قالت المخرجة المغربية ريم مجدي إن ملتقى “قمرة” السينمائي، الذي تنظمه مؤسسة الدوحة للأفلام بالمدينة القطرية، يُعدّ “فرصة ذهبية بالنسبة للمخرجين الشباب المغاربة”، داعيةً إلى “الإقبال على المشاركة في الحدث بما أنه يُشكّل فضاءً حاضنًا للمواهب العربية والقادمة من الجنوب العالمي بشكل خاص، ويضمن التلاقي مع ثُلّة من كبار السينمائيين في العالم، سواء من الخبراء أو المهنيين”.
وأضافت مجدي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على هامش مشاركتها في إحدى ورشات الملتقى، مساء أمس الأحد، أن “الورشات فرصة، كذلك، للتشبيك مع بقية صنّاع الأفلام من الجيل الجديد على مستوى شمال إفريقيا والشرق الأوسط وغيرهما”، مضيفةً أن “رَصّ الصفوف على المستوى القُطري والإقليمي يُساهم في خلق أرضية مشتركة تروّض الغنى الذي تزخر به المنطقة”. وقالت إن “التواصل بيننا يخدم مشروع كلّ مخرج”.
المخرجة مجدي، التي حاز مشروع فيلمها الطويل “موسم البرقوق”، المشارك في “قمرة”، على دعم كتابة السيناريو من المركز السينمائي المغربي ودعم مؤسسة الدوحة للأفلام، اعتبرت أن “إخضاع المشروع للمرافقة قبل ولادته مرحلة حاسمة”، وشدّدت على دورها “في تطوير العمل على كل المستويات قبل أن يكون منتوجًا نهائيًا قادرًا على الاستقرار في شاشات العرض بالمهرجانات السينمائية الوطنية والقارية والعالمية”. وأضافت “نادرًا ما ينال المبدع فرص المواكبة”.
كما أثنت على إضافة “ورشات الأطلس” في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش (2018) “لما لها من دور في دعم تطور منظومة الصناعة السينمائية المغربية، وتمتين أصالة الأعمال التي يقدّمها الجيل الجديد”، مشيرة إلى أنها “تبقى غير كافية”، قبل أن تضيف “مهرجانات كثيرة حضرتُها في مصر ولبنان وإيطاليا تُؤازر المواهب السينمائية الناشئة من خلال ورشات مماثلة. والمخرج المغربي مدعو لبذل جهد ليشارك فيها. إنها تصقل الموهبة وتصوّب الاعوجاجات”.
“لا أحد يولد محترفًا”، هكذا أسندت ابنة مراكش وجهة نظرها، مضيفة “عندما تتلقى توجيهات وتصويبات، سواء على مستوى السيناريو أو الصورة أو نصائح بشأن التمويل والتوزيع، فهذا يُشكّل قيمة مضافة حقيقية لأيّ مخرج صاعد”. وأكدت أن “التبادل مع الخبراء يُخرج الأعمال من رؤية ربما محدودة إلى أخرى أوسع تسمح للمخرج بالتقاط ما يشاء. ونستطيع رصد أعمال لمغاربة شاركوا بكثافة في أحداث من هذا النوع، وكان أثرها واضحًا في مسارهم المهني”.
وتابعت قائلةً: “عندما يستفيد مشروع مغربي من دعم مؤسسة غير وطنية، فالمخرج والمنتج يلعبان دورًا مهمًا في حماية العمل من أيّ اختراق أو توجيه”، مضيفةً أن “صانع الشريط يحذَرُ من أيّ توظيف سيّئ للمشروع لخدمة أجندة معيّنة. وفي النهاية لا يمكن تغيير واقعنا. لدينا مشاكل كثيرة نعالجها بالوسائل الفنية التي تقترحها الصورة. ليس بوسعنا تزييفها أو تجميلها، كما لا نستطيع تضخيمها أو ليّ عنقها لتكون هديّةً لأيّ جهة، كيفما كان نوعها”.
قالت مخرجة “لعبة” إن “المواهب الوطنية الصاعدة تحتاج إلى مرافقة على مستوى الكتابة”، مبرزة أن “كتابة السيناريو تعيش وضعًا لا بدّ من تجاوزه من خلال تكثيف الورشات”. وأضافت أن “المرافقة ضرورية للوصول إلى منتجين، وتكوين الجدد لدخول الاحتراف في المجال، والتعرّف على منتجين في بلدان أخرى لتشجيع الإنتاج المشترك. نشهد خصاصًا في هذا الجانب يجب تداركه”.
ودعت لجنة الدعم السينمائي إلى “التفكير أكثر في فسح المجال أمام الشباب بناءً على الجدارة والاستحقاق أكثر من أيّ منطق آخر”، مسجلةً أن “حضور بعض الأسماء في لائحة المحظوظين سنويًا يُسائل الرهانات الوطنية المتعلقة بتأهيل وضع الشباب الحامل للمواهب. الموهبة وحدها لا تكفي، بيد أنها تتطلب مساعدة على أصعدة عدّة، منها المالي المتعلّق بالدعم، والمهني المرتبط بالمواكبة”.
ولدى سؤالها بخصوص “ألا يُعتبر المطلب، بشكله الإطلاقي، مجرد حساسية فئوية تمنح الشباب شيكًا على بياض في أيّ صنعة إبداعية؟”، ردّت المهنية السينمائية بأن “المرافقة النقدية من شأنها التمييز بين السمين والغثّ في الأعمال الفنية الشبابية”، مسجلةً أن “التواجد في مرحلة عمرية حاسمة لا يضمن للمهني الاحتراف. الموهبة ليست وعدًا. إن ما نحتاجه اليوم هو التحاور وفق منطق الحق في الخطأ، ووفق منطق الاستحقاق والتشجيع”.
ويستضيف ملتقى “قمرة” السينمائي 2025، الذي يُمثل وفق المنظمين “مساحة للأصوات السينمائية الجديدة”، أكثر من 250 خبيرا سينمائيا من 50 بلدا. وأوردت مؤسسة الدوحة للأفلام أنها “أكبر مشاركة في تاريخ الملتقى”، مبرزة أن “الخبراء سيشرفون على 49 مشروعا لصناع أفلام من أكثر من 20 بلدا، بما في ذلك 18 مشروعا لمخرجين قطريين ومقيمين في قطر”.