كشفت نتائج استطلاع حديث لـ”البارومتر العربي” رضا غالبية المغاربة عن اشتغال منظمة الأمم المتحدة، واعتبارهم أن مكافحة الفساد يجب أن تكون القضية ذات الأولوية في المنطقة العربية بالنسبة لهذه المنظمة، مقارنة بحل وإنهاء الصراعات المختلفة، القديمة والحديثة، في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ووفق معطيات الاستطلاع التي نشرها “البارومتر العربي”، ضمن ورقة حملت عنوان “آراء العرب في الأمم المتحدة: عن الصراع والفساد والمصداقية”، طالعتها هسبريس، فقد صرحّ 66 في المائة من المغاربة المستطلعين بكونهم راضيين أو راضين جدا عن أداء المنظمة الأممية المذكورة؛ وهي أكبر نسبة رضا في صفوف المواطنين العرب.
وفي هذا الجانب سُجلت ثاني أعلى نسبة رضا عن الأمم المتحدة في صفوف السودانيين، إذ أكد 62 في المئة منهم أنهم راضون أو راضون جدا عن هذه المنظمة، متبوعين بالموريتانيين واللبنانيين بنسبة 55 في المائة لكل منهما.
وفسّرت دانا أبو حلتم، كاتبة المقال، هذه النتائج المستخلصة من استطلاعات الدورة السابعة لـ”البارومتر العربي” (2021- 2022)، التي يكشف عنها لأول مرة، معدلات الرضا المرتفعة في كل من الأردن والجزائر والمغرب ولبنان والسودان وموريتانيا بكون “هذه الدول لم تتعرّض لحروب دولية تخوضها قوى غربية”، والاعتقاد أن المنظمة “مؤسسة مهمة للوساطة وحل النزاعات”، وأوردت: “لم تجرب هذه الشعوب معدلات الإحباط المباشر نفسها من عدم فاعلية الأمم المتحدة”.
في المقابل سُجلت أدنى نسب الرضا عن الأمم المتحدة بكل من فلسطين (19 في المائة)، وليبيا (38 في المائة)، وفق “البارومتر العربي”، الذي أفاد بأنه في الدول “التي تعرّضت لحروب لم تتدخل فيها المنظمة بشكل إيجابي فعال (..) يميل الناس للتعبير عن معدلات أقل من تأييد الأمم المتحدة”.
وأوضح المصدر نفسه أنه “في هذه الدول ينظر للمنظمة على أنها غير فعالة، ويقول عدد كبير من المواطنين إنهم غير راضين عنها إطلاقا”.
أما بشأن التصور للأولويات التي يجب أن ينصب اشتغال الأمم المتحدة عليها في المنطقة العربية فصرح 29 في المائة من المغاربة المستجوبين بأن هذه المنظمة الأممية يجب أن تركز على مكافحة الفساد، مقابل 17 في المائة يعتقدون أن إنهاء الصراعات في ليبيا وسوريا واليمن يجب أن يكون محل تركيزها الرئيسي.
وفي غضون ذلك اعتبر 13 في المائة من المغاربة المستطلعين، فقط، أن حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي يجب أن يكون المسألة ذات الأولوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالنسبة للمنظمة الأممية.
وفي هذا الصدد أكد “البارومتر العربي” أن المستطلعين في دول مثل لبنان وموريتانيا والعراق والمغرب والسودان يرون الفساد المشكلة الأكبر؛ إذ إن 52 بالمائة من المواطنين اللبنانيين يعتقدون أن الأمم المتحدة يجب أن تركز على مكافحة الفساد (وهي النسبة الأعلى بين الدول المُستطلَعة)، متبوعين بـ38 بالمائة في موريتانيا، ثم 37 بالمائة في العراق.
وفي المقابل “يذكر الناس (العرب المستجوبون) في دول مثل فلسطين والجزائر والأردن وتونس حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي باعتباره الأولوية القصوى”، وفق المصدر ذاته، الذي كشف أن 52 بالمائة من الفلسطينيين يعتقدون أن هذا الملف ينبغي أن يكون محل تركيز الأمم المتحدة. “كما يقول الأمر ذاته 41 بالمائة من الجزائريين، و37 بالمائة من الأردنيين، و33 بالمائة من المواطنين في تونس”.
وشددت دانا أبو حلتم، وهي طالبة دكتوراة في قسم العلوم السياسية بجامعة تينيسي في الولايات المتحدة الأمريكية، على أنه “رغم عدم رضا المواطنين عنها في دول مثل فلسطين والعراق وليبيا يأمل كثير من الناس في هذه الدول أن تلعب الأمم المتحدة دورًا إيجابيًا، وأن تعالج القضايا الرئيسية مثل القضية الفلسطينية والنزاع الداخلي في ليبيا”.
ورأت الباحثة أن هذا الأمر يطرح أسئلة “مهمة”: هل يمكن للأمم المتحدة أن تستعيد الرضا الشعبي عنها في هذه الدول عبر إجراء تغييرات قيّمة؟ ما الخطوات التي يمكن أن تقوم بها حتى تتماشى أولوياتها مع مطالب المنطقة بحل الصراعات ومكافحة الفساد؟ وكذلك هل يمكن للأمم المتحدة أن تحافظ على رضا الناس عنها في الدول التي لم تختبر إحباطاً من أفعالها؟.