آخر الأخبار

رحيل الممثل محمد الشوبي .. غياب الجسد يخلد المواقف والعطاء الفني

شارك

فقدت الساحة الفنية المغربية صباح اليوم أحد أبرز وجوهها، ورمزاً من رموزها الكبار، الممثل القدير محمد الشوبي، الذي رحل تاركا خلفه سيرة فنية ملتصقة بوجدان المغاربة، وملامح لا تخطئها العين على الشاشات الصغيرة والكبيرة، وذلك بعد صراع مع المرض الذي لم يقعده عن الحلم إلى آخر رمق.

ولد محمد الشوبي سنة 1963 بمدينة مراكش وترعرع بين أزقتها التي شكلت أولى ملامح عشقه للفن، ثم التحق مبكرا بمسرح الهواة، قبل أن يصقل موهبته من خلال التكوين الأكاديمي بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، الذي تخرج منه سنة 1990، حيث كان انتماؤه إلى هذا المعهد بداية انتقاله من الهواية إلى الاحتراف، واضعا بذلك أولى لبنات مسيرة طويلة امتدت لأزيد من ثلاثة عقود من الزمن نقش فيها اسمه بحروف من ذهب بتشخيصه القوي، مشاكسته وحسن انتقائه لظهوره.

مصدر الصورة

لم يكن الشوبي مجرد ممثل، بل كان أيضا مثقفا حرا وناقدا صريحا للواقع الفني والاجتماعي، عُرف بمواقفه الجريئة، وبتعبيره عن آرائه بشفافية حتى وإن كلفه ذلك أحيانا بعض الإقصاء داخل الساحة الفنية. ففي مارس 2022، أعلن اعتزاله المؤقت، احتجاجا على ما وصفه بالفساد في المجال الفني، معبرا عن خيبة أمله في غياب الإنصاف والاعتراف بالمجهودات الصادقة.

رغم الصعوبات التي واجهها في مسيرته، ظل الشوبي محل تقدير من جمهوره ومحيطه الفني، حيث حظي بتكريمات في عدد من المناسبات والتظاهرات الكبرى، وتُوج بالعديد من الجوائز عن الأدوار التي قدمها، أبرزها تكريمه بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، وبالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، الذي اعتبره محطة اعتراف بمسيرته الزاخرة بالعطاء.

رحيل الفنان محمد الشوبي ترك أثرا واسعا في قلوب زملائه ومحبيه، فتقاطعت كلمات النعي بين مشاعر الحزن، والامتنان، والاعتراف بجميل عطائه الفني والإنساني الكبير.

وصفت الممثلة المغربية بشرى أهريش، في تصريح لهسبريس، خبر وفاة الشوبي بـ”الحزين”، مبرزة أن الراحل “كان دائما القلب الكبير الذي يحتضن الجميع. اشتغلت معه كثيرا في المسرح، وكان كريما مع زملائه، يلبي الطلب، ويسعى لرسم صورة جميلة لدى الجمهور المغربي من خلال أعماله السينمائية والتلفزيونية”.

وأضافت أهريش: “كان قارئا ومثقفا ومهتما بقضايا الوطن، لا يبخل بإبداء رأيه”، مستحضرة آخر لقاء جمعها به شهر دجنبر الماضي في مهرجان مراكش، قائلة: “حضر رغم المرض الذي أنهكه، ليعانق الجميع ويضحك معهم، فأصر على الحياة… ضحكنا حتى من لحظات المرض الصعبة التي مر بها. صحيح أنه الآن رحل جسداً، لكن ستظل روحه معنا.”

مصدر الصورة

ووجهت الممثلة ذاتها تحية شكر واحترام وإجلال لزوجة الفقيد “عزيزة”، وأشادت بخصالها الحميدة، ووقفتها بجانبه، ومساندتها الدائمة له قبل المرض وبعده، مقدمة تعازيها الحارة لها ولأبنائها ولجميع المغاربة في مصابهم الجلل.

من جهته، عبّر المخرج المسرحي والفنان المغربي أمين ناسور عن ألمه لفقدان الشوبي، قائلا: “الراحل إنسان سخي ومعطاء، خريج ‘ليزاداك’، الذي أحب الفن فترك الوظيفة العمومية لأجله، وآمن برسالته منذ شبابه، فكافح وقاوم من أجل البقاء في الساحة الفنية، وكان صديقا للجميع، سواء من الرواد أو من الشباب، ويحب الخير للناس”.

وأضاف ناسور أن “الشوبي أعطى الكثير للمسرح والتلفزيون والسينما المغربية، وكان مناضلا ونقابيا حقيقيا، له مواقف واضحة مشهود له بها في السياسة والفن، وكان يعبر عن رأيه دون خجل وبكل جرأة”، مردفا: “عاش رجلا ورحل رجلا. أقول له: شكرا لك، ونطلب له الرحمة والمغفرة، ونطلب منه أن ينقل سلامنا لكل الرواد والفنانين الذين غادرونا”.

من جانبه، عبر الفنان المغربي محمد خويي، رفيق درب الراحل، عن حزنه العميق لوفاته، قائلا: “بقلوب يعتصرها الألم، وبعيون يملؤها الحزن، ننعى الفنان القدير والصديق العزيز محمد الشوبي، الذي رحل عنّا بعد مسيرة فنية وإنسانية مشرفة، أغنى خلالها الساحة الثقافية المغربية بعطائه الصادق، وبصم بروحه النقية قلوب كل من عرفه عن قرب أو تابع إبداعه من بعيد.”

وأضاف: “كان محمد الشوبي أكثر من فنان بارع؛ كان صوتا للحق، وضميرا حيا، وصديقا وفيا لا يتردد في مد يد الدعم لكل من قصده. غيابه خسارة فادحة لنا جميعا ولكن عزاءنا في الإرث الكبير الذي تركه، وفي الذكرى الطيبة التي ستظل عالقة في النفوس.”

مصدر الصورة

وختم خويي بالقول: “رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه وأصدقاءه ومحبيه جميل الصبر والسلوان. عزاؤنا واحد، إنا لله وإنا إليه راجعون.”

وقالت السيناريست بشرى ملاك، في تصريح لهسبريس، إن “الساحة الفنية المغربية اليوم تعيش حزنا عميقا بفقدانها رقما كبيرا في عالم التمثيل بالمغرب”، مضيفة أن الشوبي “سيبقى في أذهان وقلوب جميع المغاربة لمدة طويلة، لأنه بصم اسمه بأعماله، ودخل كل بيت مغربي عبر الشاشة”.

بدوره، أعرب الممثل الكوميدي المغربي مهدي تكيطو عن حزنه الكبير لفقدان الممثل الشوبي، مبرزا أنه اشتغل معه في شريط تلفزي، جسد فيه دور والده، فأحس بالراحل كأنه أب حقيقي له، بتواضعه ولطفه وخصاله الخيرة.

وقال تكيطو، في حديث مع هسبريس، أنه قام مؤخرا بزيارته في المستشفى حيث كان يرقد، ففرح كثيرا بزيارته، موردا أن “غياب نجم من قيمته الفنية والإنسانية خسارة كبيرة للمغاربة وللساحة الوطنية”.

وبرحيل محمد الشوبي، فقد المغرب قامة فنية استثنائية، طبعت ذاكرة الأجيال بأعمالها التي أثرت المشهد الفني، وساهمت في صياغة وعي ثقافي أصيل ومتنوع. وترك الراحل إرثا فنيا وإنسانيا سيظل حاضرا في الوجدان، كما ستبقى سيرته مثالا للفنان الصادق، المثقف، المؤمن برسالة الفن وكرامة المهنة، بعيدا عن المتطفلين.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا