سلط تحقيق نشره مركز الأبحاث الأمريكي “ذا ناشيونال إنتريست”، المتخصص في قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي، في مجلته التابعة، الضوء على تهديدات جبهة “البوليساريو” للمغرب والمنطقة، محذرا في الوقت ذاته من أن “إقامة دولة مستقلة تحت إدارة الجبهة في الصحراء قد تتحول إلى مصدر جديد لعدم الاستقرار الإقليمي”.
وأبرز التحقيق، المعنون بـ”لماذا تشكل جبهة “البوليساريو” تهديدا للمغرب والمنطقة؟”، أن المغرب هو الحاجز الوحيد الذي يقف أمام عدم تحول الصحراء إلى موطن لحكومة جهادية، في إشارة إلى الجبهة الانفصالية، مشيرا إلى تزايد وتيرة الاعترافات الدولية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، على رأسها الاعتراف الأمريكي والفرنسي، مبرزا أن سوريا نفسها التي كانت تدعم “البوليساريو” إلى جانب إيران والجزائر باتت تدعم الآن الطرح المغربي.
وأشار مركز الأبحاث الأمريكي ذاته إلى تقارير سابقة كشفت عن روابط مباشرة بين الجبهة الانفصالية وحزب الله المدعوم من إيران، بما في ذلك مكالمات تم اعتراضها بين المسمى مصطفى محمد لمين الكتاب المبعوث الخاص لجبهة “البوليساريو” في سوريا وبين عميل من حزب الله.
في هذه المحادثات، أضاف التحقيق، فإن “الكتاب يعبر عن تضامن أيديولوجي مع محور المقاومة الإيراني، ومتخيلا جبهة موحدة تضم غزة، ومرتفعات الجولان، وجنوب لبنان، وحتى الصحراء. كما يؤيد صراحة فكرة تنفيذ هجمات منسقة على إسرائيل تشمل حماس وحزب الله والجزائر وإيران، ويطلب المزيد من الدعم من حزب الله وإيران لمهاجمة الممثلية الدبلوماسية الإسرائيلية في المغرب”.
وأشار المصدر ذاته إلى اتهام المغرب، على لسان وزير خارجيته ناصر بوريطة، إيران بتسليح الجماعات المتطرفة والكيانات الانفصالية في المنطقة العربية، بما في ذلك جبهة “البوليساريو”، عبر تزويدهم بالطائرات المسيرة في محاولة لتقويض الأمن والاستقرار في المنطقة، لافتا إلى تصريح سابق لقيادي في “البوليساريو” أكد من خلاله استعداد طهران لتزويد الجبهة بطائرات انتحارية.
وأبرز تحقيق “ذا ناشيونال إنتريست” أن “جبهة “البوليساريو” كانت تُعتبر في السابق حركة قومية علمانية؛ لكنها في السنوات الأخيرة تحالفت مع بعض أكثر الفاعلين تطرفا في المنطقة. ففي حين شكلت الأيديولوجيا الماركسية خطاب الجماعة بدعم من كوبا وليبيا تحت حكم القذافي، فإن هذا الإرث تحول إلى واقع أكثر خطورة”.
وأكد أن “مخيمات تندوف أصبحت أرضا خصبة لتجنيد الجهاديين ومركزا لشبكات التطرف التي تنشط عبر منطقة الساحل”، مشددا على أن “علاقات الجماعة بالتطرف موثقة جيدا، فقد كان عدنان أبو الوليد الصحراوي، وهو مقاتل سابق في “البوليساريو”، قائدا لتنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل الكبرى قبل أن يُقتل على يد القوات الفرنسية في مالي”، مشيرا إلى تقرير استخباراتي ألماني كشف أن داعش والقاعدة يعملان بحرية في مخيمات تندوف وفي منطقة الساحل والصحراء.
وأكد أن جبهة “البوليساريو” لديها سجل طويل في تجنيد الأطفال كمقاتلين، مسجلا على صعيد آخر أن “المنتقدين لسيطرة المغرب على الصحراء يريدون تراجع الولايات المتحدة عن الاعتراف بسيادة المغرب، بحجة أن واشنطن يجب أن تعود إلى موقفها في 1991 الذي دعم استفتاء بدعم من الأمم المتحدة ليقرر الصحراويون من يحكمهم”، مضيفا أن “هذا الجدل كان قد يكون ذا صدى في تسعينيات القرن الماضي؛ لكنه اليوم قديم، ولا يتوافق مع مصالح أمريكا”.
وخلص إلى أن “الحقائق على الأرض تغيرت، إذ لم تعد جبهة “البوليساريو” مجرد حركة انفصالية؛ بل تحالفت مع خصوم أمريكا، بما في ذلك إيران وشبكات إسلامية متطرفة”، مشددا على أن “عكس سياسة الولايات المتحدة الآن يعني تقويض حليف إقليمي رئيسي، وهو المغرب، في وقت أصبح فيه دوره في مكافحة الإرهاب واستقرار المنطقة أكثر أهمية من أي وقت مضى”.