بعد عدم الاستجابة لعدد من مطالبها الأساسية في التعديلات التي أُقرّت على مشروع القانون رقم 46.21 المنظم لمهنة المفوض القضائي بمجلس النواب، أبدت الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين بالمغرب تعويلها بقوة على انتصار المستشارين لهذه المطالب، لا سيما التنصيص “بشكل صريح” على استقلالية المهنة، وعلى الضمانات التي تحمي هذه الاستقلالية.
ودعا التنظيم المهني ذاته، في بلاغ عقب اجتماع مكتبه التنفيذي، “أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس المستشارين إلى التفاعل الإيجابي مع مقترحات الهيئة الوطنية، بما يمكن من اعتماد تشريع مهني حداثي ويحاكي المرجعية الدولية”.
وأكدّ مسؤولون بالهيئة نفسها تمسك المفوضين القضائيين بتضمين القانون رقم 46.21 الصيغة المتفق عليها مع وزارة العدل، التي تقضي بأن المهنة “حرة ومستقلة ويترتب عن خرق هذه الاستقلالية الخضوع للقوانين الجاري بها العمل”.
كما تطالب الهيئة بأن يتم حذف المادة 143 من مشروع القانون، لضمان الحفاظ على استقلالية الهياكل المهنية للمفوضين القضائيين، مع تمتيعهم بالصفة الضبطية، باعتبار ذلك “بديلا متوفرا عن الكاميرات الصدرية التي اعترضت مؤسسات رسمية على السماح باستخدامها للمهنيين”.
محمود أبو الحقوق، رئيس الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، أفاد بأن “عددا من التعديلات على مشروع القانون التي تنادي بها الهيئة، تم الأخذ بها من قبل مجلس النواب، ولكن ثمّة أخرى لم يؤخذ بها، تعوّل الهيئة على لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين لتضمينها في هذا النص القانوني”.
ووضّح أبو الحقوق، ضمن تصريح لهسبريس، أن “مطلب استقلالية المهنة لم تتم الاستجابة إليه إلى حد الساعة بشكل موضوعي يحفظ كرامة المفوض القضائي؛ إذ تم التنصيص على الاستقلالية بشكل ملتو وغامض”، موضحا أن “الهيئة تريد أن يقضي مشروع القانون بصريح العبارة بأن المهنة مستقلة، مع إيراد ضمانات حماية هذه الاستقلالية؛ بمعنى أن كل من خرقها من خلال توجيه تعليمات إلى المفوضين القضائيين يجب أن يلقى جزاء”.
كما ينتظر المفوضون القضائيون، وفق المصرّح عينه، “حذف المادة 143 من مشروع القانون”؛ لأنها “تمس باستقلالية الهياكل المهنية من خلال تنصيصها بشكل غريب على وجوب تبليغ جميع مقررات الهيئة الوطنية إلى وزارة العدل والوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط، مع إمكانية الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية”.
وشدد أبو الحقوق على أنه “من غير المقبول تقييد استقلالية هذه الهيئة الخاصة بمهنة حرة ومستقلة وذات الشخصية المعنوية”، مشيرا إلى تقديم التنظيم المهني “مقترحا بديلا، يقضي بأنه يمكن نشر المقررات عبر الموقع الإلكتروني للهيئة أو حتى عبر الجريدة الرسمية للمملكة”.
وأكمل بأن “مسألة تأديب المفوضين القضائيين ما زالت بدورها محط نقاش؛ إذ إننا نتشبث بأن تكون الهيئة مشاركا في التأديب”، مشيرا على صعيد آخر إلى أن “استمرار منع المفوض من القيام بأي عمل، يُعدم المساواة مع باقي الفئات المهنية القانونية والقضائية في هذا الجانب”.
شدد رضوان بنهمو، عضو المكتب الوطني للهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، على أن “استقلالية المفوض القضائي من استقلالية السلطة القضائية، وأن التنفيذ المستقل يرتبط باستقلالية القضاء”.
وقال بنهمو، ضمن تصريح لهسبريس، إن “الهدف ليس قطع الصلة مع سلطات المراقبة المنصوص عليها في القانون، وإنما الحسم في أن المفوض القضائي لا يمكن أن يتلقى تعليمات شفوية من أي كان حينما يكون بصدد تنفيذ حكم قضائي”.
واستحضر المفوض القضائي نفسه أن “السماح للمهنيين بالاستعانة بكاميرات صدرية، تم الاعتراض عليه من قبل وزارة الداخلية واللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي”، مفيدا بأن “الهيئة تطالب بأن يتم منح المفوض القضائي، عوضا عن هذه الكاميرات، الصفة الضبطية”.
وشرح بنهمو أنه “عندما تكون محررات المفوض القضائي رسمية لا يتم الطعن فيها إلا بالزور، تكتسب القوة أمام أي شخص يستعين مثلا بشاهد زور لكي يثبت أنه لم يُبّلغ بواسطة المفوض”. وأكد :”نحن نعتبر الصفة الضبطية البديل القانوني للمقترحات الصدرية”.
كما أشار المصرّح نفسه إلى أن “الهيئة تعتبر حصر مجلس النواب في تعديل أقره على مشروع القانون المدة الانتدابية لرئيس المجلس والهيئة الوطنية في ولاية واحدة غير قابلة للتجديد، مقتضى ينبغي، إذا كان لازما، تطبيقه على جميع المؤسسات والهيئات المنتخبة، بدءا من الحكومة والبرلمان وغيرهما”، مردفا أن الهيئة “تقترح على الأقل ولايتين، بما يضمن عدم تضييع الكفاءات المهنية في التدبير”.