آخر الأخبار

أخصائي ينادي باستثمار البحث السوسيولوجي في محاصرة "التسول المهني"

شارك

رصدَ ثلّة من الباحثين المغاربة إشكالية تحوّل التسول في كثير من الأحيان إلى “مهنة خطيرة” تدفع بمظهر الفاقة والعوز إلى استدرار العاطفة وكسبِ “أرباحٍ مالية”؛ لكنّ الظاهرة التي تلتقطها العين المجردة والمعاينة اليومية، وفقًا للأكاديميين، “في حاجة إلى أرقام رسمية حديثة حول عدد الشحّاذين في البلاد مع إجراء دراسة سوسيولوجية شاملة توفر خلاصات من داخل المجتمع وتقديم حلول لفائدته”.

وفي وقتٍ تزداد مطالب “رفع العقوبات إلى الحدّ الأقصى ضدّ المتسولين الذين وجدوا المدخول مريحًا وخلقوا شبكات منظمة لاستغلال الأطفال والنساء والشيوخ”، شدد المصطفى الشكدالي، الأخصائي في علم النفس الاجتماعي، على “الحاجة اليوم إلى أكثر من مقاربة مدخلها الأساسي هو البحث الميداني. هكذا، نرصد واقع الظاهرة التي حملتها رياح كثيرة”.

وتطرّق الشكدالي، في حديثه إلى هسبريس، إلى “الحوامل الجديدة لهذه الحرفة التي خطفتْ على وجه السرعة البنيات التقنية الجديدة”، وقال: “صارت اليوم تتخذ وجوهًا رقمية أمام ظهور التسول الإلكتروني بكل مخاطره المعروفة”. وهذا الواقع، وفقًا للباحث، “يطرح تساؤلات كثيرة تتطلب الاجتهاد للتعاطي معها، خصوصًا أن طلب الصدقة صار حاضرًا تقريبًا في مختلف مظاهر الحياة اليومية في العالمين الواقعي والافتراضي”.

وقال الأخصائي في علم النفس الاجتماعي: “ما صرنا نلاحظه بالفعل مريب؛ لا نعرف إن كنّا إزاء ‘مهنة’ تتخفى وراء الاستعطاء أم استعطاف ينطلق أصحابه حقًا من عوز وفاقة وحاجة”. وتابع: “هذا التعقيد يجعلنا نستشف أن علاج الظاهرة ليس بيد الأفراد أو المواطنين، مع أن دورهم مهم في محاصرتها؛ ولكن الشقّ الأكبر من الحل يتوفر بأيدي هيئات عمومية ومؤسسات استراتيجية”.

وذكر المتحدث عينه أن “المسألة ترافقها في العادة أسئلة معقولة من قبيل: هل يحظى الإنسان المغربي بنفس التقدير والإمكانيات كما هو معمول به في الغرب، على غرار رواتب محترمة ومداخيل كافية؟”، مضيفًا أن “الإشكال مرتبط بمدى قدرة الدولة على احتضان المشكلة والسعي إلى إيجاد حل جذري، لا سيما في ظل وجود تراكم واقتصاد غير مهيكل وصور متباينة للشحاذة”.

كلّ هذا لا يصمدُ كثيراً أمام عودة صاحب “سيكولوجيا الإنسان المرقمن، التنشئة الخوارزمية وبناء الهوية في عصر الثورة الرقمية” إلى “الحل المعرفي”، مشددًا على “حساسية الدراسات السوسيولوجية في هذا الجانب. بإمكانها تعقب الظاهرة في شموليتها ومن مختلف جوانبها لكي توفر لنا حلولًا فعلية تنطلق من الواقع وتبتغي تغييره. وزاد: “لا يمكن القضاء على المعضلة في ظل غياب دراسات سوسيولوجية تغني النقاش”.

وتحدث الشكدالي عن الطابع الجنائي الذي تكتسبه بعض الأفعال ذات الصلة، منبهًا إلى أن “الخطورة تتضاعف عند إدخال الأطفال إلى هذه الحرفة المشينة”، وأورد: “يصبح الطفل شيئًا من الأشياء فقط. يتم تجريده من إنسانيته والمساس بكافة حقوقه كطفل والاتجار به في ممارسات مرفوضة تستدعي حمايته منها وبالتالي مؤازرة مرحلة عمرية لنمو بلا أعطاب نفسية أو أعطال اجتماعية”.

وانتقد الأكاديمي والأستاذ الجامعي “صمت الدولة”، التي “لا تحرك ساكنًا حين يستغلّ الأطفال بوسائل بشعة”، مفيدًا “بوجود حالات مشبوهة، عندما تجد مثلًا امرأة بأطفال يختلفون كل يوم”. وتابع شارحًا: “المسألة بهذا المعنى صارت تكتسي بعدًا اقتصاديًا خالصًا، يستثمر براءة الأحداث لتحقيق مكاسب مالية، وهذه خطورة لا غبار عليها”.

وخلص المتحدث إلى أن “المشكلة كبيرة ومركبة وتستدعي التفكير فيها بطرق علمية وليس وفقًا للانفعال”، مشيرًا إلى “راهنية وضع حلول للمشكلة وضمنها توفير أساسيات الحياة للناس الذين هم في أمسّ الحاجة، بالإضافة إلى استدعاء المدخل العلمي. إنه يساهم في الوصول إلى المنطلقات، وبالتالي اجتثاثها عوضًا عن اعتماد مقاربات أخرى تخفف من المشكلة؛ لكنها لا تصل إلى كافة جوانبها”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا