أفادت مصادر عليمة لهسبريس بكشف تسريبات لتقارير أعدتها لجان تفتيش تابعة لمجالس الجهوية للحسابات، تحديدا بجهتي الدار البيضاء- سطات ومراكش- آسفي، عن تلاعبات مالية في شراكات وهمية بين جماعات ترابية وجمعيات مدنية، تديرها زوجات وأقارب رؤساء جماعات ومستشارين، في سياق توزيع المال العام على شبكاتهم الانتخابية، موضحة أن التقارير سجلت منح إعانات مالية دون احترام الضوابط القانونية، وبدون مصادقة مجالس جماعية أو توقيع اتفاقيات تحدد أهداف التمويل.
وأكدت المصادر ذاتها توقف قضاة الحسابات خلال التدقيق في العمليات المالية والمحاسباتية لجماعات عند وجود مؤشرات “ريع” بملايين الدراهم، يجري تدبيره من قبل رؤساء مجالس جماعية ومستشارين، من خلال شراكات وهمية تهدف إلى توزيع المال العام على شبكات موالين وحلفاء انتخابيين، موردة أن ملاحظات المفتشين ركزت على انفراد بعض الرؤساء باتخاذ قرارات تحديد مبالغ المنح دون الاستناد إلى أي معيار، وبمعزل عن مداولات المجالس، رغم أن توزيع المساعدات والدعم لفائدة الجمعيات يعد اختصاصا حصريا للمجالس الجماعية، وفقا لمقتضيات المادة 92 من القانون التنظيمي رقم 113.14.
وكشفت مصادر الجريدة عن تورط رؤساء جماعات ومنتخبين في منح دعم مالي لجمعيات دون إبرام اتفاقيات شراكة تحدد أهداف استخدام المبالغ الممنوحة أو برامج العمل، مؤكدة أن المنح وقعت من طرف رؤساء دون أن تتضمن قرارات الجماعة أي إشارة إلى مصادقة المجالس عليها، ومشيرة إلى رصد قضاة الحسابات قيام بعض الجماعات بصرف الدعم المالي مرتين في السنة نفسها لفائدة جمعيات معينة، دون التوفر على تقارير حول أنشطتها أو توضيح مصير المنح المحصلة؛ كما أبرزت أن ملاحظات المفتشين انصبت على غياب الضبط في المعطيات المالية المدرجة ضمن ملحقات البيانات، وهو ما استُدل عليه من خلال إشعارات تحويل مكررة لمبالغ مالية تراوحت بين 25 ألف درهم و60 ألفا.
يشار إلى أن عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، كان وجه مراسلة إلى الولاة والعمال، دعاهم فيها إلى تفعيل مسطرة العزل في حالات “تضارب المصالح” بمجالس جماعية؛ فيما نصت مقتضيات المادة 65 من القانون التنظيمي 113.14، المتعلق بالجماعات الترابية، على أنه “يمنع على كل عضو من أعضاء مجالس الجماعة أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة أو مؤسسات التعاون أو مع مجموعات الجماعات الترابية، التي تكون الجماعة عضوا فيها، أو مع الهيئات أو مع المؤسسات العمومية أو شركات التنمية التابعة لها، أو أن يبرم معها أعمالا أو عقودا للكراء أو الاقتناء أو التبادل، أو كل معاملة أخرى تهم أملاك الجماعة، أو أن يبرم معها صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، أو عقودا للامتياز أو الوكالة، أو أي عقد يتعلق بطرق تدبير المرافعة العمومية للجماعة، أو أن يمارس بصفة عامة كل نشاط قد يؤدي إلى تنازع المصالح، سواء كان ذلك بصفة شخصية أو بصفته مساهما أو وكيلا عن غيره أو لفائدة زوجته أو أصوله أو فروعه؛ وتطبق الأحكام نفسها على عقود الشركات وتمويل مشاريع الجمعيات التي هو عضو فيها”.
وسلطت عمليات الافتحاص المالي لميزانيات جماعية الضوء، حسب مصادر هسبريس، على منح بعض الرؤساء امتيازات مادية لتعاونيات، رغم أن ذلك لا يدخل ضمن اختصاصات المجالس الجماعية، على اعتبار أن التعاونيات مؤسسات ذات أهداف ربحية، ولا يجوز دعمها من المال العام، ما يعد خرقا واضحا لمقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات الترابية، مردفة بأن العمليات المذكورة مكنت من ضبط وضعية ملتبسة لزوجة مستشار في مجلس جماعة تابعة لإقليم برشيد، محسوب على الأغلبية، استفادت بصفتها أمينة المال لجمعية من اتفاقية شراكة لتدبير حافلات النقل المدرسي، بمعية شقيقتها، التي تشغل منصب رئيسة الجمعية ذاتها، وتستغل في الوقت نفسه مرفقا جماعيا في ملكية الجماعة نفسها.