آخر الأخبار

ربط لوجستي جديد بين الصين والمغرب يعزز المبادلات الإفريقية الآسيوية

شارك

مرحلة جديدة يُحتمل أن تدخلها العلاقات الثنائية بين المغرب والصين بتطوير ممر تجاري واعد اقتصاديا واستثماريًا، سيعتمد “مسار نقل جديداً متعدد الوسائط اللوجستية” من المقرر أن يَربط بين قطبيْن اقتصادين هامّين: تشنغدو الصينية وطنجة المغربية.

وحسب ما نقلته مؤخرا المجلة الإفريقية المتخصصة في سلاسل التوريد “Africa supply chain mag” فقد انطلق قطار شحن من مدينة شينغدو الصينية متوجهاً إلى المغرب عبر أوروبا، في إطار ربط لوجستي جديد يعزز تدفقات التجارة بين الصين وإفريقيا، موردةً أنه “يدخُل ضمن مشروع تطوير محور شينغدو – أوروبا – إفريقيا”.

ويحمل القطار منتجات غذائية من إقليم سيتشوان الصيني (ميناء شينغدو الدولي للسكك الحديدية) في اتجاه ميناء طنجة المتوسط. بينما سيمر القطار اللوجستي عبر بولندا وألمانيا قبل أن يصل إلى ميناء برشلونة بإسبانيا، من حيث ستُنقل البضائع بحراً إلى المغرب.

وفق المصدر ذاته “يُعدّ هذا المسار الجديد ثالث خط متعدد الوسائط يربط شينغدو بإفريقيا، بعد المساريْن عبر هامبورغ ونانشا”، مؤكدا أن “الممر اللوجستي الجديد للصين ربط إقليم سيتشوان بالأسواق الإفريقية من خلال خدمة مدمجة تجمع بين النقل بالسكك الحديدية والنقل البحري، ما يسهم بشكل خاص في دعم تصدير المنتجات الغذائية الصينية التي تعرف طلباً متزايداً في القارة”.

كما يمثل هذا الخط الجديد أول ربط مباشر بين قطار صيني – أوروبي والنقل البحري في البحر الأبيض المتوسط عبر برشلونة، “ما يمهّد لإطلاق خدمات منتظِمة إلى طنجة والدار البيضاء”.

ولوج الأسواق

من المتوقع أن يساهم هذا المسار في “خفض التكاليف، وتحسين موثوقية التسليم، وتعزيز الولوج إلى أسواق شمال إفريقيا وجنوب أوروبا، فضلا عن دعم طموح السوق الإفريقية الموحدة لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLEACAF) التي تجمع نحو مليار و700 مليون مستهلك”، بحسب ما أورده مهني مغربي فاعل في قطاع التصدير.

وأكد المهني من قطاع التصدير، الذي يشغل عضوية “الاتحاد المغربي للمصدرين”، أن “الصين تراهن عبر الربط اللوجستي بين-القاري الجديد على مستقبل استهلاكي كبير في إفريقيا بالنسبة لمنتجاتها”، وأضاف واضعا ذلك في سياق “بحث بكين عن منافذ اقتصادية أخرى لصادراتها، واستثمار العلاقات ونوعية المكانة التي يتمتع بها المغرب لدى الاتحاد الأوروبي وأمريكا، كبوابة إفريقية واعدة”.

وأشار الفاعل المهني في قطاع التصدير، الذي تحدث لهسبريس رافضًا كشف هويته، إلى أن “الاقتصاد الصيني يسعى إلى التوسع أكثر في غرب إفريقيا أساسا، والاستفادة مما تتيحه البنية التحتية المغربية لموانئ الحاويات (مثل طنجة المتوسط)، بوصف المغرب قاعدة/منصة للتصدير متعدد القارات”.

واستبعد المتحدث للجريدة أن “يكون الخط الجديد الرابط بين الصين وطنجة المتوسط في صالح المصدّرين المغاربة في الظرفية الراهنة والمدى القريب، بحكم أن الصين تبقى المستفيدَ الأكبر من ذلك…”، متوقعا أن يستفيد منه المصدّرون المغاربة لاحقاً في إطار سعيهم إلى تحقيق مبادلات منصفة مع دول آسيا.

حتمية إستراتيجية

أكد ناصر بوشيبة، باحث في الشؤون الصينية رئيس جمعية التعاون الإفريقي-الصيني للتنمية في المغرب، أن “العقل الصيني تفطّن مبكرًا لأهمية ربط محور إفريقيا-أوروبا انطلاقا من آسيا”، معتبرا أن ذلك “بدأ مع هاجس فقدان السوق الأمريكية منذ الأزمة العالمية سنة 2008”.

وأضاف بوشيبة، مصرحا لجريدة هسبريس، أن “الصين تراهن عبر الطريق اللوجستي الجديد على ولوج قوي إلى أسواق غرب أفريقيا وإفريقيا الأطلسية الناطقة بالفرنسية، خاصة عبر مُنتجاتها الغذائية الزراعية المعروفة في إقليم سيتشوان”، ولاحظ أن “الحكومة الصينية ملزَمة، بحكم الحتمية الإستراتيجية للتقلبات الجيوسياسية والاقتصادية التي يفرضها عالَمُ اليوم، بتقوية حضورها الاقتصادي في إفريقيا انطلاقا من بوابة اسمها المغرب”.

وسجل المتحدث ذاته أن “الخط انطلاقا من تشنغدو الصينية إلى أوروبا مفعَّل ومشغل منذ سنوات عبر دول وسط آسيا إلى أوروبا الغربية، غير أن فكرة استغلاله في إيصال منتجات الصين إلى المغرب عبر البحر سيرفع من دينامية المبادلات التجارية المغربية الصينية، التي شهدت نموا كبيرا منذ زيارة الملك محمد السادس إلى الصين سنة 2016”.

واستحضر الباحث ذاته “بلوغ الصادرات المغربية أيضا إلى الصين ما قيمته مليار و300 مليون دولار متم سنة 2024، أغلبها منتجات مصنّعة وفق بيانات الاستيراد والتصدير الخاصة بالمبادلات التجارية بين المغرب والصين، صدرت عن قاعدة بيانات الإدارة العامة للجمارك في جمهورية الصين”.

ولفت المحلل ذاته إلى أن الطريق اللوجستي الجديد “سيحاول تقليص التكلفة وتسريع التسليم ويمثل عنصر استمرار المغرب في التزامه بخفض عجزه التجاري مع شريكه الإستراتيجي في شرق آسيا، محققا العديد من الأرقام القياسية في هذا المجال”، قبل أن يدعو مهنيي التصدير المغاربة إلى التعرف عن كثب على ما تتيحه السوق الصينية من فرص بالنسبة للمنتجات المغربية.

وختم بوشيبة تصريحه بالقول: “إن عوامل الاستقرار السياسي بالمغرب وتطور البنيات التحتية الأساسية (الطرق والموانئ ..)، وتخريج الموارد البشرية المؤهلة، تؤسس لمنظومة تعامل مبنية على الشراكات الثنائية الاستثمارية بعيدا عن منطق القروض التفضيلية؛ وكلها عناصر ترفع مكانة المغرب ليكون البلد المؤهَّل لتصدُّر الشراكة الصينية–الإفريقية المتطورة على إيقاع تنامي التجاذبات الجيو-إستراتيجية والحروب التجارية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا