بعد “الحماس الكبير” الذي أبدته المعارضة لفكرة ملتمس الرقابة، وتولّي الدفاع عن “أهميتها في إثارة المسؤولية السياسية للحكومة”، عبّر نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، عن خيبة أمله بعد إعلان الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، صباح الجمعة، وقف أي تنسيق بخصوص الملتمس، وقال: “هذه إساءة للممارسة السياسية ولصورة المعارضة المؤسساتية ببلادنا”.
وتأسف بنعبد الله، ضمن حديثه إلى جريدة هسبريس الإلكترونية، لتعرض الفكرة لـ”بَوار واقعي وسياسي مرتين”، وزاد: “مرة أخرى نأسف لإفشال محاولة تقديم ملتمس رقابة، لأسباب ثانوية هامشية لا ترقى أبدًا إلى التطلّعات التي يتيحها الملتمس لجعله لحظة محاكمة ومحاسبة قوية لحكومة لم تف بالتزاماتها ووعودها إزاء الرأي العام، وأخفَقت في التجاوب مع انتظارات فئات واسعة من شعبنا”.
وبالنظر إلى “بروز الخلاف بين مكونات المعارضة وتمسك كل طرف بالظهور في واجهة المشهد”، بما يعيد إلى الواجهة ما أسماها محللون مغاربة مرّة “الأنانية السياسية” التي تحكم الفكر السياسي والعملي للمعارضة المغربية، عقّب الأمين العام لـ”حزب الكتاب” على هذه “الحقيقة” التي طرحتها هسبريس، موردا: “الأنانية لم تتسرب إلينا. وبقية الأطراف في المعارضة النيابية تشهد أننا تنازلنا لإسناد المبادرة”.
وتابع المتحدث عينه شارحًا: “في المرة الأولى كما في الثانية تميز موقفنا بتعامله بشكل أساسي مع ملتمس الرقابة على مستوى مضامينه وعمقه وأهميته السياسية، دون الدخول أبدًا في أي اعتبارات ثانوية”، مسجلا أن “الحزب تعامل على أساس تقريب وجهات النظر ومحاولة التوسط بين مختلف مكونات المعارضة الأخرى”.
كما أضاف بنعبد الله أن فريقه النيابي “تقدم بعدة مقترحات، خاصة هذه المرة، مع مناشدة الجميع ألا تُعرّض المحاولة مجددًا للفشل”، ثم دفع بنقطة من المرتقب أن تعمق الخلاف بين بقية مكونات المعارضة، مردفا: “بلاغ فريق ‘الوردة’ يتضمن مجموعة من المعطيات التي تنطبق على كل مكونات المعارضة الثلاثة”، أي الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية نفسه والفريق الحركي، والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية.
ولفت القيادي الحزبي ذاته إلى “فهم حساسية اللحظة والمرحلة، ولذلك يعلم الجميع أن الحزب كان مشاركا، غير أنه لم يكن يطالب لا بقراءة، ولا بتقديم، ولا بتزعم أي شيء، بقدر ما كان يعتبر أن أهمية اللحظة أسمى بكثير من هذه الاعتبارات”، وفق تعبيره، وزاد: “نحن اليوم أمام نتيجة واحدة، وهي إفشال المبادرة، وإعطاء صورة سيئة جدًا عن الفضاء السياسي، وخاصة عن مكونات المعارضة”.
وأقرّ المسؤول الحكومي السابق بأن “إخفاق المبادرة يُبهجُ الجهاز التنفيذي والحزب القائد للائتلاف الحكومي”، مضيفا أن “إفشال المبادرة يبعث المدبرين الآن إلى فضاء الطمأنينة أمام تعطّل آلية المساءلة، وآلية اختبار حصيلة الحكومة انطلاقا من مساءلة حقيقية، قوية وسياسية”.
وبالنسبة للأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية فإن “غياب الخمس كنصاب يعني إقبار المبادرة”، لكن “تداول ملتمس الرقابة بين أن ثمّة مكونات تمارس بالفعل معارضة وطنية ديمقراطية مسؤولة وقوية”، مع تسجيل “وجود أطراف أخرى تعارض لفظًا وعلى مستوى المواقف المعلنة، بيد أنها تقوم بتصرفات أخرى عندما نأتي للتصويت ولساعة الحسم، وهذا مؤسف جدًا”، بحسبه.
وقال الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية بمجلس النواب في بلاغ توصلت به هسبريس: “للأسف، وبعد سلسلة من الاجتماعات، لم نلمس أي إرادة حقيقية وصادقة لإخراج المبادرة إلى حيز الوجود؛ حيث فضلت بعض مكونات المعارضة الدخول في تفاصيل ذاتية وتقنية لا علاقة لها بالأعراف السياسية والبرلمانية المتوافق عليها والمعمول بها”.
كما سجل المكون الأول في بنية المعارضة بالغرفة البرلمانية الأولى أن “البعض اعتمد التشويش على المبادرة بالتسريبات الإعلامية التي تخدم أجندته وتعمد إلى تضليل الرأي العام، وكذا إغراق المبادرة في كثير من الانتظارية وهدر الزمن السياسي بعيدا عن أخلاقيات التنسيق والتداول المسؤول بين مكونات المعارضة”.
وزاد فريق الوردة: “لم تلمس أي رغبة في التقدم من أجل تفعيل ملتمس الرقابة؛ بل كان هناك إصرار على إغراق المبادرة في كثير من الجوانب الشكلية التي تتوالد في كل اجتماع جديد”، مضيفا أن “الغايات من ملتمس الرقابة كآلية رقابية من أجل تمرين ديمقراطي يشارك فيه الجميع قد اختفت وحلت محلها رؤية حسابية ضيقة تبحث عن الربح السريع بدون تراكمات فعلية”.