لم تنج سهرات منصة سلا من فوضى التنظيم التي باتت سمة لصيقة بالدورة العشرين من مهرجان “موازين.. إيقاعات العالم”، في مشهد يثير تساؤلات حقيقية حول مدى احترافية التسيير، وتقدير المجهودات الفنية، خصوصا تلك المقدمة من الفنانين المغاربة.
السهرة التي كان يفترض أن تكون لحظة احتفالية بمسار مهرجان تجاوز عتبة العقدين تحولت إلى نموذج صارخ للاختلالات، سواء على مستوى احترام التوقيت، أو تدبير فقرات البرمجة.
وفي مشهد عاينه جمهور المنصة تجاوز الفنان “ديوك” المدة الزمنية المتفق عليها، والمحددة في ساعة واحدة، رافضا مغادرة المنصة، وسط غياب أي تدخل من المنظمين أو احترام للبرمجة.
وفاجأ صاحب “ميمتي” الحضور بغناء إحدى أغانيه ثلاث مرات متتالية على المنصة، ما أدى إلى تأخير واضح في برمجة السهرة، وأثر سلبا على سير الفقرات الموالية، ما كرس التسيب والاستخفاف الذي بات يعرفه المهرجان.
هذا التصرف لم يمر مرور الكرام، إذ أثر مباشرة على باقي فقرات السهرة، وجعل فقرة الفنان سليم كرافاطا تتأخر بساعتين إضافيتين قبل أن يعتلي المنصة عند الساعة الواحدة ليلا، وسط استياء للجمهور الذي ظل ينتظر بعدما كانت فقرته مبرمجة في حدود الحادية عشرة ليلا.
وعند صعوده للمنصة قدم سليم كرافاطا اعتذاره لمحبيه والجماهير التي ظلت في انتظاره، مشيرا إلى أن هذا التأخير ناتج عن أسباب خارجة عن إرادته.
ويرى مهتمون بالشأن الفني أن ما يحدث من تجاوزات بمنصة سلا منذ انطلاق المهرجان يعد “قلة احترام للفنان المغربي”، معتبرين أن ذلك ناتج عن “فوضى تنظيمية لا تليق بمهرجان يحمل صفة دولية”.
ولم تسلم الندوات الصحافية بدورها من مظاهر الارتجال والتخبط، إذ توصل الصحافيون، كالمعتاد، بجدول مواعيد اليوم عند الساعة الثالثة فجرا، في وقت متأخر لا يراعي أدنى شروط الاحتراف والتنسيق الإعلامي.
وأثار إدراج اسم الفنانة نجاة عتابو ضمن برنامج إحدى الندوات، رغم علم المنظمين المسبق باعتذارها عن المشاركة، استغراب المهنيين، واعتبره البعض “محاولة مكشوفة لاستقطاب الصحافة بأي ثمن”.
ويستمر هذا التسيير العشوائي في تأجيج حالة من الغضب وسط الجسم الإعلامي، ما يكرس حالة المقاطعة التي أعلنتها منابر عديدة احتجاجا على ما اعتبرتها “إهانة ممنهجة” للدور الصحافي في تغطية التظاهرة.
وتأتي هذه الحوادث لتعزز موجة الانتقادات الواسعة التي طالت هذه الدورة، بسبب ضعف التنظيم، وغياب رؤية واضحة لتدبير السهرات، علاوة على ما يعتبره كثيرون “تهميشا ممنهجا” للبرمجة المغربية ومنصة سلا، سواء من حيث الإمكانيات أو التغطية الإعلامية.
وفي وقت كان يفترض أن تكون الدورة العشرون لحظة تتويج مسار طويل من التنوع الفني، أضحت في نظر عدد من المتابعين مرآة عاكسة لاختلالات عميقة، وفقدان بوصلة التظاهرة، التي يبدو أن إيقاعاتها لم تعد منضبطة، ولا عاد ميزانها متوازنا.