تعبيرا منها عن الرفض الجماعي لتصاعد حالات الاعتداءات اللفظية والجسدية التي تطال نساء ورجال معاهد التكوين، والتي أدت إحداها إلى موت أستاذة مكونة بمعهد للتكوين بمدينة أرفود، متأثرة “بهجوم غادر من أحد المتدربين”، دعت الجامعة الوطنية للتكوين المهني شغيلة هذه المعاهد إلى المشاركة المكثفة في وقفات احتجاجية بمقرات العمل الثلاثاء القادم.
وذكر بلاغ للجامعة، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، أنه “وفاء لروح شهيدة الواجب المهني، وتعبيراً عن الرفض الجماعي لهذه الممارسات الخطيرة، تدعو الجامعة الوطنية للتكوين المهني كافة الأطر والمستخدمين بالمؤسسات التكوينية والإدارات الجهوية والإدارة المركزية للمكتب إلى حمل الشارة السوداء طيلة يوم الثلاثاء 15 أبريل 2025”.
وأهاب المصدر نفسه “بالوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة على روح الشهيدة هاجر العيادر داخل كل مقرات العمل على الساعة الواحدة والربع بعد الزوال من يوم الثلاثاء القادم”، مع “المشاركة المكثفة في وقفات احتجاجية موحدة من الساعة الثانية عشرة زوالاً إلى الساعة الثانية بعد الزوال من نفس اليوم”.
وأضافت الجامعة أنها تتابع “بقلق بالغ تصاعد الاعتداءات الجسدية واللفظية التي يتعرض لها نساء ورجال التكوين المهني، دون أن يقابل ذلك أي رد فعل مسؤول أو حماية فعلية من طرف الجهات الإدارية الوصية”.
ولفتت إلى أن منسوب “هذا العنف” بلغ “مستوى غير مسبوق توج مؤخرا بجرائم مروعة”، ذاكرة على سبيل المثال لا الحصر “الاعتداء الشنيع وغير المبرر الذي تعرضت له الأستاذة المكونة بمعهد التكوين المهني بمدينة أزمور، في سابقة خطيرة تنذر بتفكك منظومة القيم داخل الفضاء التكويني”.
كما أشارت إلى “الاعتداء الإجرامي المميت الذي تعرضت له الأستاذة المكونة بمعهد التكوين المهني بمدينة أرفود شهيدة الواجب المهني المرحومة هاجر العيادر، التي أسلمت روحها إلى بارئها إثر تعرضها لهجوم غادر من أحد المتدربين”.
وأكد المصدر نفسه أن “هذه الوقائع المؤلمة تعكس الوضع المأساوي الذي آلت إليه مؤسسات التكوين المهني”، مبرزا أنها “تضع علامات استفهام كبرى حول عدم مبالاة الإدارة واستهتارها المتواصل بسلامة وأمن الأطر التكوينية، مما نعتبره تواطؤاً بالصمت وتشجيعاً غير مباشر على تكرار هذه الجرائم”.
وحمّل الإدارة العامة للمكتب “كامل المسؤولية في تفاقم الوضع نتيجة لامبالاتها، وتجاهلها المتكرر لمطالب توفير الحماية للمستخدمين”، وطالب بـ”فتح تحقيق نزيه وشفاف في كل قضايا الاعتداءات المسجلة، ومتابعة الجناة إدارياً وقضائياً دون تهاون أو تساهل”.
كما جددت الجامعة “المطالبة بتفعيل الإجراءات الوقائية والأمنية داخل مؤسسات التكوين، من خلال توفير عناصر أمن مؤهلة ومراجعة القوانين الداخلية وشروط تسجيل المتدربين بما يضمن عدم تحول المؤسسات التكوينية إلى إصلاحيات ومراكز الدعم النفسي، وتنظيم حملات تحسيسية ترسخ قيم الاحترام والانضباط”.
وفي هذا الإطار، قال محمد العلوي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتكوين المهني، إن “الغرض من الأشكال الاحتجاجية التي أعلنت الجامعة عن تجسيدها هو إثارة انتباه جميع السلطات المهتمة بإشكال العنف الذي أصبح يطال الأساتذة والمكونين بمعاهد التكوين المهني، وإثارة انتباه الإدارة العامة لتأخذ هذه الإشكالية بجدية”.
وأضاف العلوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الجهات الإدارية عليها أن تنكب على القيام بمسؤولياتها في محاربة هذه الظاهرة المؤرقة داخل الفضاءات التكوينية”، مبرزا أن “البرنامج النضالي المسطر من قبل الجامعة هو إشارة إلى جميع المواطنين كذلك لكي يساهموا في إشاعة الاحترام داخل المؤسسات التعليمية والتكوينية”.
وتابع قائلا: “الأسر المغربية يجب أن تعمل على تربية أبنائها على الاحترام الواجب للأساتذة والمكونين، وتوعيتهم بضرورة التعامل بالأخلاق الحميدة معهم”.
وأكد أنه “من الضروري أن ينخرط الجميع، من مكونين وأسر ووسائل إعلام، في حملة وطنية لمكافحة العنف داخل معاهد التكوين المهني والمؤسسات التعليمية”. واقترح “اعتماد يوم خاص وطني بمحاربة هذا العنف الذي يتعرض له أعضاء هيئة التدريس والتكوين”، مضيفا أنه “لا يمكن السماح لهذه الظاهرة بأن تتفاقم”.
وختم العلوي تصريحه بالقول إن “الجامعة الوطنية للتكوين المهني تعبّر عن أقصى تضامنها مع أسرة الفقيدة المكوّنة بأرفود في محنتها، وهي حاضرة لدعمها من المرحلة الأولى حتى الأخيرة”.