عدد حالات الإفلاس، حيث ارتفع عدد المقاولات المفلسة من حوالي 10.500 سنة 2021 إلى 14.000 سنة 2023، ثم قفز إلى 33.000 سنة 2024، وسط توقعات بتجاوز 40.000 حالة إفلاس بنهاية سنة 2025، وهو ما يعكس هشاشة البنية المقاولاتية وصعوبة ظروف الاستمرار.
وفيما يتعلق بالتمويل، أكدت حوالي 90 في المئة من المقاولات المستجوبة أنها تجد صعوبة كبيرة في الولوج إلى التمويل، بسبب كثرة الشروط والضمانات التي تفرضها مؤسسات الإقراض، كما اعتبرت 76 في المئة من المقاولات أن التحملات الاجتماعية لا تتناسب مع وضعيتها، خاصة ما يتعلق بالتصريح بالأجراء في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وأداء الضريبة على الدخل.
وفي السياق نفسه، ترى 74 في المئة من المقاولات أن النظام الضريبي الحالي غير محفز، بسبب تعقيد المساطر وغياب تحفيزات تراعي حجم رقم معاملاتها.
من جانب آخر، أظهرت الدراسة أن 70 في المئة من المقاولات تعاني من تأخر آجال الأداء، وهو ما يعيق توفر السيولة ويهدد استمرارية النشاط، في وقت تعاني فيه أكثر من 80 في المئة من المنافسة غير الشريفة التي يفرضها القطاع غير المهيكل، ما يقلص من قدرتها على الصمود في السوق.
كما كشف الاستطلاع أن 97 في المئة من هذه المقاولات لم يسبق لها أن شاركت في معارض دولية بدعم من مؤسسات عمومية، فيما لم تستفد 52 في المئة منها من أي برامج للتكوين أو تقوية القدرات. أما على مستوى الصفقات العمومية، فأكدت 70 في المئة من المقاولات المستجوبة أنها لم تشارك قط في أي صفقة، مما يعكس ضعف إدماجها في منظومة الطلب العمومي.
ورغم الدور المحوري الذي تلعبه المقاولات الصغرى، حيث تمثل حوالي 95 في المئة من مجموع المقاولات الوطنية، وتسهم بأكثر من 40 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وتوفر أكثر من 70 في المئة من مناصب الشغل، إلا أن هذه المعطيات تؤكد أنها لا تزال الحلقة الأضعف في المنظومة الاقتصادية الوطنية.
الندوة شكلت أيضا مناسبة لاستعراض مخرجات اليوم الدراسي الذي نظمته الهيئة بمجلس النواب يوم 18 يونيو 2025، والذي خلص إلى ضرورة توحيد المرجعية الحكومية المكلفة بالمقاولات الصغرى، وتسريع إخراج النصوص التنظيمية ذات الصلة، وتبسيط ورقمنة المساطر الإدارية. كما دعت الهيئة إلى إحداث مراكز جهوية للتكوين والمواكبة، وتحفيز الأبناك على تخصيص نسب من محفظتها التمويلية لفائدة المقاولات الصغرى مع تبسيط شروط الضمان.
وشملت التوصيات أيضا تخصيص 30 في المئة من الصفقات العمومية لهذه الفئة، ودعم انخراطها في الأسواق الخارجية، ومراجعة بعض اتفاقيات التبادل الحر لحماية المنتوج الوطني.
وفي ختام الندوة، أعلنت الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى عن التأسيس الرسمي للشبكة المغربية للمنظمات والهيئات المهنية للمقاولات الصغرى، كإطار وطني تنسيقي يهدف إلى تعزيز التعاون والتشبيك بين الفاعلين في هذا المجال، والترافع المؤسسي من أجل ضمان تمثيلية المقاولات الصغرى داخل المجالس والهيئات الوطنية، وتطوير قدراتها التنظيمية والاقتراحية، والمساهمة في الأوراش التنموية والحوارات الاجتماعية.
هذا، وأكدت الهيئة، أن الدراسة الميدانية التي أنجزتها شملت عينة من 670 مقاولة صغيرة موزعة على مختلف جهات المملكة، مشيرة إلى أن أكثر من 48 في المئة من المقاولات المستجوبة لم تتجاوز مدة تأسيسها ثلاث سنوات، بينما تأسست 21 في المئة منها قبل ثلاث إلى خمس سنوات، في حين لم تتجاوز نسبة المقاولات التي صمدت لأكثر من خمس سنوات عتبة 30 في المئة.