آخر الأخبار

باحثون: المغرب نموذج في تعزيز الحوار بين الحضارات في ظل تحديات الهوية

شارك

قال باحثون في الثقافة والحوار بين الحضارات والنزاعات المترتبة عنها إن المغرب يجسد، بكيفية ما، “عرّابا” للحوار بين الحضارات، “انطلاقا من تاريخه العريق كمجتمع متعدد الثقافات والأديان، ومن رؤية ملكية تضع التعايش والانفتاح والتسامح في صلب السياسات الوطنية والدبلوماسية”، مبرزين أن “المملكة لا تكتفي بالمقاربات الرمزية؛ بل تنخرط فعليا في مبادرات دولية، وتوظف مؤهلاتها التاريخية والجغرافية لتعزيز التقارب بين الشعوب”.

جاء هذا في تصريحات استقتها هسبريس في سياق تخليد اليوم الدولي للحوار بين الحضارات، لا سيما أن “العالم يعيش تصدعات متنامية وتوتّرات متعددة الأوجه باسم الهوية، تغذيها نزعات التطرف والكراهية والانغلاق”.

وقال الباحثون: “المغرب يقدم نموذجا متماسكا في إدارة التنوع، من خلال خيارات استراتيجية تقوم على الحياد الإيجابي، وترسيخ ثقافة السلام، وتفعيل دور مؤسسة إمارة المؤمنين في صون التوازن الروحي والديني، بما يجعله فاعلا موثوقا في جهود بناء عالم أكثر تفاهما وتعايشا”.

“دور بارز”

قال خالد التوزاني، أكاديمي وباحث رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي، إن المغرب “برز كبلد رائد في حوار الحضارات”؛ وذلك في ظل تحولات دولية متسارعة أعادت تشكيل فهم العالم لمعاني التعايش والاحترام المتبادل.

وأوضح التوزاني، خلال تصريحه لهسبريس، أن “المنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات”، الذي احتضنته مدينة فاس في نونبر 2022، “شكَّل محطة مفصلية عكست التزام المغرب العميق بقيم الحوار والتسامح والتعايش بين الشعوب، وتم التأكيد فيه على قيم الحوار والتسامح وأهمية جهود المغرب في حوار الحضارات وبناء السلام”.

وتابع رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي: “النتائج المحققة هي ثمرة جهود المغاربة، أفرادا ومؤسسات، وعلى رأسها مؤسسة إمارة المؤمنين؛ فقد اختار المغرب موقف الحياد في كثير من القضايا الدولية المستعصية، وخاصة النزاعات الإقليمية التي تتمثل أحيانا في حروب إعلامية أو سياسية بين عدد من القوى العربية والإسلامية والأوروبية والإفريقية؛ ما يجعل الحضور المغربي يتأثر بالصراعات الإقليمية وهذا التنافس”.

وأوضح الفاعل الثقافي أن “المغرب في مواقفه يختار الحياد الموضوعي والوقوف بعيدا عن أي تحيز إلى جهة على حساب أخرى، إضافة إلى التأكيد على الخيارات السلمية في تدبير الأزمات والنزاعات، وحرصه على تعزيز مبادرات الوحدة والتعاون وحسن الجوار”.

وأضاف المتحدث عينه أن “هذه الاختيارات المغربية الاستراتيجية مكَّنت من تعزيز مكانة المغرب التاريخية، وبناء جسور المستقبل مع كل القارات وكل دول العالم دون أي تمييز”.

ومضى شارحا: “ولذلك، لا غرابة أن يمد المغرب يد العون والتضامن إلى كل الدول والشعوب، دفاعا عن المشترك الإنساني والقيم السامية التي يؤمن بها، والمتمثلة في الحرية والحوار والكرامة والانفتاح والتضامن والتسامح والتعايش، وتبني الحلول السلمية في تدبير الاختلاف وتسوية النزاعات، انطلاقا من ثوابت وطنية ودينية يضمن بها وحدته”.

وختم رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي قائلا: “إن المغرب يمكن أن يؤدي وظيفة استراتيجية على مستوى تعزيز حوار الحضارات اليوم، من خلال استثمار مؤهلاته الثقافية، وخاصة التعددية والوسطية ضمن وحدة مغربية متماسكة، وأن يقدم للعالم رسالة إنسانية سامية، وبديلا حضاريّا مؤهَّلا للتأثير في الواقع الإقليمي والدولي، واحتواء الأزمات، والقضاء على الصراع، ونبذ التطرف والكراهية؛ وهو ما انخرط فيه المغرب مؤخرا من خلال إطلاق عدد من المبادرات”.

“نموذج فريد”

أفاد شادي البراق عبد السلام، الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، أن “المغرب يُعد نموذجا فريدا ورائدا في تعزيز الحوار بين الحضارات، مستندا في ذلك إلى تاريخه العريق كملتقى للثقافات والأديان، ورؤيةٍ ملكية متبصرة تدعو إلى التسامح والانفتاح والتعايش”.

واعتبر البراق، ضمن تصريحه لهسبريس، أن “هذا الدور لا يُختزل في مشاركات بروتوكولية تمليها الالتزامات الدبلوماسية؛ بل هو تجسيد عملي لسياسة متجذّرة تضع التنوع والتعايش في صلب الهوية الوطنية المغربية الجامعة. ويقدّم من خلالها المغرب نموذجا عمليا لبناء جسور التواصل بين الشعوب، بعيدا عن الصراعات والتمييز”.

وسجّل الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر أن اليوم الدولي للحوار بين الحضارات “مناسبة مهمة لتسليط الضوء على قدرة المغرب على إدارة النزاعات ذات الطابع الحضاري والديني، عبر ترسيخ نموذج يُحتذى به في التعايش والتفاهم المتبادل”.

وأورد المتحدث عينه أن البلد الشمال إفريقي “يتمتع بنسيج اجتماعي متنوع يضم مكونات عربية وأمازيغية وصحراوية وأندلسية، ويشهد تعايشا تاريخيّا بين المسلمين واليهود والمسيحيين؛ مما جعل هذا التنوع مصدرَ إثراء حضاري لا عاملَ صراع”.

وأشار الخبير إلى أن البلد “يُجسّد هذا الدور من خلال ركائز عديدة؛ أولاها كونه نموذجا للتعايش الديني والثقافي، حيث يتعايش في المملكة المسلمون واليهود والمسيحيون، إلى جانب مكونات ثقافية عربية وأمازيغية وحسانية. وقد كرَّس الدستور المغربي هذا التنوع كرافد من روافد الهوية الوطنية”، مبرزا أنه “تجاوز مرحلة التعايش ليصل إلى الاندماج الكامل؛ ما يجعله نموذجا فريدا في هذا المجال”.

وأوضح شادي البراق عبد السلام أن “القيادة الملكية الحكيمة تلعب دورا أساسيّا في هذا المجال، حيث يضطلع الملك محمد السادس بدور محوري في الدفاع عن قيم التسامح والتعايش إقليميّا ودوليّا”، لافتا إلى أن “الرسائل الملكية في المحافل الدولية تؤكد أهمية الحوار كآلية لبناء السلام، لا فقط كبديل للصراع، بل كرؤية تفاعلية إنسانية شاملة”.

وشدّد المتحدث سالف الذكر على أن “المملكة تعزز هذا الدور عبر آليات عديدة؛ مثل ترسيخ الأمن الروحي من خلال مؤسسة إمارة المؤمنين، وتنظيم فعاليات دولية حول الحوار بين الحضارات، ودعم المبادرات الأممية، والدعوة إلى مكافحة الكراهية والتطرف”.

وأبرز الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر أن “البلاد منخرطة بشكل فاعل في تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، وتُسهم في تعزيز العيش المشترك ومواجهة كل أشكال التمييز والتعصب؛ ما يعكس التزامها الصادق والعملي بهذه القيم”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا