آخر الأخبار

مخاوف "الحرب التجارية" تُذكي إقبال المستثمرين على "ملاذات آمنة"

شارك

“هلع متواصل في الأسواق المالية” ونظرةٌ واحدة إلى شاشات البورصات الدولية، والعربية أيضا، كافية لإدراك مدى تأثير “حَجَر الرسوم الجمركية المتبادلة” الذي ألقى به ترامب في بِركة التجارة العالمية، مُصيبا أسواق المال والأعمال في مقتل.

تهاوي الأسواق المالية للتداولات بدأ “تدريجيا” بمؤشرات “حمراء”؛ لكن “مفعول تأثير الدومينو” لم يهدأ منتقلا بسرعة إلى أسواق وبورصات عربية استيقظت، خلال اليومين الماضيين، على تداعيات ردود فعل لا تنتهي بين عملاقي الاقتصاد العالمي؛ “تنين الصين” و”شُرطي العالم”.

حسب ما طالعته هسبريس من بيانات، فإن “التراجع” في الأسواق جاء شاملا “جميع القطاعات”، وليس فقط الصناعات المتأثرة بالتجارة البينية أو العالمية التي تباينت نِسب الرسوم التي فرضها ترامب على صادرات كل دولة إلى بلاده؛ وجاءت محكومة بدرجة كبيرة بنوعية ومستوى علاقات واشنطن معها.

لم تكن بورصة الدار البيضاء بمنأى عن “الزلزال” الذي ضرب الأسواق المالية العالمية منذ إعلان الرئيس الأمريكي، في الثاني من أبريل الجاري، عن فرض “رسوم جمركية متبادلة جديدة”؛ فقد استهلت تداولاتها لبداية الأسبوع الجاري في “المنطقة الحمراء” ليوم الاثنين، حيث انخفض مؤشرها الرئيسي “MASI” بنسبة 3,62 في المائة ليصل إلى 16.609,35 نقطة ليحذو حذو أسواق الأسهم الأوروبية والآسيوية وسط مخاوف متنامية من زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية والإجراءات “الانتقامية” الصينية.

وطرح تهاوي القيم في البورصات العالمية إضافة إلى “شظايا” واضحة طالت قيمة العملات وسوق المعادن النفيسة، أبرزها الذهب، إمكانية ارتفاع ثقة المستثمرين وفاعلي القطاع المالي للتوجه نحو الإقبال على أدوات الدين الحكومية، لا سيما “السندات قصيرة الأجل” بحكم أنها قد تضمّن حدا أدنى من “السيولة والأمان”.

وفي مناخ اقتصادي ومالي عالمي موسومٍ بـ”التوتر واللايقين”، رصد بعض المحللين تزايد بحث المستثمرين عن “استقرار نسبي”؛ ما رفع الطلب على سوق السندات، خاصة في أمريكا والصين، وقد يزيد من “تأجيج موجة بيع الأسهم”.

“ارتدادات سيكولوجية”

وقال المهدي فقير، محلل مالي وخبير اقتصادي، إن “القرار القاضي بفرض رسوم جمركية متبادلة بنسبٍ متفاوتة حسب البلدان المصدرة للأسواق الأمريكية هو قرارٌ سياسي؛ لكن تعامل البنوك وتعامل المستثمرين معه يبقى تعاملا بسيكولوجيا”.

وأضاف فقير مشددا، في تصريح لجريدة هسبريس معلقا على الموضوع، “لسْنا أمام أزمة اقتصادية، نحن أمام موجة رد فعل نتيجة قرار سياسي”، وزاد: “نعم بطبيعة الحال عِشْنا العديد منها إذ تهاوت الأسعار في البورصة… وهذا لأن المستثمرين قلقون الآن؛ ولا أحد يعلم بالضبط التبعات والتداعيات”.

وقدر المتحدث للجريدة أن “مجمل المحللين العالميين ومختصي الأسواق يُجمعون على أن الكرة في ملعب السياسيين. ومن غير الوارد أن يغامر السياسيون بالمضي قدما إلى أزمة اقتصادية كونية”، شارحا بأن “بعض ردود الفعل التي تابعناها كانت مهادِنة؛ فالأوروبيون ارتأوا عدم أخذ قرار إلا بحلول 14 أبريل موعد الاجتماع لتقييم الوضع. أما بريطانيا، فتقول إنها تقدمت في محادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية.. وكل هذه مؤشرات تدفع للاعتقاد بضرورة التريث والانتظار في ظل جولة مرتقبة للرئيس الأمريكي أعلن عن القيام بها”.

واستحضر فقير أن “الصين تبقى مستهدَفة منذ القديم من طرف الأمريكيين؛ لأن الحرب التجارية شديدة بين الغريمين”، مؤكدا وفق تقديره أن “هذه المسألة المتعلقة بالسندات تبقى مستبعدَة الآن.. لأنه سوف يعاد ترتيب قواعد اللعبة”، بتعبيره.

كما أورد “السندات الحكومية تعود إلى دولٍ وحكومات مغرقة في الديون فهي تتعلق بسيادة ومصداقية كل دولة. لذلك، لا يمكن الحديث عن كونها ملاذا آمنا أو أخيرا”، خاتما بأن “الأمر ما زال في مرحلة ‘الفعل ورد الفعل’ وفق سياسة إعادة ترتيب الأوراق.. لو كانت هناك أزمة اقتصادية أو مالية حقيقية لرأينا الجميع يبيع أسهمه ويريد تخلص من جميع الأسهم مع التخلص مما يملك من الذهب والعملات الرقمية.. إذن، هذه موجة تخوف وقلق”.

“البحث عن ملاذ آمن”

قال بدر زاهر الأزرق، محلل اقتصادي وأستاذ باحث في التدبير التجاري وقانون الأعمال، إن “هذه الحالة الراهنة من اللايقين اليوم ستُعزز -لا محالة – مسألة البحث عن ملاذات آمنة”، مضيفا بالتوضيح: “بالرغم من مسألة تراجع أسعار الذهب فإننا نعتقد أنه سيعود هذا الملاذ المالي كأصل مالي للتحوط إلى ما كان عليه في الأيام القليلة المقبلة؛ لأنه كان دائما خلال الأزمات الكبرى هو الملاذ الآمن الوحيد”.

وسجل زاهر الأزرق، في تعليق لجريدة هسبريس، أن “مسألة الإقبال الكبير المرتقب للمستثمرين على سوق السندات تبقى هي الأخرى أيضا مطروحة”.

وقال المحلل الاقتصادي شارحا: “يمكننا هنا ربط مسألة الإقبال الكبير الذي عرفته السندات المالية بالعملة الأجنبية، التي طرحتها المملكة المغربية خلال الأيام القليلة الماضية والتي لم تأتِ فقط ارتباطا بأزمة الرسوم التجارية والحرب الجمركية؛ ولكن عموما تبعا لأجواء اللايقين التي جعلت عددا كبيرا من الفاعلين يتوجهون لها كملاذات”.

وقدّر المصرح لهسبريس أن “اللجوء إلى عملات أخرى قد يزدهر في الظرفية المالية العالمية الحالية”، مستدلا على ذلك بما “عرفته من ارتفاع خلال الأيام الماضية، خاصة الين الياباني والفرنك السويسري؛ لأنها ما زالت تُعتبر عملات آمنة مقارنة باليورو وبالدولار الذي شهد انخفاضات كبيرة، بمجرد توقيع ترامب لقرار فرض الرسوم الجمركية المتبادلة”.

وختم الأستاذ الباحث في التدبير التجاري وقانون الأعمال قائلا إن “مسألة البحث عن الملاذات الآمنة قد انطلقت فعلا، وسيكون لديها أيضا تأثير سلبي على مجمل الدورة الاقتصادية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا