كشفت قيادات من حزب العدالة والتنمية عن تفاصيل التحضير للمؤتمر الوطني التاسع للحزب، المرتقب أن ينعقد يومي 26 و27 أبريل الجاري، مفيدة بأن ما تترقبه “عرسا في الديمقراطية” سيضم 1500 مؤتمر، وأن الأوراق السياسية التي سيتم عرضها خلاله، أساسا الورقة المذهبية والأطروحة السياسية، اللتين تمسكتا “بالمرجعية الإسلامية”، تؤكدان “الانخراط في التصدي لاستهداف الوحدة الترابية”، و”الانحياز للمقاومة الفلسطينية”.
وأورد إدريس الأزمي، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، في ندوة صحافية عقدها الحزب بمقره في الرباط “لتقديم تفاصيل المؤتمر ومحتويات أوراقه، ومساطره وجدول أعماله”، أنه كانت ثمة محطات تشاورية أساسية في تنزيل البرنامج التحضيري لأشغال اللجنة التحضيرية واللجنة الفرعية استهلت بنقاشات فكرية وسياسية.
وأشار الأزمي، في كلمته خلال الندوة ذاتها، إلى أن عدد المؤتمرين الأعضاء يبلغ 1500 مؤتمر، مفيدا من جانب آخر بأن “الأمانة العامة ستأخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي أثيرت على المستوى الجهوي خلال الإعداد للمؤتمر، بعد أن يعرضها الكتاب الجهويون في حصة مخصصة لذلك خلال هذه المحطة”.
وشدد رئيس اللجنة التحضيرية لحزب العدالة والتنمية على أن التحضير للمؤتمر شابه “الأخذ والرد لكي يحس كل عضو في الحزب بأنه ساهم في بلورة أوراقه، سواء الورقة المذهبية أو الأطروحة السياسية أو النظام الأساسي للحزب”.
انطلاقة جديدة
من جانبه، قال مصطفى الخلفي، رئيس اللجنة السياسية، إن كلا من ورقتي الأطروحة السياسية والبرنامج العام (الورقة المذهبية)، “موجهان لعملية انطلاق جديدة للحزب، التي تم وضع أسسها منذ المؤتمر الاستثنائي”.
ولفت الخلفي، في كلمته، إلى أن الورقة المذهبية “أجابت عن سؤالين: من نحن؟ وماذا نريد”، مشيرا بخصوص السؤال الأول إلى أن الإجابة عنه دفعت في اتجاه مراجعة وتقييم لمجموع التراكم التصوري للحزب منذ نهاية الستينات وبداية السبعينات، إلى آخر ورقة تمت مراجعتها في إطار مؤتمر 2008″، مؤكدا أن “ورقة 2025 تنطوي على مراجعة عميقة”.
وأفاد الخلفي بأن الورقة تؤكد فيما يتصل بالهوية والمرجعية أن الحزب ذو مرجعية إسلامية، وبشأن “ماذا نريد؟”: “أكدنا على الحاجة إلى الإصلاحات والمبادرات السياسية والدستورية وتعزيز البناء الديمقراطي وما يقتضيه من احترام للدستور ومحاربة الفساد والنهوض بالحقوق والحريات، وتأهيل الأحزاب وتعزيز المشاركة الشعبية”.
أما بشأن المحور الموالي للإصلاح السياسي ضمن الورقة، فيتعلق “بالقضايا المجتمعية الكبرى التي يشتغل عليها الحزب، وهنا طرح الأخير قضيتين أساسيتين في اشتغاله على المستوى الاجتماعي: الأولى تهم الأسرة، من خلال دعم التماسك الأسري والنهوض بأوضاع المرأة، والقضية الثانية قضية التعليم والنهوض بالتربية والتكوين وإعادة الاعتبار للغة العربية كلغة التدريس”.
وأضاف الخلفي بشأن المستوى الثالث، “القضايا التنموية والاقتصادية والاجتماعية، حيث أكد الحزب أن رؤيته تقوم على الانتباه إلى أن الوضع الحالي عرف إفراغ شعار الدولة الاجتماعية من مضامينه، وتطرح عليه كحزب وطني الانخراط في مشروع وطني لتصحيح مسار إرساء الدولة الاجتماعية”.
المستوى التنموي، لفت القيادي عينه إلى أن “المرحلة شهدت تداخلا بين الثروة والسلطة، ما انعكس سلبا على شروط المنافسة الشريفة”، معتبرا أن ذلك “يقتضي الانخراط في مسار تصحيح النموذج التنموي بعد تصحيح مسار الدولة الاجتماعية”.
وقال الوزير السابق إن “المستوى الرابع يهم السياسة الخارجية، الذي طرح تحت عنوان السياسة الخارجية والإشعاع”، موضحا أنه “يهم أولا القضية الوطنية وتأكيد انخراط الحزب في التصدي لما يستهدف الوحدة الوطنية والترابية”، وكذا “العمل على تأكيد هوية الحزب، بصفته منحازا إلى جانب المقاومة الفلسطينية إزاء ما تشهده قضية فلسطين وباقي القضايا العادلة”.
بينما يتصل المحور الخامس، وفق الخلفي، “بالنموذج التنظيمي، باعتبار أن الحزب بني على قواعد الديمقراطية والحرية، وهي قواعد ثابتة أكدت للعضو مكانته”.
على صعيد آخر، استعرض الخلفي أهم النقاط العريضة للأطروحة السياسية، التي تمّت كتابتها من “ورقة بيضاء”، بتعبير إدريس الأزمي، واختارت شعار: “توجهات المرحلة: النضال من أجل مصداقية الاختيار الديمقراطي وكرامة المواطن”.
وفي هذا الصدد، قال المسؤول الحزبي إن الأطروحة “ركزت أولا على استيعاب السياق العام المطبوع بتحولات دولية وإقليمية كبرى”، و”ثانيا: استحضار مسار تطور الحزب السابق”.
كما انصبت الأطروحة، ثالثا، على “الاستجابة للتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقيمية المستجدة التي تطرح عددا من المحاور”، وفق الخلفي، مفيدا بأن “أولاها: مظاهر المس بالاختيار الديمقراطي وآلية الاقتراع الحر والنزيه على إثر التجاوزات التي شهدتها انتخابات 2021″، و”ثانيها: نهج سياسة ليبرالية متطرفة ومتوحشة مستقوية بالإمكانيات المادية والإعلامية والرقمية”.
أما المحور الثالث، يورد المسؤول الحزبي نفسه، فيهم “إفراغ مفهوم الدولة الاجتماعية وظهور سياسات تستهدف النسيج الوطني والنموذج الأسري، في سياق يتسم بتواطؤ أمريكا في دعم الكيان الصهيوني في ما يتصل بفلسطين”، مبرزا أن الأطروحة، “على مستوى قضيتنا الوطنية، سجلت تقدما على طريق الحسم النهائي لمغربية الأقاليم الجنوبية من مبادرات تحت قيادة الملك محمد السادس”.
وأكد الخلفي أن الأطروحة وضعت انطلاقا من هذا التشخيص “توجها مركزيا، هو النضال من أجل مصداقية الاختيار الديمقراطي وكرامة المواطن”، من بين توجهاته تكريس المرجعية الإسلامية للحزب، وصيانة السيادة الوطنية وتقوية الترافع عن مغربية الصحراء، وكذا “استعادة الاختيار الديمقراطي بالقطع مع التلاعب بإرادة الشعب”.