آخر الأخبار

ندوة تكرّم التويجري .. مفكر حمل همّ الحوار والانفتاح على العصر

شارك

احتفاءٌ أكاديمي بتجربة عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام الذي قاد منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” لما يقرب ثلاثين سنة بالرباط، مع كونه كاتبا باحثا، وشاعرا مساجِلا، اختار بعد تسليم المسؤولية لخلفه استمرار العيش بالمملكة.

هذه الندوة المهتمة بـ”الرؤية الحضارية في المشروع الفكري للدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري”، نظمها بالعاصمة الرباط “المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية”، وقال فيها الباحث رشيد البقالي إن الاحتفاء يتم “بفكر حي، ورؤية تستمر في التأثير والإلهام، ومسيرة رجل عمل بكل جد لرسم معالم حضارة تستمد قوتها من التاريخ وتواكب تطورات العصر، وفكره حجر زاوية لكل من يسعى إلى فهم الحضارة الإسلامية في أبعادها الشاملة والمتجددة”.

من جهته، تحدث عبد الله بنصر العلوي، أستاذ جامعي، عن “شخصية فاعلة في الثقافة والحضارة العربية الإسلامية، ذات مكانة علمية لدى المثقفين العرب كافة والمغاربة خاصة، وفي شخصيته أسوة حسنة (…) بسلوك إنساني، وخلق نبيل، ووفاء للمغرب، وحب لأناسه ومدنه، مما جعل علاقاته ترتقي مدارج الفكر والإبداع وتتحلى بالمودة والاحترام”.

وتطرق المتدخل إلى جهود التويجري “مديرا عاما ومفكرا واعيا بمنظمة الإيسيسكو في خدمة الفكر والعلوم والتربية، حيث أدار المنظمة بفكر ووعي، وهو ما تجلى في ترسيخ فكر المنظمة، وكتب ودراسات تشكل فكرا إصلاحيا لنهج حضاري عالمي”. كما أن المكرّم “مفكر حضاري وشاعر فارس من أسرة سعودية شاعرة (…) ويستحق أن يدرس شعره في مدرسنا وجامعاتنا، لأنها تحتاج لاتساع الآفاق، فالبعث والإحياء والنهضة والحداثة لا تتعلق بالمشرق، بقدر ما تتعلق بشعراء الخليج والمغرب العربي”.

مصطفى الزباخ، أستاذ فخري بجامعة محمد الخامس والمسؤول السابق بمنظمة “الإيسيسكو”، قدم شهادة “بصيغة المثنّى”؛ شاهدا على “علاقتي الشخصية معه لأكثر من عشرين سنة، وشهادة عن أعماله الفكرية التي عايشتها في البناء الفكري والحضاري لمنظمة الإيسيسكو”، ولو أن “شهادة المحب مجروحة، ويصعب في دقائق اختزال عطاءات عشرين سنة، واختزال سعة الجغرافيا الفكرية التي اشتغل فيها التويجري من أجل البناء الحضاري للعالم الإسلامي”.

واهتمت مداخلة الزباخ بما للتويجري من “أصول نجدية عربية أصيلة، وتربية والدية تكامل فيها المكون الديني الإسلامي بالمكون الإداري والسياسي والحضاري لوالده الذي قضى فترة قريبا من الأسرة المالكة بالمملكة العربية الإسلامية، حيث جمع بين الثقافة العربية الأصيلة والثقافة الغربية الحديثة؛ مما جعله مهموما بالجواب عن سؤال حارق: كيف نبقى أصلاء بثوابتنا دون انغلاق وتطرف ونكون في الوقت نفسه معاصرين لا يهرب منا العصر دون استلاب؟ وهي معادلة اهتم بها في مختلف أعماله، مما هيأه ليبقى أصيلا بهويته وحداثيا بانفتاحه على العصر”.

هذه الروافد “كان لها أثر في تنوع أشكال وعي التويجري التربوية والثقافية والحضارية التي قام على قاعدتها العمل لتعزيز جهاز المناعة للعالم الإسلامي، ليبقى واثقا بعمقه الحضاري، وبقدراته، وبقاعدة حضارية تدعو إلى نبذ الكراهية والتطرف والعنف، وهي توجهات حضارية كبرى سكنت أعماله”.

وتابع الشاهد: “في العمل معه بمنظمة الإيسيسكو، وقد كنت مديرا لثلاث مديريات هي التربية والثقافة واتحاد جامعات العالم الإسلامي، لا يمكن أن تُنسى محطة جزر القمر، وقد تحققت فيها كرامات نشهد بفضله عليها، ونحمد على ما تحقق فيها من مكاسب حضارية كبرى؛ فقد أصبحت عضوا رسميا في جامعة الدول العربية، بفضل المؤتمر الدولي الذي نظمته وشجعني عليه رغم الصعوبات. ومعه وضعنا مؤلف الحضارة الإسلامية لجزر القمر، وقد طبعت الكتب المدرسية لتعليم العربية والحضارة الإسلامية، في عهده بالإيسيسكو”.

وتذكّر الزباخ أيضا “محطة الأمسيات الشعرية والنثرية أيضا كانت تجمعنا مع الدكتور عباس الجراري رحمه الله، والدكتور أحمد العمارتي، حيث كنا نلتقي بقصائد نختار لها مواضيع، ومساجلات شعرية، وصارت ذخيرة منها ما صدر في دواويننا وما لم يصدر”.

وختم الشاهد شهادته بقول إن التويجري “رجل الأمة والتحديات المتنامية، الذي حمل مع آخرين مسؤولية البناء الحضاري الشامل، على أسس التربية والعلم والثقافة، والحاجة إلى ترشيد فكري وثقافي يستند إلى قيم الحضارة الإسلامية، بقدرة القيم الإسلامية على التطور والانفتاح، وحضانتها لقيم ثقافية حضارية، مما منحه الثقة بالذات الحضارية، وتصحيح الصور النمطية على الإسلام والمسلمين”، مع تأكيد على أن “الحوار واجب شرعي وضرورة حضارية للعيش المشترك والتحالف الحضاري”.

خالد الصمدي، أستاذ التعليم العالي وكاتب الدولة السابق في التعليم العالي بالمغرب، تطرق، من جهته، إلى ضرورة “تقدير لجهود العلماء، وربط جسور التواصل بينهم وبين الجيل الجديد من الأساتذة والطلبة الباحثين”، ثم تناول مسيرَ “أكاديمي وخبير دولي منشغل بنشر قيم الحوار الحضاري، في الكتب والتنفيذ العملي للمشاريع، من خلال قيادة منظمة الإيسيسكو لمدة ثلاثين سنة، والإشراف على أكثر من 13 استراتيجية في مختلف الميادين في الثقافة والعلوم”.

وللتويجري “وضوح وتكامل في مشروعه الفكري بين مجالات متعددة (…) يجمع بين النظري والجانب التطبيقي العملي، والاشتغال بأزمة القيم التي يعيشها العالم اليوم، في سياق تراجع الحديث عن مشاريع النهوض الحضاري”. كما أن مرجعيات مشروعه الحضاري تركّز على “المرجعية الإسلامية بأصولها ومقاصدها، ومبادئها القائمة على الوسطية والانفتاح والعالمية، وقيمها الكونية المتجلية في إقامة السلم والعمران ومناهضة كل أشكال العدوان”.

ولعبد العزيز بن عثمان التويجري، حسب خالد الصمدي، رؤية ومنهج سعيا إلى “تثبيت مقومات الهوية والانتماء الديني والحضاري والثقافي واللغوي، بهوية متفاعلة ومندمجة عوض الانكماش والانعزال، والانشغال بنفس تعبدي رسالي، وإيلاء أهمية كبرى للتعاون وتبادل التجارب والخبرات وتعزيز المشترك وتعبئة الموارد والطاقات، واعتماد منهجية التخطيط الاستراتيجي للمشاريع وتنفيذها”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا