بعد تقديمه للمصادقة في مجلس الحكومة، الأسبوع الماضي، بسطت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، تفاصيل أوفى عن “مشروع قانون الوكالات الجهوية للتعمير والإسكان”، التي تم اعتمادها بناء على توجيهات ملكية وتفعيلا لتوصيات منبثقة عن الحوار الوطني حول التعمير والإسكان.
وجوابا عن سؤالين آنييْن وحّدهما الموضوع ذاته، أمس الثلاثاء بجلسة عمومية للأسئلة الشفهية في مجلس المستشارين، (قدّمهما فريقا التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة)، قال أديب بن إبراهيم، كاتب الدولة لدى وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة المكلف بالإسكان، الذي تحدث نيابة عن الوزيرة، إن “الدولة، عبر الوكالات الجهوية الـ12، تسعى إلى ملاءمة الهيكلة المؤسساتية مع متطلبات إصلاح الحكامة الترابية، وتنسيق تدخلاتها مع أهداف الجهوية واللّاتمركز”.
وأثار بن إبراهيم ما وصفها “اختلالات ونواقص تستوجب بلورة إصلاحات هيكلية”؛ أهمها “ضعف التنسيق في ميدان التخطيط الترابي على مستوى الجهات”، و”غياب الانسجام المؤسساتي وافتقار التدبير الترابي الجهوي إلى رؤية واضحة ومتكاملة”.
كما جاء النص الجديد لـ”معالجة تبايُن ممارسات معالجة ملفات التدبير الحضري بين مختلف الجهات أو المصالح المعنية”، و”غياب آلية واضحة للتحكيم لفائدة المواطن والمستثمر”، فضلا عن “محدودية التدخلات خصوصا بالقرى”.
يهدف مشروع القانون، حسب ما أوضحه المسؤول الحكومي ضمن جواب مفصل، إلى “تمكين الوكالات الجهوية من القدرة على إعداد رؤية واضحة للتخطيط الترابي على المستوى الجهوي”، مع غاية “إرساء تموقع ترابي جديد للوكالات على الصعيد الجهوي بما يضمن تقريب الخدمات من المواطنين من خلال تمثيليات محلية على مستوى العمالات والأقاليم”.
كما يتوخى “إعادة تحديد المهام بما يتلاءم مع خصوصيات المجالات الحضرية والقروية، ويستجيب لحاجيات كل مجال وفق طبيعته وتحدياته، وتعزيز الحكامة والأداء المؤسساتي للوكالات؛ فضلا عن “توحيد الممارسات في مجال التخطيط والتدبير الحضري، وإتاحة آلية للطعن والتحكيم أمام المواطن والمستثمر”.
وشدد كاتب الدولة المكلف بالإسكان على أهمية “توفير مخاطَب جهوي وحيد واستراتيجي في مجالات التهيئة والتعمير والإسكان والتنمية الترابية”.
بموجب مشروع القانون رقم 64.23 المرتقب أن يحال على المسار التشريعي، فإن أبرز المهام المسندة لكل وكالة جهوية تتمثل في “التخطيط الترابي”، خاصة “إنجاز الدراسات الاستشرافية والاستراتيجية ذات علاقة بمجالات تدخلها”، ثم “تقديم الدعم والمواكبة التقنية للسلطات والجماعات الترابية في إعداد وتحيين وثائق التخطيط والتنمية المجالية”، مع “إعداد وثائق التعمير وتتبع تنفيذها”.
وأشار المتحدث أمام المستشارين إلى مهام “مواكبة الاستثمار” والتي تتضمن أساسا “تقديم الدعم التقني والمواكبة في معالجة المشاريع الاستثمارية العمومية أو الخاصة من خلال دراستها القبلية لها قبل الحصول على تراخيص التعمير”. وستتم “المساهمة في إعداد رؤى متعلقة بالعرض الترابي الجهوي، وبرمجة تنفيذها بتنسيق مع مختلف الفاعلين المعنيين”.
بخصوص “تنمية المجالات القروية”، كمهمة أخرى منوطة بها، ستقوم الوكالات الجهوية للتعمير والإسكان بـ”المساهمة في إعداد استراتيجيات وبرامج تنمية المجالات القروية وتنفيذها ضمن مشاريع مندمجة لضمان التناسق والاستدامة”، ثم “تتبع تنفيذ المشاريع المبرمجة في إطار اتفاقيات الشراكة الخاصة بتنمية المجال القروي”.
أما في “مجال الإسكان”، فإن “المساهمة في تنزيل السياسة الوطنية الهادفة إلى تسهيل الولوج إلى السكن” أبرزُ مهام هذه الوكالة، إضافة إلى “الإسهام في إعداد وتنفيذ برامج محاربة السكن غير اللائق”.
في شق “الرصد واليقظة الترابية”، سيتم “جمع ونشر المعطيات المرتبطة بمجالات تدخل الوكالة”، مع “إعداد المؤشرات المجالية والتقارير حول الديناميات الترابية داخل مجال اختصاصها”.
الوكالات المرتقب إحداثها ستَضمن، حسبما أفاد به كاتب الدولة، “مراقبة مدى مطابقة التجزئات والمجموعات السكنية والبنايات التي توجد في طور الإنجاز للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، لرخص التعمير المتعلقة بها”؛ فيما أنيطَ بها أيضا “اقتراح تعيين مراقبي التعمير لممارسة مهام مراقبة مخالفات التعمير والبناء طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية”.
في موضوع منفصل أثاره فريق الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، ضمن سؤال “تثمين القصبات والقصور”، أكد كاتب الدولة المكلف بالإسكان أنها “رغم ما راكمته من إشعاع حضاري، فهي تواجه، اليوم، تحديات كبيرة بسبب التدهور التدريجي والعزلة المجالية والتحولات المناخية والديمغرافية”.
وعملت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير وسياسة المدينة، حسب المسؤول ذاته، على “وضع استراتيجية واضحة ومتكاملة في التدخل”، بهدف “تثمين التراث وتقوية الجاذبية السياحية، وخلق فرص الشغل لضمان استمرارية الحياة بهذه المجالات”.
وتضم “المرحلة النموذجية للتدخل” تنفيذ برنامج نموذجي للتثمين المستدام للقصور والقصبات بالمغرب بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، باعتماد منهجية تأخذ بعين الاعتبار الجوانب التقنية والسوسيو-اقتصادية والبيئية. وشمل هذا البرنامج 22 وحدة تراثية بثلاث جهات: درعة تافيلالت (13 قصرا)، والشرق (8 قصور)، وسوس ماسة (قصر واحد)، مستهدفا “ساكنة تفوق 23 ألفا نسمة”، وفقا لمعطيات رسمية.
أما “المرحلة الوطنية 2025-2030” فتخص “إطلاق البرنامج الوطني للقصور والقصبات، كمرحلة ثانية موسعة، تهمّ حوالي 100 قصر وقصبة”، مع التأكيد على مقاربة ستتضمن “إعداد دفتر تحملات خاص بالترميم والتأهيل، يحترم الخصوصيات المعمارية ويشجع استعمال المواد المحلية”.
وأفاد ابن ابراهيم بأنه “تمت تهيئة عدد من القصبات الكبرى كنواة لمشاريع سياحية ثقافية وتنموية، كمثال: قصبة آيت بن حدو (ورزازات) المصنفة ضمن التراث العالم، وإعادة تأهيل قصر تاغجيجت وقصبة تازناخت و’قصر المعيدر’ بدعم من شركاء دوليين”.
وبموازاة “إدراج القصور والقصبات ضمن برامج السكن المساعد والتأهيل المندمج، خصوصا في المناطق المتضررة من التغيرات المناخية”، تنسّق وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير وسياسة المدينة مع قطاع الثقافة وقطاع السياحة ومختلف القطاعات المعنية بهدف صيانة هذا الموروث، عبر “ضمان التكامل في تدخلات التأهيل والترويج”.