على بعد أسابيع قليلة من حُلول فصل الصيف، “الذي يشهد تبدل عادات المستهلكين المغاربة”، في ظل “تفضيل الغالبية منهم برمجة إجازاتهم السنوية خلال هذا الفصل”، نبّهت جمعيات حماية المستهلك إلى أن “هذا التغير الذي يرفع الطلب بيّنت التجربة أنه يحفّز نمو كثير من الممارسات التي تخرق حقوق هذا الأخير، خُصوصا الزيادة غير المبررة في أثمان العديد من المنتجات والخدمات”.
وأوضحت الجمعيات ذاتها، في تواصل مع هسبريس، أن “تشتت المراقبة بين الكثير من المؤسسات يجعلها غير فعالة وأحيانا غائبة عن كثير من القطاعات”، مُتحدثة عن “كراء شقق غير آمنة للمستهلكين، وفرض أثمان عليهم بالفنادق تفوق تلك التي يؤديها الأجانب، مع اللجوء بواسطة أساليب احتيالية إلى تجاوز الأسعار المشهرة، خصوصا بالمطاعم”.
وتؤكد الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، على لسان رئيسها، أن الجمعيات التابعة لها “تواكب المواطن من خلال عمليات توجيهية وتحسيسية بالممارسات المذكورة، فضلا عن التدخل في حالة التوصل بشكايات من لدن المتضررين”.
وبدا أن بعض الجمعيات تعمد في هذا الصدد إلى توجيه عمليات التحسيس نحو الناشئة كذلك، بشراكة مع تنظيمات مدنية أخرى، إذ أعلنت مؤسسة التفتح للتربية والتكوين وادي المخازن بالقصر الكبير، مثلا، عن تنظيمها بشراكة مع الجمعية المغربية لحماية المستهلك والدفاع عن حقوقه ورشة تكوينية في مجال الاستهلاك، تحت شعار “المستهلك الصغير..نحو جيل ذكي في قرارته الشرائية”.
بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أوضح أن “عادات المستهلك في العالم بأسره تتغير خلال فصل الصيف، لأنه خلال هذا الفصل يقضي أغلب الأوقات خارج منزله”، مُوضحا أن “غالبية المغاربة يُفضلون الحصول على إجازاتهم السنوية خلال هذه الفترة، ما يرفع الطلب على عدة منتجات وخدمات”.
وأضاف الخراطي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “التجربة بيّنت أن الارتفاع الحاصل في الطلب على السكن في هذا الفصل يشجع الفنادق على مُضاعفة الأسعار على المغاربة، الذين يؤدون ثلاث إلى أربع مرات أكثر ما يؤديه السائح الأجنبي مقابل الغرفة الواحدة”، وزاد أن “هذا حيف واضح في حقّ المستهلك المغربي”.
كما تعمد المطاعم، وفق المتحدّث نفسه، إلى “زيادة أثمان الوجبات، على أن ما يحز في النفس هو لجوء بعضها، خاصة في أكادير، إلى إشهار أسعار محددة ثم النصب على المستهلك بالزيادة فيها من خلال تقديم مأكولات أخرى إلى جانب الوجبة المطلوبة، دون إخباره بأنها لا تندرج في الثمن المُشهر”، مُشيرا إلى أن “أثمان الشقق المفروشة، خاصة في المدن الساحلية، تلتهب بدورها في الصيف”.
ولفت الخراطي إلى ضرورة “أداء المؤسسات الحكومية مهام المراقبة الاستباقية”، موردا أنه “في بعض المدن، خصوصا ذات التجربة السياحية، تُشكل لجان للتهيؤ لفصل الصيف، غير أنها تظل مكتوفة الأيادي نظرا لغلبة لوبيات القطاعات المعنية بالمراقبة”، ومشددا على أن “بعض الوزارات لا تقوم بواجبها على الوجه المطلوب”.
كما انتقد المصرّح “تشتت المراقبة بين المؤسسات، إذ يتيعن على اللجنة المختلطة التي تسهر عليها العمالة أن تراقب إشهار الأسعار، فيما يتعيّن على وزارة السياحة أن توفد موظفين للنزول بالفنادق على أساس أنهم زبائن، لمعرفة كيفية تعاملها مع المستهلك، وهو ما لا يتم في الواقع”، مشددا على “ضرورة القطع مع هذا التشتت وإحداث المؤسسة المستقلة لمراقبة وحماية المستهلك”.
علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، أكد أن “الصيف دائما ما كان يشهد تكاثر ممارسات الغش والتدليس”، مردفا: “كفاعلين مدنيين في حماية المستهلكين نحرص بالموازاة على توجيه إرشادات تحسيسية للمواطن بضرورة الابتعاد عن جميع المنتجات والخدمات المعروضة بالشارع، وبعيدا عن أعين المراقبة”.
وشدد شتور، ضمن تصريح لهسبريس، على أن “الكثير من محلات الوجبات الخفيفية تلجأ خلال فصل الصيف إلى تغطية الطلب المرتفع بتوظيف المواد منتهية الصلاحية”، متابعا أن “النصب يكثر كذلك في كراء الشقق، إذ إن المفروشة منها توجه مفاتيحها إلى عدة سماسرة، ما يعرّض المواطنين المكترين في كثير من الأحيان للسرقة”.
وأوضح الفاعل المدني نفسه أن “المستهلك المغربي مُطالب بالتوجه نحو وكالات معروفة من أجل الحصول على كراء آمن”، مؤكدا أن “الحكومة بدورها يتعيّن عليها تفعيل الصرامة في هذا الصدد، من خلال فرض توفر المكترين على رخص، وأن يكونوا معروفين لدى السلطات”، ومنبّها إلى أن “الفنادق، بدورها، ترفع الأسعار، رغم أن البيت المحجوز يظل هو نفسه، ولا تستفيد الدولة من أي زيادة في ثمنه”.
ويرى رئيس الجمعية المغربية لحقوق المستهلك أن “المواطن المغربي يتعيّن عليه أن يتملك ثقافة استهلاكية، حتى نحصل على مجتمع راق في الاستهلاك، يعرف ما له وما عليه”.