مع اقتراب شهر رمضان، تزداد مشاعر التكافل والتعاضد بين الناس؛ فيسارع الكثيرون إلى توزيع الصدقات والتبرعات والمساعدات على الفقراء والمحتاجين، باعتبار شهر الصيام فرصة سنوية لتعزيز قيم العطاء والتراحم، من خلال جمع وتوزيع المواد الغذائية على من يعانون ضيقَ العيش، على أمل أن تعمّ الجميعَ فرحةُ استقبال رمضان.
ولكي تؤتي هذه المبادرات الإنسانية ثمارها، وضع المشرّع المغربي قوانين تضبط عملية جمع التبرعات وتضمن الشفافية في توزيعها ووصولها إلى مستحقيها، خاصة أن الالتزام بهذه الضوابط القانونية يعزز الثقة بين المتبرعين ويشجعهم على تقديم المزيد من الدعم.
وأمام الأهداف النبيلة لجمع وتوزيع التبرعات قُبيْل أو خلال شهر رمضان، تُثار تساؤلات حول السبل الكفيلة بقطع الطريق على من يحاولون استغلال الأجواء الروحانية لاستدراج المتبرعين والانتفاع بعطاءاتهم، دون أن تصل تلك المساعدات إلى مستحقيها فعلا.
من الناحية القانونية، قال خليل رمضاني، محام بهيئة خريبكة، إن “جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية يؤطره القانون 18.18 لضبط عملية جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات، بما يكفل استفادة المحتاجين والمعوزين والأشخاص في حالة استغاثة من المساعدة، وحمايتهم من أي استغلال كيفما كان نوعه، سواء من الجانب السياسي أو الديني، علاوة على بسط الدولة رقابتها على التبرعات وضمان وصولها إلى المستفدين”.
وأكّد رمضاني أن “القانون حصر عمليات دعوة العموم للتبرع في جمعيات المجتمع المدني دون غيرها، ما عدا إذا كان الهدف هو تقديم مساعدات عاجلة في حالة الاستغاثة، وإلزامية إيداع الأموال المتحصل عليها من العموم في حساب بنكي، مع ضرورة توفير الشروط والمعايير المطبقة في مجال حفظ الصحة والجودة، وما يضمن صلاحيتها وسلامتها، وضرورة احتفاظ الجهة المرخص لها بجمع التبرعات على السجلات والوثائق والبيانات المرتبطة بالعمليات”.
وأشار المتحدث إلى أنه “من أجل دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات يشترط الحصول مسبقا على ترخيص تسلمه الإدارة داخل أجل لا يتعدى 30 يوما، ويمكن تقليص الأجل المذكور إلى 24 ساعة في حالة الاستعجال عندما يتعلق الأمر بأشخاص في حالة استغاثة. ويستثنى من الحصول على الترخيص الجمعيات والهيئات والمؤسسات المعفاة بموجب النصوص التشريعية شريطة التصريح لدى الإدارة داخل أجل 15 يوما على الأقل قبل تاريخ هذه العملية”.
قال خليل رمضاني إن “الجهة الداعية إلى جمع التبرعات ملزمة بموافاة الإدارة بتقرير مرفق بجميع الوثائق والمعلومات التي تثبت تخصيص مجموع الأموال المتبرع بها لتحقيق الغرض أو الأغراض المعلن عنها داخل أجل 30 يوما من تاريخ تحقيق الغرض، مع الإدلاء بتقرير مالي مصادق عليه من طرف خبير محاسب إذا تجاوزت حصيلة التبرعات مليون درهم، ويجب على الجهة التي حولت لها الأموال موافاة الإدارة بتقرير يثبت الغرض الذي خصصت له هذه الأموال”.
وفي حالة ضبط مخالفات مرتبطة بجمع التبرعات خارج إطارها القانوني، أكد خليل رمضاني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “يبقى من حق الإدارة وقف عمليات جمع التبرعات من العموم في حال عدم احترام الجهة المرخص لها لشروط الترخيص، وتحتفظ الإدارة بحقها في اللجوء إلى المحكمة لاستصدار أمر قضائي بحجز التبرعات التي تم جمعها من العموم ومصادرتها لفائدة مؤسسة خيرية معينة”.
وأضاف المحامي بهيئة خريبكة أن “القانون 18.18 تضمّن جزءات في شكل غرامات مالية تتراوح ما بين 5 آلاف درهم و500 آلاف درهم في حالة ارتكاب مخالفات من قبيل نشر مؤسسات صحفية أو إعلامية أو جهة أخرى إعلانات تدعو العموم إلى التبرع وجمع التبرعات خلافا لأحكام هذا القانون، أو عدم إيداع التبرعات المالية في الحساب المخصص لها، أو عدم تحويل الأموال المتبقية من عملية جمع التبرعات بعد تحقيق الغرض أو الأغراض المعلن عنها”.