آخر الأخبار

خفض سعر الفائدة في المغرب .. تحفيز للاقتصاد ودعم للمقاولات الصغرى

شارك

أجمعت تحليلات أكاديميين اقتصاديين مغاربة، تفاعلا مع قرار مجلس بنك المغرب خفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 2,25 في المائة، المنتظر أن يدخل حيز التنفيذ ابتداء من اليوم الخميس، على آثاره الإيجابية المنتظَرة سواء على دينامية سوق التشغيل أو دعم ومواكبة تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة، المشغّل الأول والمشكّل لمعظم النسيج الاقتصادي الوطني.

وسارت آراء اقتصاديين، استطلعت جريدة هسبريس آراءهم، إلى اتجاه التأكيد على أن “سيناريو الخفض” كان “متوقَّعا”، باستحضار “متغيّرات” دولية ووطنية، خاصة تأثيرات قرارات البنوك المركزية المؤثرة والتساقطات المطرية الوفيرة بالمملكة، مُنتظرينَ أن يعود قرار الخفض بـ25 نقطة أساس وتحفيز التمويلات البنكية وتسهيلها لفائدة صغار المقاولين والمقاولات الصغرى بانعكاس إيجابي بَيّنٍ خلال الأشهر المقبلة بشأن دعم دينامية التشغيل بالاتساق مع السياسة الحكومية المعلنة والرغبة في ضخ مزيد من النشاط في الدورة الاقتصادية الوطنية.

“تحفيز وتوازن”

محمد عادل إيشو، أستاذ الاقتصاد وعلوم التدبير بجامعة بني ملال مختص في الاقتصاد القياسي، قال إن “قرار بنك المغرب جاء كجزء من استراتيجية نقدية تهدف إلى تحفيز الاقتصاد، مع الحفاظ على التوازن بين دعم النمو واستقرار الأسعار”، مفيدا بأنه “يعكس رؤية مدروسة، خصوصا في سياق التباطؤ الاقتصادي العالمي وتأثيرات السياسات النقدية للدول الكبرى، لا سيما الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (FED) والبنك المركزي الأوروبي (BCE).

وعن “التأثيرات المتوقعة للقرار على الاقتصاد المغربي”، رصد إيشو، ضمن قراءته لتداعيات القرار وآثاره ضمن تعليق لهسبريس، أنه “من المتوقع أن يساهم تخفيض سعر الفائدة في تعزيز خلق فرص العمل من خلال دعم الاستثمار وتحفيز الاستهلاك”.

وزاد المحلل الاقتصادي ذاته شارحا: “من جهة، سيساهم تحسن قطاع المقاولات الصغيرة والمتوسطة في زيادة الطلب على اليد العاملة، حيث إن تسهيل الحصول على التمويل سيشجع هذه المقاولات على توسيع أنشطتها وتوظيف المزيد من العمال. ومن جهة أخرى، فإن انتعاش الاستثمارات في البنية التحتية والصناعة سيؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة، خاصة في مجالات التشييد والنقل والتصنيع؛ مما يساهم في تقليص معدلات البطالة”. كما “سيؤدي توسع النشاط الاقتصادي في القطاعات الخدماتية (مثل السياحة والتجارة) إلى تعزيز التوظيف؛ نظرا لازدياد الطلب على الخدمات وزيادة الاستهلاك المحلي”، حسب تقديره.

“المستفيد الأكبر”

أبرز محمد عادل إيشو أن المقاولات الصغيرة والمتوسطة تبقى هي “المستفيد الأكبر من هذا القرار”، حيث إن “تخفيض تكلفة القروض سيجعل من السهل عليها الحصول على التمويل اللازم لدعم نشاطها وتوسيع مشاريعها”.

وبدوره، “سيساهم هذا الانخفاض في الفوائد”، وفق الأستاذ الجامعي المختص في الاقتصاد القياسي، في “تحفيز الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار؛ مما سيعزز من قدرة المقاولات على التنافسية في السوق المحلية والدولية، خاصة في ظل بيئة أعمال أكثر تحفيزا”. علاوة على ذلك، فإن “تحسين السيولة في السوق سيمكن هذه المقاولات من تحقيق نمو أسرع وتوسيع عملياتها، مما سينعكس إيجابا على الاقتصاد بشكل عام”.

وإجمالا، من الناحية الكلية، “سيؤدي تخفيض سعر الفائدة إلى تحفيز الاقتصاد عبر قنوات عديدة. فمن المتوقع أن يؤدي إلى زيادة الطلب على القروض الاستهلاكية والاستثمارية؛ مما سيدفع عجلة النمو الاقتصادي، ويزيد من النشاط التجاري. كما أن هذه السياسة ستساعد في تنشيط سوق العقار، حيث يؤدي انخفاض الفوائد إلى زيادة القدرة الشرائية للأسر وتحفيز الطلب على السكن؛ مما يدعم قطاع الإنشاءات والعقارات. بالإضافة إلى ذلك، فإن تخفيض كلفة التمويل سيساهم في تحسين القدرة التنافسية للمؤسسات المغربية؛ مما يعزز من الصادرات ويقلل من تأثير التقلبات الاقتصادية الخارجية، ليضمن استدامة النمو على المدى الطويل”.

“توقيت ذكيّ”

بدوره، اتفق زكرياء فيرانو، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة محمد الخامس بالرباط، مع فكرة أن “قرار بنك المغرب بخفض سعر الفائدة جاء في توقيت استراتيجي، وبذكاء، لدعمِ عجلة التعافي الاقتصادي باستحضار حتمية التوازن بين دعم النمو واستقرار الأسعار”، خاصة إثر فترة من التباطؤ والضغوط التضخمية وباستحضار “آفاق مطمْئنة وتسارع دينامية الأوراش الكبرى”.

وحسب فيرانو، مصرحا لجريدة هسبريس، فإن “قرار تخفيض سعر الفائدة من قبل بنك المغرب كان متوقعا وتدعمُه بوضوح التوجهات الاقتصادية الدولية، (عكس ما راج قبل اجتماع المجلس)، لا سيما أن بنك المغرب مرتبط بالتّبع بالسياسة الاقتصادية والنقدية التي يحددها البنك المركزي الأوروبي والفيدرالي الأمريكي اتّجها نحو خفض سعر الفائدة لدعم النمو والتشغيل”، مستحضرا أن “بنك المغرب لم يتوقع حدوث تضخم كبير وحصره في نطاق 2 في المائة خلال السنة والنصف سنة المقبلة؛ مما أتاح فرصة لتخفيض الفائدة”.

وتخفيض سعر الفائدة “يهدف إلى دعم استثمارات القطاعيْن العام والخاص، خاصة في ظل الظروف الإيجابية مع صلابة الاقتصاد ومؤشرات خضراء في المالية العمومية، وتوقعات محيَّنة بزيادة في نسبة النمو بفضل الإنتاج الفلاحي المرتقب أن تنقذه التساقطات الأخيرة بنسبة 60–70 في المائة، أورد أستاذ الاقتصاد محللا: “بنك المغرب يسعى إلى دعم التشغيل والنمو عبر ميكانيزمات جديدة تشمل نسب فائدة تفضيلية للبنوك لتموّل المقاولات الصغرى وتحفّز المحافظ الاستثمارية لرؤوس الأموال”.

تحديات ممكنة

يطرح قرار “المركزي المغربي” بإقرار سياسة نقدية تيسيريّة خلال الفصل المقبل “تحديات” تشمل “التعامل مع القطاع غير المهيكل وزيادة جهود استدماجه”، باستحضار “ضرورة دعم القدرة الشرائية للمواطنين”، حسب قراءة فيرانو.

المصرح لهسبريس شدد على أنه “وجب التأكيد على أهمية وجود سياسات نقدية تساهم في دعم النمو بجانب التحكم في التضخم”، لافتا إلى أن “تخفيض سعر الفائدة يساهم في الحفاظ على تنافسية صرف الدرهم وجذب الاستثمارات الدولية.. وهذا معطى مهمّ جدا لا ينبغي إغفاله”.

أما بالنسبة لإيشو، فـ”ضمان تحقيق الفوائد القصوى من هذا القرار يجب معه تبني إصلاحات هيكلية داعمة تشمل تعزيز برامج دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة لتسريع استفادتها من التمويلات المتاحة؛ مما سيساهم في تحفيز بيئة ريادة الأعمال وخلق فرص عمل جديدة”.

وقال بشأن التحديات: “ينبغي توجيه هذه السياسة نحو تحفيز الاستثمارات الإنتاجية بدلا من التركيز فقط على القروض الاستهلاكية، لضمان نمو مستدام قائم على تعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري مراقبة التضخم والأسواق المالية بشكل مستمر لضمان عدم حدوث آثار جانبية غير مرغوبة، مثل ارتفاع الأسعار أو اختلالات في سوق الائتمان؛ مما قد يؤثر سلبا على استقرار الاقتصاد الكلي”.

كما أكد على أهمية “توجيه القروض بأسعار فائدة ميسَّرة نحو المشاريع الريادية والمقاولات الناشئة، مع توفير حوافز إضافية لرواد الأعمال في القطاعات الإنتاجية والتكنولوجية؛ مما يسهم في خلق بيئة اقتصادية أكثر ديناميكية واستدامة”.

وأجمع الأكاديميان الاقتصاديان على أنه “من الضروري أنْ ترافق هذه السياسة النقدية برامج دعم لريادة الأعمال، من خلال إحداث صناديق استثمارية وتمويلات مخصصة للمقاولين الشباب؛ مما يعزز فرص الابتكار والتوسع في المشاريع الناشئة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا