لم يستسغ كثير من النشطاء الحقوقيين، خصوصا المدافعين عن المال العام، الذين تقدموا في مناسبات كثيرة بشكايات إلى السلطات القضائية ضد مسؤولين متهمين بتبديد أموال عمومية، رفض عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، التعديلات التي تقدم بها نواب برلمانيون على المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية.
ونزل هذا الرفض الذي تبناه الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة أمس الثلاثاء بمجلس النواب كالصاعقة على المدافعين عن المال العام، معتبرين أن هذا الإصرار من لدن المسؤول الحكومي يعارض المقتضيات الدستورية ويضرب استقلالية السلطة القضائية.
ويؤكد عبد الإله طاطوش، رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان وحماية المال العام، أن رفض وزير العدل المقترحات المقدمة حول المادة الثالثة من مشروع القانون رقم 03.23 بتغيير القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية “يتعارض مع المقتضيات الدستورية، وخاصة الفصل 118 وكذا الفصل 12 المتعلق بالمجتمع المدني، الذي يعتبر شريكا أساسيا في تقييم وصناعة السياسات العمومية”.
ولفت طاطوش، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “هذا الأمر يناقض كذلك الالتزامات الدولية للمغرب، وخاصة اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمكافحة الفساد التي تعتبر المجتمع المدني شريكا أساسيا في ذلك”.
وسجل الفاعل الحقوقي ذاته أن المادة 3 المعروضة ضمن المشروع “تعتبر تكبيلا لمؤسسة دستورية، وهي النيابة العامة، وضربا لاستقلالية السلطة القضائية المنصوص عليها في الفصل 107 من الدستور”، مضيفا أنها “تتعارض كذلك مع المادتين 40 و49 من قانون المسطرة الجنائية اللتين تمنحان صلاحيات واسعة للنيابة العامة لاتخاذ ما تراه مناسبا بخصوص الشكايات التي تتلقاها”.
واعتبر المتحدث نفسه أن “الوزير في وقت كان لزاما عليه الاجتهاد وإخراج قانون الإثراء غير المشروع يتناسى أن من أدوار الجمعيات محاربة الفساد ونهب المال العام، وهي تقوم بأدوار مهمة في هذا الجانب، ولا أدل على ذلك عدد الملفات التي تمت إثارتها وحوكم منتخبون ومسؤولون على ضوئها”.
كما أن هذا القرار، يضيف رئيس الجمعية المذكور، “يناقض موقف الهيئات الدستورية الثلاث المتمثلة في المجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، التي قدمت ملاحظات حول هذه المادة وأظهرت دور المجتمع المدني في محاربة الفساد ونهب المال العام”.
من جهته اعتبر محمد سقراط، رئيس المنظمة المغربية لحماية المال العام، أن “هذا القرار يناقض الدستور ورأي الهيئات الدستورية الاستشارية، ويضرب في العمق مصادقة المملكة على اتفاقيات دولية”.
ولفت سقراط، في تصريحه للجريدة، إلى أن “المجتمع المدني يعتبر شريكا أساسيا في قضايا الشأن العام، ولا يمكن فرملة أدواره من خلال منعه من الحق في التبليغ عن الفساد والمفسدين”.
وشدد رئيس المنظمة المغربية لحماية المال العام على أن “اشتراط حصول الجمعيات التي ترغب في الانتصاب كطرف مدني في القضايا الزجرية على إذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل لا يعدو أن يكون تضييقا على العمل المدني الجاد، ويضرب تكريس الأدوار الدستورية للمجتمع المدني والمشاركة المواطنة، ويسيء لصورة البلد أمام المنتظم الدولي”.