مع اقتراب نهاية الموسم الدراسي الجاري تسعى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى تعزيز التحصيل الدراسي للتلاميذ عبر برامج الدعم المدرسي، التي تهدف إلى مساعدة المتعثرين على تجاوز الصعوبات التي تعترض طريقهم نحو النجاح، باعتبار الدعم المدرسي فرصة لتحسين مستوى التلاميذ وتقليص الفجوات التعليمية، ما يضمن تكافؤ الفرص بينهم.
وأمام الأهداف التربوية التي يحاول الدعم المدرسي تحقيقها لفائدة التلاميذ والتلميذات يُثار نقاش بين المشتغلين في قطاع التعليم حول مدى فعالية برامج الدعم المدرسي وأهميتها في التحصيل الدراسي، وطبيعة الإكراهات التي قد تواجه الأساتذة والتلاميذ على حد سواء، وما الحلول الممكنة لتجويد هذا النوع من المبادرات التربوية لكي تحقق الفائدة القصوى منها على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
محمد العِيبد، أستاذ التعليم الابتدائي، قال إن “الدعم التربوي أو المدرسي يعد من العوامل الأساسية في تحسين التحصيل الدراسي لدى المتعلمين، إذ يساهم بشكل كبير في رفع مستواهم التعليمي، وذلك من خلال تكثيف التعلمات، والتركيز على معالجة نقاط الضعف والصعوبات التي يواجهها الطلاب، والعمل على تجاوزها عبر أنشطة تربوية وتعليمية تتناسب مع كل مستوى دراسي”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الدعم التربوي يمكن أن يحقق المبتغى منه إذا توفرت له الظروف المساعدة، كالغلاف الزمني، والعدة التربوية، والمعينات الديداكتيكية، والفضاء التربوي؛ إضافة إلى الدعم المادي واللوجستيكي للمدرسين القائمين على هذه العملية، مع توفير التكوين المستمر للأطر التربوية في مجال الدعم التربوي”.
واستدرك العيبد قائلا: “هذا الدعم يصطدم ببعض المعيقات والإكراهات، أهمها الغلاف الزمني المخصص له، واتصاله مباشرة بالغلاف الزمني الخاص بحصص الدراسة العادية، ما يؤدي إلى تعب وإرهاق التلاميذ، وبالتالي عدم التركيز”، لافتا في الوقت ذاته إلى أن “عدم الاكتراث بهذه العملية من طرف الأسرة يؤدي إلى عدم التزام المتعلمين، وكثرة غيابهم خلال حصص الدعم، إضافة إلى وجود إكراه النقل المدرسي، خصوصا في المناطق البعيدة عن المدارس”.
ولتحسين جودة برامج الدعم المدرسي أشار أستاذ التعليم الابتدائي إلى ضرورة “إسناده إلى أطر كفأة مختصة في هذه العملية، مع إجرائه في أوقات محددة ومضبوطة خارج الزمن الدراسي، وإعداد وتهييء العدة التربوية والورقية الخاصة بالدعم المدرسي، وإدماج الأسرة في هذه العملية لكي تواكب المتعلمين المستفيدين من الدعم”.
جبير مجاهد، أستاذ وباحث في الشأن التربوي، قال إن “الدعم المدرسي يضطلع بأهمية بالغة في تحسين التحصيل الدراسي للتلاميذ، إذ يركز على معالجة النواقص التي يعاني منها بعضهم لمساعدتهم على تجاوز التحديات التعليمية، ويساهم في تقليص الفجوة بين المتعلمين من خلال تمكين التلاميذ الذين يواجهون صعوبات في التعلم من اللحاق بزملائهم، كما يعمل على تعزيز الفهم واستيعاب المفاهيم الصعبة، إضافة إلى دوره في زيادة ثقة التلميذ بنفسه، ما يعزز دافعيته للتعلم ويساهم في الحد من الهدر المدرسي”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الدعم المدرسي ساهم بشكل ملموس في تحسين مستوى التعلمات لدى التلاميذ المتعثرين، حيث يساعدهم على تحقيق تحسن ملحوظ في نتائجهم الدراسية، خصوصًا في المواد التي تتطلب مهارات استيعاب وتحليل أكبر مثل اللغات والمواد العلمية”، مؤكّدا أن “توفير حصص الدعم بشكل منتظم ومنهجي يسهم في تعزيز قدرات التلاميذ الأكاديمية ويمكنهم من بناء معارف أقوى في المواد الدراسية التي يواجهون فيها صعوبات”.
وأشار مجاهد إلى أن “هناك مجموعة من الإكراهات التي تعترض فعالية الدعم المدرسي، أبرزها ضيق الوقت وكثافة المقررات الدراسية، ما يجعل من الصعب تخصيص وقت كافٍ لجميع التلاميذ المستفيدين”، وزاد: “كما أن تنوع احتياجات التلاميذ واختلاف مستوياتهم يشكل تحديًا للمدرس، الذي يجد صعوبة في الاستجابة لهذه الفروقات وضمان استفادة كل التلاميذ من الدعم بشكل متساوٍ وفعّال”.
وأكد الأستاذ والباحث في الشأن التربوي أن “نجاح الدعم المدرسي في تحقيق أهدافه يتطلب وضع تصور واضح لتنفيذه، من خلال توفير الموارد الكافية، وضمان مشاركة فعالة من التلاميذ وأولياء الأمور، إلى جانب وضع آليات لتقييم أثره بشكل دوري”، معتبرا أن “التقييم المستمر يساعد في تحديد نقاط القوة والضعف في العملية، ما يتيح تحسينها وضمان استجابتها لحاجيات التلاميذ بشكل أكثر فاعلية”.
في إطار تعزيز الدعم التربوي داخل المؤسسات التعليمية اقترَحَ محمد يَعزة، مفتش تربوي بالسلك الابتدائي، “توطين هذه العملية ضمن استعمال الزمن، من خلال تخصيص غلاف زمني أسبوعي لهذه الأنشطة”، موضحا أن “المنهاج الدراسي حالياً خصص ثلاث ساعات أسبوعياً لأنشطة متنوعة، مثل اللغة الأمازيغية والدعم والتكوين المستمر، وعند توفر أستاذ متخصص لتدريس الأمازيغية يتم تخصيص هذه الساعات لتدريس اللغة الأمازيغية”.
وشدد المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على ضرورة “التركيز على الدعم المندمج داخل الحصص المخصصة له ضمن الغلاف الزمني الدراسي الأسبوعي”، و”استغلال أسابيع الدعم التي تُخصص في بداية السنة الدراسية وقبل بدء تنفيذ البرنامج الدراسي، وكذلك في الأسبوع الأخير من كل وحدة دراسية، لتوفير الفرصة الكافية للتلاميذ لتجاوز الصعوبات التي قد يواجهونها”.
وعلى مستوى التخطيط اقترح محمد يَعزة “الانطلاق من خطط الدعم الإقليمية والجهوية لإعداد خطة دعم محلية ضمن آلية مشروع المؤسسة المندمج”، مضيفا أنه “من أجل تحقيق الأهداف التربوية المنشودة يجب اعتماد مقاربة تشاركية تأخذ بعين الاعتبار الإكراهات المحلية، مع استثمار الفرص المتاحة لتحسين جودة العملية التعليمية”.
ونبّه المفتش التربوي ذاته إلى ضرورة “إعطاء الأولوية للتلاميذ المتعثرين بشكل كبير بهدف تمكينهم من مواكبة زملائهم المتمكنين وتقليص الفوارق التعليمية بينهم”، و”الاهتمام بتوفير الدعم للأطفال في وضعية إعاقة مع ما يتطلبه ذلك من أطر تربوية مؤهلة ووسائل تعليمية ملائمة”، و”توفير الظروف المادية والبنية التحتية الضرورية مثل الحجرات الدراسية والمرافق الصحية والنقل والإطعام المدرسي، خاصة في المناطق القروية”.
وأكد المتحدث ذاته على ضرورة “تسريع مسطرة صرف تعويضات الأطر المنخرطة في عملية الدعم”، مشيرا إلى أن “مستجد انخراط جمعية دعم مدرسة النجاح في هذا الصدد من شأنه أن يحقق المبتغى”، ومشددا على أنه “في ما يتعلق بالتعويضات المالية المؤداة مقابل إنجاز ساعات الدعم المؤسساتي (خارج أوقات العمل) ينبغي أن تتناسب مع الأعباء الإضافية لهذه العملية”.