أكد رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، أن احتجاجات ساكنة منطقة آيت بوكماز بإقليم أزيلال تمثل إنذارا حقيقيا للحكومة، داعيا إلى التقاط الدروس والعبر منها والعمل على صون كرامة المواطنين وتعزيز دور المؤسسات المنتخبة والوساطة المجتمعية.
وشدد حموني، في تصريح توصلت به جريدة “العمق”، على أنه “سوف لن تكون فينا أيُّ فائدة، كفاعلين سياسيين ومؤسساتيين، إذا تجاهلنا أو لم نحسن التقاط العبر والدروس والرسائل الواجب استخلاصها من الخروج العارم لساكنة آيت بوكماز في مسيرة احتجاجية سيراً على الأقدام، بعد أن ضاقت بها السبل وهي تواجه الفقر والهشاشة والتهميش”.
واعتبر أن أول هذه الدروس، التي ينبغي على الحكومة استخلاصها، هو أن التعاطي مع أسئلة البرلمانيين وتنبيهاتهم بشأن قضايا التنمية في المناطق النائية لا ينبغي أن يتم بمنطق الشكليات الإدارية والبيروقراطية، مشدداً على أن الأمر يتعلق “بحياة الناس، ومعيشهم اليومي، وبمصيرهم، وبحقهم في الكرامة والتنمية والخدمات الأساسية والعدالة الاجتماعية”.
كما دعا الحكومة إلى النزول من “برجها العاجي”، على حد وصفه، والتواصل المباشر مع المواطنين، والإنصات لهمومهم وآمالهم، والاجتهاد في الاستجابة التدريجية لمطالبهم، مع اعتماد مقاربة التمييز الإيجابي لفائدة المناطق ذات الخصاص التنموي.
واعتبر حموني أن التجاهل والإقصاء والتهميش، مقابل إصرار الحكومة على ترديد خطاب “العام زين” والحديث عن إنجازات غير مسبوقة، إنما يكشف عن “ضعف كبير في التقدير السياسي”، محذراً من أن ذلك “لن يؤدي سوى إلى الإحباط وانعدام الثقة، وإضعاف الشعور الجمعي بالانتماء، ومن ثم إلى الاحتقان الذي لا يتمناه أي وطني غيور”.
وأكد أيضاً أن احتجاجات آيت بوكماز ليست الأولى ولا الوحيدة في المغرب، مطالباً الحكومة باحترام وتقوية مؤسسات الوساطة المجتمعية بكافة أشكالها، وإعادة الاعتبار للبرلمان والمنتخبين وفضاءات التعبير المؤسساتي عن مطالب المجتمع، حتى لا يضطر المواطنون إلى اللجوء للاحتجاج العفوي وغير المؤطر في الشارع.
ونبه رئيس الفريق الحركي إلى أن صيانة الجبهة الداخلية وتعزيزها يمران عبر الإنصات للمستضعفين والاستجابة لمطالبهم، بما يتيح مواجهة مختلف التحديات الوطنية.
جاء ذلك بعدما خرجت ساكنة أيت بوكماز، التابعة لإقليم أزيلال، في مسيرة احتجاجية سلمية غير مسبوقة، شارك فيها رجال، شبابا وشياب، متوجهين نحو مقر عمالة أزيلال، في تعبير جماعي قوي عن تذمر الساكنة من استمرار التهميش التنموي، وغياب أبسط الخدمات الاجتماعية الأساسية.
وتأتي هذه الخطوة في سياق ما وصفه نشطاء مدنيون بـ“اللحظة الفارقة في العلاقة بين الجبل والسلطات العمومية”، حيث تعالت الأصوات المطالبة بوضع حد لـ“عقود من الإقصاء” حوّلت المناطق الجبلية، وفي مقدمتها أيت بوكماز، إلى نقاط عمياء في السياسات العمومية للدولة المغربية.
من جانبه طالب الائتلاف المدني من أجل الجبل بـ“ضرورة سن إطار تشريعي خاص بالمناطق الجبلية، يضمن العدالة المجالية، ويضع حدا للفجوة التنموية بين المركز والهامش”، لافتا إلى أن “الجبل لا يحتاج عطفا، بل إنصافا، ولا يحتاج خطباء، بل قرارات شجاعة تعيد إليه مكانته في قلب الوطن”.
وعبر الائتلاف المدني عن تضامنه الكامل مع المحتجين، موضحا أن “ساكنة أيت بوكماز خرجت في مسيرة سلمية رجالا ونساء، شبابا وأطفالا، في اتجاه عمالة أزيلال، لتقول بصوت جماعي واضح: كفى من التهميش، كفى من الانتظار”.
وأشار الائتلاف المدني من أجل الجبل في البيان الذي حصلت جريدة “العمق” على نسخة منه، إلى أن “هذه المسيرة ليست سوى تعبير حضاري عن تراكم عقود من الإقصاء التنموي، الذي جعل من المناطق الجبلية، وفي مقدمتها أيت بوكماز، نقطة عمياء في السياسات العمومية”.
وأوضح البيان أن “المواطنين في الجبل سلموا من الشعور بأنهم في الهامش، وأن أحلامهم في الصحة والتعليم والبنية التحتية لا تدخل ضمن أولويات الدولة”، مؤكدا أن “عقود ما يطلبه أهالي أيت بوكماز، وما تنتظره جل ساكنة الجبل، ليس امتيازا ولا ريعا، بل الحد الأدنى من شروط العيش والانتماء لهذا الوطن”.