آخر الأخبار

دراسة ترصد ثغرات حماة المستهلك المغربي من "عقود الذكاء الاصطناعي"

شارك

توصلت دراسة علمية حديثة إلى أن الإطار القانوني المغربي فيما يتعلّق بالعقود وحماية المستهلك “يعاني من بعض الثغرات عندما يتعلق الأمر بتنظيم العقود التي تنطوي على تقنيات الذكاء الاصطناعي”، مشيرة إلى أنه لا يحتوي على “أحكام محددة لمواجهة التحديات التي تفرضها هذه التكنولوجيا الناشئة”.

وذكرت الدراسة الموجودة ضمن العدد الذي صدر حديثا عن مجلة “المؤتمرات العلمية الدولية”، الصادرة عن “المركز الديمقراطي العربي الألماني”، وهي تحت عنوان “الحماية القانونية للمستهلك في مواجهة تقنيات الذكاء الاصطناعي.. إشكالية كفاية النصوص التشريعية المغربية في ظل التعاقد مع الوكيل الذكي وتحديات المسؤولية عن الأضرار”، أن “مسألة المسؤولية لا تزال غير واضحة من الناحية القانونية في المغرب” فيما يتعلّق بالأضرار الناجمة عن تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وانطلقت الدراسة من أن “استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في إبرام العقود يثير تحديات قانونية كبيرة، خاصة فيما يتعلق بحماية المستهلك”، مشيرة إلى أنه “مع التطور السريع لهذه التقنيات واستخدامها المتزايد في مختلف المجالات يجد المستهلكون الآن أنفسهم يتفاعلون بشكل مباشر مع هذه الأنظمة، مما يخلق قضايا قانونية معقدة”.

ووضّحت الدراسة، التي أعدتها الطالبة الباحثة بسلك الدكتوراه سمية المطيطي، أن القانون رقم 31.08 المتعلّق بحماية المستهلك “لا يتضمن (..) أحكاما محددة تتعلق بالمسؤولية الناشئة عن الإجراءات أو القرارات التي تتخذها الآلات الذكية. ولذلك من الضروري تطوير سوابق قضائية ومبادئ قانونية واضحة لتحديد المسؤول في حالة حدوث خطأ أو ضرر ناجم عن خوارزميات الذكاء الاصطناعي”.

وأضاف الإسهام العلمي المنجز بإشراف من الأستاذ بجامعة محمد الخامس أنه “على الرغم من التحديات القانونية التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، فمن المهم التأكيد على أن القوانين الحالية في المغرب لا تزال قادرة على توفير بعض الحماية للمستهلكين”، إذ “يمكن استخدام مفهوم حسن النية التعاقدية والمسؤولية المدنية بموجب القانون العام لتقييم وحل النزاعات المتعلقة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي”.

كما يمكن في هذا الصدد “تطبيق المبادئ الأساسية لحماية المستهلك الواردة في القانون رقم 31-08 على الحالات التي تنطوي على الذكاء الاصطناعي”.

وفي هذا الصدد أبرزت الدراسة، التي طالعتها هسبريس، أن “تكييف القانون المغربي مع الواقع الجديد، الذي تفرضه تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، يتطلب إعادة تقييم شاملة للقواعد القائمة واتخاذ تدابير استباقية لضمان الحماية الكافية للمستهلك”.

ولفتت إلى أنه “من الضروري تصميم إطار قانوني متين ومتكيف يأخذ في الاعتبار خصوصيات العقود المبرمة مع وكلاء أذكياء من أجل ضمان اليقين القانوني وتعزيز الابتكار المسؤول في هذا العصر الرقمي الذي يتطور باستمرار”.

ونبّهت الباحثة سمية المطيطي إلى أن “المسؤولية عن الضرر الذي يسببه العملاء الأذكياء تظل مسألة قانونية مثيرة للقلق”، مبرزة أنه “في سياق العقود التقليدية تظل المسؤولية من حيث المبدأ ناجمة عن فعل الشخص، ويمكن إثباتها عن طريق الخطأ أو الإهمال أو انتهاك الالتزامات التعاقدية”.

ولكن “في حالة الوكلاء الأذكياء، من الصعب تحديد المسؤولية لأنهم يتصرفون وفقًا للخوارزميات، وقد تكون لديهم قدرة محدودة على اتخاذ قرارات مستقلة”، يضيف المصدر ذاته، مشيرا إلى أنه “لذلك ينبغي توضيح مسألة من المسؤول عن الضرر الناجم عن تصرفات العملاء الأذكياء من خلال تنظيم محدد”.

وعادت الدراسة العلمية لتلفت الانتباه إلى أن التشريعات الحالية، سواء قانون الالتزامات والعقود المغربي أو القانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك، “قد لا تكون كافية لمواجهة التحديات التي تفرضها العقود التي تنطوي على وكلاء أذكياء”.

وفي الإطار التشريعي التقليدي، تشرح الباحثة، “تُنسب المسؤولية عمومًا إلى الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الذين لديهم سيطرة مباشرة على الأفعال المسببة للضرر”، مشيرة من جانب ثان إلى أنه “في حالة الوكلاء الأذكياء المستقلين قد يكون من الصعب إسناد المسؤولية إلى كيان معين لأن القرارات التي تتخذها هذه الأنظمة يمكن أن تكون نتيجة العمليات معقدة وغير قابلة للتنبؤ بها”.

وثمّة “مشكلة رئيسية أخرى تكمن في التعويض عن الأضرار التي تسببها أنظمة الذكاء الاصطناعي”، إذ “في غياب أحكام تشريعية محددة وسوابق قضائية راسخة قد يكون من الصعب تحديد آليات التعويض المناسبة والكيانات المسؤولة عن دفع التعويضات”، يتابع المصدر عينه.

وشدّدت الدراسة العلمية عينها على أنه من “الضروري تطوير آليات فعالة لمعالجة هذه القضايا، سواء من خلال صناديق التعويضات المنفصلة التي تمولها الجهات الفاعلة في صناعة الذكاء الاصطناعي، أو التأمين المحدد أو حزم التعويضات الأخرى”.

وأبرزت أن إنشاء مثل هذه الآليات يتطلب “تعاونا وثيقا بين الهيئات التنظيمية وشركات الذكاء الاصطناعي والمستهلكين لضمان الحماية الكافية في حالة حدوث ضرر ناجم عن أنظمة الذكاء الاصطناعي”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا