من أجل ضبط مهنة الوسطاء ومُحاصرة تعددهم الذي يؤثر على سعر البيع النهائي للمستهلكين دعت مبادرة تشريعية جديدة إلى تنظيم هذه المهنة، سواء بالنسبة للخضر والفواكه أو الأسماء أو غيرها، عن طريق الحصول على اعتماد من الوزارة، مُقترحة معاقبة من يزاول دون هذا الترخيص بغرامة لا تقل عن مليون سنتيم، ويصل حدها الأقصى إلى 5 ملايين.
وتقدّم الفريق الحركي بمجلس النواب بمقترح قانون يقضي بتنظيم مهنة الوسيط التجاري، يهدف إلى تنظيم هذه المهنة “في المنتجات ذات المنشأ البحري أو ذات المنشأ القروي والجبلي”، وذلك من خلال “تحديد الخدمات التي يمكن تقديمها من طرف الوسطاء”، و”تحديد الشروط المتعلقة بمزاولة المهنة”.
وفي هذا الصدد تنص المادة الثانية من النص القانوني، الذي طالعته هسبريس، على أنه “يقصد بالمنتجات ذات المنشأ البحري الأسماك بمختلف أصنافها، وبالمنتجات ذات المنشأ القروي والجبلي كل منتج فلاحي أو تقليدي يتم إنتاجه في المجال القروي أو الجبلي”.
أما الوسيط، حسب مقتضى المادة نفسها، فيقصد به “كل شخص ذاتي أو اعتباري يتولى بشكل اعتيادي أو احترافي تسويق المنتجات المشار إليها، سواء بشراء المنتجات من الفلاحين أو التعاونيات، بهدف إعادة بيعها، أو بربط علاقات تجارية مباشرة أو غير مباشرة بينهم وبين الأسواق وبين الأسواق أو الموزعين أو المستهلكين”.
ووفق المادة الثالثة من المقترح نفسه “يكتسب الوسيط في المنتجات ذات المنشأ القروي والجبلي والبحري صفة تاجر بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية لأنشطة أعمال الوساطة بمقتضى المادة 6 من مدونة التجارة، بما يترتب على ذلك من واجبات التسجيل في السجل التجاري ومسك المحاسبة والخضوع للرقابة الضريبية”.
وتمنع المبادرة التشريعية ممارسة مهنة الوساطة “إلا بعد الحصول على اعتماد يسلمه القطاع المكلف بالفلاحة والصيد البحري أو قطاع الاقتصاد التضامني”، على أن “يحدد نص تنظيمي شروط الحصول على الاعتماد، والخدمات التي يقدمها الوسطاء، والقرارات المتعلقة بشروط التخزين والنقل، ومنع الاحتكار والمضاربة، وكذا آليات المراقبة”.
وبالإضافة إلى ضرورة التوفر على الجنسية المغربية يشترط النص القانوني في طالب الاعتماد “ألا يكون أدين بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف أو النزاهة أو الاستقامة أو بسبب ارتكابه جنايات أو جنحا تتعلق بالأموال”، و”ألا يكون موضوع تسوية أو تصفية قضائية”، مع “توفره على سجل تجاري أو تعاوني أو مقاولة ذاتية”، وأن “يكون مقره الإجمالي بالمغرب”.
أما بشأن المراقبة والعقوبات فنبّهت المادة السابعة من مقترح القانون إلى أن أنشطة الوسطاء تخضع للمراقبة “من طرف المصالح المختصة التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالفلاحة، والسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، ويمكن أن تسند بعض المهام للغرف المهنية”.
وتسحب الإدارة الوصية الاعتماد في حالات “عدم احترام هامش الربح المحدد”، و/أو “القيام بممارسات تدليسية للرفع من هوامش الربح من خلال تعدد الوسطاء في سلسلة الشراء والبيع في الأسواق”، وكذا عند “القيام بممارسات احتكارية وكل أشكال المضاربة”، وفق المادة الثامنة.
ويقترح الفريق الحركي بمجلس النواب معاقبة “كل من يزاول الوساطة بدون ترخيص بغرامة مالية من 10.000 إلى 50.000 درهم، مع إمكانية الحجز على البضاعة في حالة العود، فضلا عن العقوبات الإدارية أو القضائية المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل”، كما نصت المادة 9 من مقترح القانون.
واستحضرت المذكرة التقديمية للمقترح أن الملك محمدا السادس أكد في خطاب العرش لـ30 يوليوز 2011 أن “التعاقد الاقتصادي الجديد يقضي من ضمن ما يقتضيه بشروط المنافسة الشريفة، وآليات تخليق الحياة العامة وضوابط زجر الاحتكار والامتيازات غير المشروعة واقتصاد الريع والفساد والرشوة…”.
من هذا المنطلق، يضيف الفريق الحركي، “أشارت مجموعة من التقارير، سواء الصادرة عن مؤسسات الحكامة أو الصادرة عن المؤسسة التشريعية، إلى التمركز الإستراتيجي للوسطاء بين المنتجين والمستهلكين، ووجود جهات وسيطة متعددة في قناة التوزيع”.
لذلك ارتأى نواب الحركة الشعبية “تقديم مقترح قانون يقضي بتنظيم مهنة الوسطاء، وذلك بالنظر إلى كونهم يتمتعون بقوة سوقية كبيرة في تحديد الأسعار، كما أن عدم خضوعهم لأي تنظيم من شأنه التأثير على المستهلك النهائي، إذ إن كل وسيط يضيف هامشه الإجمالي الخاص به إلى سعر التوريد”.
وأكد المصدر نفسه أن “هذا الوضع ترتب عليه ارتفاع هامش الربح للوسطاء، مقارنة بالربح الذي يحصل عليه المنتجون، كما أن طول سلسلة التوزيع وتعدد الوسطاء يؤثر على سعر البيع النهائي للمستهلك”.