شهدت قاعة الجلسات رقم 8 بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، مرافعة قوية للنيابة العامة في قضية تلاحق فيها شخصيات بارزة على خلفية شبهات تتعلق باختلاس أموال عمومية واستغلال النفوذ، من بينها الرئيس السابق لنادي الرجاء البيضاوي والمدير العام لشركة “أوزون” للنظافة، عبد العزيز البدراوي، ورئيس جماعة بوزنيقة السابق، محمد كريمين، إضافة إلى مهندس سابق بالجماعة نفسها، حيث يتابع المتهمون في حالة اعتقال بالسجن المحلي “عكاشة”.
وخلال الجلسة التي ترأسها المستشار علي الطرشي، أبرزت النيابة العامة أن المتابعة القضائية جاءت بناء على قرار صادر عن قاضي التحقيق، بعد أن قررت غرفة الجنايات الإبقاء على جريمة اختلاس الأموال العمومية واستغلال النفوذ، استنادا إلى المفاهيم الموسعة الذي يحدده القانون الجنائي المغربي.
وأشارت النيابة العامة في مرافعتها إلى أن جماعة بوزنيقة كانت قد فوضت خدمة النظافة لشركة خاصة بموجب عقد تدبير مفوض تجاوزت قيمته 10 ملايين درهم، مضيفةً أن الصفقة عرفت تمديدا غير قانوني لمدة ستة أشهر، تميز بزيادة كبيرة في التكلفة، دون سند قانوني أو عرض الموضوع على مجلس الجماعة.
ووفقا للنيابة، فإن هذه الزيادة تمت بـ”قرار انفرادي وبسوء نية” من قبل رئيس الجماعة السابق، حيث استفاد منها المتهم الثاني، المدير العام للشركة المفوض لها، وهو ما اعتبرته النيابة صورة من صور الاختلاس المتكاملة الأركان، مؤكدة أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة الداخلية أثبتت وجود فوارق كبيرة في الوزن الحقيقي للنفايات مقارنة بما تم التصريح به.
وكشفت النيابة العامة أن المتهم حاول تحويل مبلغ 6 ملايين درهم من ميزانية التدبير المفوض إلى ميزانية ذات طابع اجتماعي، في محاولة للتغطية على هذا التحويل غير القانوني، إلا أن التدخل القضائي حال دون إتمام هذه العملية، بعد أن اعتبر القضاء الإداري أن مجرد الإشعار بالتحويل يرقى إلى مستوى التنفيذ، وهو ما اعتبرته النيابة محاولة اختلاس تم إفشالها في اللحظة الأخيرة.
وأضاف المدعي العام أن “حسب المتهم الرئيسي، أي رئيس جماعة بوزنيقة، فقد سبق له أن راسل الشركة من أجل استرجاع الآليات التي كانت رهن إشارة الشركة المفوض لها تدبير قطاع النظافة، غير أن الشركة أجابت بالرفض، معتبرة أنها أصبحت مالكة لهذه الآليات”.
وأوضح المدعي العام أن “الشركة تدعي أن ثمن الآليات تم اقتطاعه، غير أن ذلك غير صحيح، حيث تبين في الأخير أن هذه الاقتطاعات لم تصل إلى القيمة الإجمالية والحقيقية لهذه الآليات”.
وأفادت النيابة العامة أن من صور التبديد عدم تفعيل الجماعة لمساطر العقوبات أو الغرامات في حق الشركة المذكورة أثناء حدوث أي تجاوزات، وخاصة تلك المتعلقة بإنجاز التقارير اليومية، والتي تبين أيضا أنها لم تكن تنجز بشكل دوري ودائم، كما أن التقارير السنوية تفتقر لسنتي 2012 و2016.
وأضافت النيابة العامة أن “من صور استغلال النفوذ استبعاد شركة خاصة كانت منافسة على هذه الصفقة، مع وضع شروط تفصيلية على مقاس شركة (أوزون)، وهو أمر غير منطقي وغير مقبول نظراً لغياب المبادئ التي يجب أن يتحلى بها كل شخص يشارك في إنجاز الصفقات”.
ومن صور استغلال النفوذ أيضاً منح سيارات الجماعة والهواتف النقالة لأشخاص لا يستحقون ذلك، كما أن التزوير في المحررات التجارية ثابت في حق المتهمين الأول والثاني، ويتجلى في إصدار فواتير تتضمن أموالاً غير مستحقة، حيث أمر المتهم الأول بصرفها للشركة التي يملكها المتهم الثاني.
وشددت النيابة العامة على أن المعطيات الموثقة في الملف تظهر بما لا يدع مجالا للشك، أن المتهمين تصرفوا في المال العام بما يتنافى مع مبادئ الأمانة والنزاهة، مطالبة بتطبيق العقوبات التي ينص عليها القانون.