علمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع أن مصالح التحصيل بالإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة انتقلت إلى السرعة القصوى في تقليص فاتورة “الباقي تحصيله”، واسترداد عشرات ملايين الدراهم من المبالغ المستحقة على مخالفين، ضمن ملفات تهريب كبرى، شملت الغش الجمركي وتهريب المخدرات والسلع المحظورة، موضحة أن هذه المبالغ لم تتمكن الجمارك من استردادها بالكامل على مدى سنوات، بسبب عدم ملاءة عدد كبير من هؤلاء المخالفين، وتعذر الوصول إلى ممتلكات مادية (عقارات أو منقولات أو أصول) لهم، يمكن الحجز عليها وبيعها في المزاد العلني.
وأفادت المصادر ذاتها بأن مصالح التحصيل الجمركية كثفت عمليات الحجز على عقارات ومنقولات مملوكة لمخالفين برسم ملفات تحصيل لفائدة الخزينة عن مخالفات جمركية وجنائية انتصبت فيها إدارة الجمارك طرفا، وذلك بالاستعانة بفنوات تبادل المعطيات مع الإدارات الشريكة، خصوصا المديرية العامة للضرائب والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح الطبوغرافي والخرائطي ومراكز التسجيل التابعة للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية “نارسا”، مؤكدة أن العمليات الجارية مكنت من خفض قيمة “الباقي تحصيله” ضمن البيانات المحاسبية للإدارة الجمركية، ومنعت سقوط مبالغ ديون ضخمة في خانة “المستحيل استخلاصه”.
وأكدت المصادر نفسها استناد عمليات التحصيل الجارية من قبل وحدة التنفيذ القضائي ومنازعات التحصيل، التابعة لقسم المنازعات بإدارة الجمارك، إلى دراسات داخلية أنجزت حول خفض الديون الجمركية إلى مستويات أكثر واقعية، بما يجعل إحصاءات التحصيل أكثر تمثيلا للواقع على الأرض، موضحة أن جهود التحصيل استهدفت المبالغ الكبرى، التي ظلت لسنوات مجرد أرقام معلقة في قواعد البيانات، في سياق تحول عملي في استراتيجية التحصيل، يجمع بين الواقعية القانونية والنجاعة الاقتصادية، حيث سعت الإدارة الجمركية إلى استغلال هذا التوجه من أجل تحويل الديون الصورية إلى عائدات فعلية تدعم خزينة الدولة.
وكان فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، قد أكد خلال مرور سابق بمجلس النواب بمناسبة مناقشة قانون تصفية الميزانية، أن قيمة الغرامات المتعلقة بتهريب المخدرات وجرائم أخرى، التي ما تزال في انتظار التحصيل من طرف إدارة الجمارك، تقدر بـ800 مليار درهم، معترفا بصعوبة تحصيل هذه الديون من طرف الدولة، وهي تمثل غرامات مستحقة لإدارة الجمارك على مجرمين صدرت ضدهم أحكام قضائية بسبب تورطهم في تهريب المخدرات، مشيرا إلى مناقشات جارية مع عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، ومحمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وزينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، بهدف استرجاع هذه المبالغ، فيما انتقد بطء الإدارة في تحصيل هذه الديون حينها.
وكشفت مصادر هسبريس استنفار عمليات التحصيل الجارية وحدة الدراسات ومتابعة التسويات القضائية لدى مصلحة المنازعات بالإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة، لغاية تفعيل الإجراءات المتعلقة بالإشعارات بالأداء وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لفائدة الإدارة، خصوصا عبر الحجوزات التنفيذية والحجز لدى الغير الحائز “ATD” والبيع بالمزاد العلني للممتلكات والمنقولات الخاصة بمدينين، مؤكدة أن العمليات الجديدة تستهدف استرداد أكبر قدر من الديون المتاحة لفائدة الخزينة قبل نهاية السنة الجارية.