آخر الأخبار

من الكواليس إلى الواجهة .. ملف نزاع الصحراء يطيح بأقنعة النظام الجزائري

شارك

فضحت التطورات التي تشهدها قضية النزاع المفتعل حول الصحراء، وبشكل جلي، ملامح تورط الجزائر، إذ لم يعد النظام الحاكم في هذا البلد قادرًا على إخفاء أدواره الحقيقية في هذا الملف أو تحريكه من خلف الكواليس من خلال ميليشيا البوليساريو؛ فقد أسقطت البيانات والخطوات الرسمية الجزائرية الأخيرة كافة الأقنعة والشعارات التي ظل قصر المرادية يرددها منذ عقود، ومنها شعار أن قضية الصحراء تخص “الصحراويين” وليس الدولة الجزائرية.

آخر هذه الخطوات كانت إقدام مجلس الأمة الجزائري على قطع علاقاته مع مجلس الشيوخ الفرنسي بعد زيارة قام بها رئيس الأخير إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة، وهو ما اعتبرته هذه المؤسسة الجزائرية “تصرفًا مرفوضًا يزدري الشرعية الدولية”، بتعبيرها. وهذا ما يعزز طرح الرباط التي ظلت تؤكد أن الجزائر هي الطرف الحقيقي والفاعل الأساسي في هذا النزاع، الذي دفعت التحولات الدبلوماسية الكبرى التي يشهدها حكام الجارة الشرقية إلى الظهور العلني كطرف رئيسي في هذه القضية، مقابل تلاشي أدوار الجبهة الانفصالية، التي تكتفي بإعادة تدوير الخطاب الرسمي الجزائري وسط العزلة المتزايدة التي تعيشها.

في هذا الصدد قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع، إن “بلاغ مجلس الأمة الجزائري وقبله العديد من البيانات تندرج في إطار حالة التخبط السياسي التي يعيشها النظام في الجزائر، نتيجة الانتصارات الدبلوماسية والسياسية التي يعرفها النزاع الإقليمي المفتعل في الصحراء المغربية، من خلال العمل الجاد والمسؤول للفاعل السياسي والدبلوماسي المغربي على ترسيخ السيادة المغربية عبر دينامية دبلوماسية ترافعية رصينة وقوية”.

وأضاف البراق في حديث لهسبريس أن “مثل هذه البيانات تؤكد حقيقة الاستعلاء الموهوم للجزائر في التعامل مع محيطها الإقليمي، واللغة غير الحضارية التي تفتقر إلى أبجديات الدبلوماسية المستخدمة في التعبير عن المواقف السياسية الجزائرية، وهذا واقع ملموس”، مبرزًا أن “الخطاب الجزائري، بشكل عام، هو خطاب دعائي مؤدلج وليس خطابًا سياسيًا مهنيًا احترافيًا”، وزاد: “نلحظ أن اللغة الخطابية الجزائرية في البلاغات الأخيرة تأتي دائمًا مصحوبة بالتلويح بتهديد أو وعيد، في ما بات يشبه سباقًا بين المؤسسات في الجزائر على إظهار التشدد والتطرف في التعبير عن المواقف والسياسات الجزائرية”.

وتابع الخبير ذاته بأن “البلاغات الجزائرية تؤكد أيضًا على الطبيعة الانفعالية والأسلوب غير المسؤول لصانع القرار السياسي في الجزائر، وغياب الحس المهني الملتزم بالقواعد والبروتوكولات الدولية المتعارف عليها في طبيعة العمل السياسي والبرلماني؛ كما تؤكد على تجنيد النظام الشمولي الجزائري لكل مؤسسات الدولة الجزائرية من أجل الانخراط في مشروع تقسيم المملكة المغربية والإضرار بالمصالح العليا والأمن القومي للمغرب”.

وأشار المتحدث نفسه إلى “غياب مفهوم السيادة الشعبية في الجزائر، حيث يوظف جنرالات البلاد المؤسسات، بما فيها البرلمان، من أجل التهجم على المملكة المغربية والتدخل الفج في سيادتها واستقلالية قراراتها وشؤونها الداخلية”، مشددًا على أن “هذا الأمر هو جزء من الحرب السياسية والدبلوماسية الجزائرية المعلنة بشكل مفضوح ضد مصالح المغرب وأمنه، ويعبر بشكل واضح لا لبس فيه عن الأجندة والأدوار الجزائرية المشبوهة في قضية الصحراء، التي تستهدف سيادة المملكة المغربية”.

من جهته أوضح جواد القسمي، الباحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي، أن “بلاغ مجلس الأمة الجزائري بشأن الزيارة التي قام بها رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي للعيون تعبير واضح عن حالة التوتر التي يعيشها النظام الجزائري في ظل التقارب الكبير والتماهي في وجهات النظر بين المغرب وفرنسا، خصوصًا بعد دعم باريس السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، وتأكيد هذا الدعم من خلال مجموعة من الخطوات ذات الدلالات السياسية الواضحة”.

وأضاف القسمي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه الحالة الجزائرية يمكن تلمسها بشكل واضح من خلال اللهجة التصعيدية في الخطاب الرسمي الجزائري في الآونة الأخيرة، حين يتهم الجانب الفرنسي بما يسميه ‘ازدراء الشرعية الدولية’ و’التناغم مع السياسات الاستعمارية’، وكذا التعليق الفوري للعلاقات مع مجلس الشيوخ الفرنسي، ما يشير إلى غضب عميق من هذه الزيارة ومن الدولة الفرنسية”.

وتابع الباحث ذاته بأن “النظام الجزائري حاول شيطنة هذه الزيارة من خلال العمل على ربطها باليمين المتطرف”، مؤكدًا أن “اللافت للنظر أن هذا البلاغ صادر عن مؤسسة رسمية جزائرية، وليس عن قيادة البوليساريو، ما يوحي بأن الجزائر لم تعد تستطيع الاختباء وراء البوليساريو وتحريكها من بعيد، بل أصبحت تأخذ زمام المبادرة في قضية الصحراء، وتحد من ظهور الجبهة كطرف مستقل في النزاع، في ظل تراجع قدرتها على التأثير في الأحداث؛ ما يؤكد للجميع، بما لا يدع مجالًا للشك، أن الجزائر هي الطرف المباشر في نزاع الصحراء”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا