آخر الأخبار

التشييد الإسمنتي يغفل "البناء الدرامي" .. هل ضاعت هوية مسرح بوعبيد؟

شارك

في وقت تولي العديد من المدن المغربية أهمية كبرى لمرافقها الثقافية والفنية والاجتماعية يواجه مسرح عبد الرحيم بوعبيد بمدينة المحمدية وضعًا مزريًا لا يليق بمكانته ولا بتاريخ الرجل الذي يحمل اسمه، إذ تحوّل هذا الفضاء، الذي يفترض أن يكون منارة للفن والثقافة، إلى معلمة تتآكل جدرانها ومحتوياتها يوما بعد يوم، إلى أن صار المرفق عنوانًا للخراب بدلًا من أن يكون منصة للإبداع الثقافي والتعبير الفني والتلاقي المسرحي.

وفي وقت انتظرت ساكنة “مدينة الزهور” بفنّانيها ومُثقّفيها إعادة الحياة لمسرح عبد الرحيم بوعبيد، من خلال ترميمه وفتح أبوابه لاحتضان التظاهرات الفنية والمسرحية والثقافية… ارتأت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية استغلال بهو الفضاء في تقديم خدماتها الطبية المخصصة لصحة الأم والطفل، وتحويل المدخل إلى ما يُشبه المراكز الصحية لتلقيح الأطفال الرضع.

مصدر الصورة

خراب معلمة

صوفيا بستاني، فاعلة جمعوية بمدينة المحمدية، قالت إن “مسرح عبد الرحيم بوعبيد يعد من أكبر المسارح في المغرب وشمال إفريقيا، وقد تم تدشينه أواخر التسعينيات بعد جدل بين الفرق السياسية حول تسميته، حين أصرّ الفريق الاشتراكي على تسميته باسم المناضل عبد الرحيم بوعبيد، بينما أراد فريق الأصالة والمعاصرة أن يكون مسرحًا جماعيًا؛ لكن رغم مكانته الثقافية فإن هذا الصرح يعيش اليوم حالة من الإهمال الشديد”.

وأضافت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أنه “عند دخول المسرح تبدو الحالة كارثية؛ فالغرف الخاصة بالممثلين في وضع متدهور وتفتقد إلى أبسط التجهيزات اللازمة، كما أن غياب الأمن أدى إلى سرقة العديد من التجهيزات الصوتية التي كانت تعتبر من الأفضل في المغرب، إضافة إلى أن الكراسي مخربة، والإنارة منعدمة، ما يجعل المرفق في ظلام دامس، ناهيك عن المخاطر التي تحيط به من الخارج، وتهدد سلامة الزوار”.

مصدر الصورة

وأشارت بستاني إلى أن “الفعاليات الثقافية التي تُقام بين الحين والآخر تصطدم بمشاكل عديدة، منها غياب المراحيض المجهزة وعدم وجود صيانة مستمرة، إضافة إلى نقص النظافة داخل المسرح”، منبّهة إلى أنه “رغم إبرام المجلس الجماعي اتفاقية شراكة مع وزارة الثقافة من أجل إعادة هيكلة الفضاء إلا أن الإصلاح بقي حبرا على ورق حتى الآن، ما يطرح تساؤلات حول الجهات المسؤولة عن هذه المماطلة، خصوصًا أن المسرح يُعتبر معلمة ثقافية في مدينة المحمدية”.

كما أوردت الفاعلة الجمعوية ذاتها أن “الكرة اليوم في ملعب وزارة الثقافة والمجلس الجماعي للمدينة، لكن أيضًا في ملعب جمعيات المجتمع المدني، خاصة الثقافية منها، التي يُفترض أن يكون لها دور فعال في الضغط من أجل تحسين الوضع”، مردفة: “في السابق كانت الجمعيات تستفيد من المسرح بمقابل مالي مرتفع، لكنه انخفض لاحقًا، ومع ذلك يبقى التساؤل مطروحًا: لماذا يُفرض على هذه الجمعيات دفع رسوم لاستغلال المسرح رغم دورها في تنشيط الفضاء الثقافي؟”.

مصدر الصورة

وختمت صوفيا بستاني توضيحاتها متسائلة: “في ظل اقتراب كأس إفريقيا لماذا لا يتم استغلال هذا الفضاء بشكل إيجابي، سواء عبر تجهيز المنطقة المحيطة به بشاشة عملاقة لنقل المباريات، أو تحسين مظهره العام بتجهيزات جديدة وأمن محكم؟ ومن يتحمل مسؤولية هذا الوضع الكارثي في المسرح وغيره من البنيات التحتية بالمدينة؟ وهل سيبقى الحال على ما هو عليه إلى أجل غير مسمى؟”.

جهود الإصلاح

المصطفى أبو الفضيل، نائب رئيس المجلس الجماعي للمحمدية، المكلف بتدبير الشؤون الثقافية والرياضية والاجتماعية، قال إن “مسرح عبد الرحيم بوعبيد ليس في حالة خراب أو دمار شامل كما يتم الترويج له، لكنه في حاجة إلى الإصلاح بسبب غياب الصيانة في فترات سابقة، الأمر الذي أثر على وضعيته العامة وعلى قدرة مرافقه على استيعاب التظاهرات الكبرى”.

مصدر الصورة

وأوضح أبو الفضيل، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “منذ تولي مسؤولية قطاع الشؤون الثقافية والرياضية والاجتماعية أطلق المجلس الجماعي للمحمدية برئاسة هشام أيت منا خطة شاملة لتأهيل البنيات التحتية، إذ جرى، في هذا الإطار، استكمال القاعة المغطاة البشير التي أصبحت جاهزة للاستغلال”.

وبالنسبة لإصلاح مسرح عبد الرحيم بوعبيد أكّد المكلف بتدبير الشؤون الثقافية والرياضية والاجتماعية أن “المجلس خصّص في ميزانيته الأولى مِليونَيْ درهم، لكن بعد تقييم دقيق تبيّن أن المبلغ غير كافٍ لتغطية الإصلاحات الضرورية، لذلك بادر رئيس المجلس الجماعي إلى إبرام اتفاقية شراكة مع وزارة الثقافة لإعادة تأهيل المسرح ودار الثقافة”.

مصدر الصورة

واسترسل المصطفى أبو الفضيل: “بعد موافقة الوزارة ومصادقة المجلس تم تحويل الشطر الأول من التمويل. وكان جرى توقيع اتفاقية شراكة بين المجلس الجماعي وشركة ‘الدار البيضاء للتهيئة’ التي ستتولى تنفيذ الأشغال فور استكمال الدراسات والإجراءات الإدارية”، مشيرا إلى أن “الغلاف المالي المخصص لهذه الشراكة يصل إلى 12 مليون درهم”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا