قال حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، اليوم الاثنين، إن الخبرة الباليستيكية التي باشرها خبراء الأسلحة التابعون لمعهد العلوم والأدلة الجنائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، أظهرت أن الأسلحة المحجوزة إثر تفكيك الخلية الإرهابية نواحي بوذنيب وتامسنا الأسبوع الفائت، توجد “في وضعية اشتغال جيدة، كما خضعت لمحوٍ عمديّ لأرقامها التسلسلية بغرض طمس مصدرها، كما تم قطع ماسورة بعضها لتسهيل عملية إخفائها وحملها”.
الشرقاوي وضّح خلال ندوة صحافية حول موضوع تفكيك الخلية أن “الوصول إلى هذه الأسلحة تم بشكل استباقي، ومنع حدوث كارثة لو تمكن أعضاء الخلية من وضع اليد عليها”، مضيفا أن خطورة الخلية التي تطلق على نفسها “أسود الخلافة بالمغرب الأقصى”، “لا تكمن فقط في تعدد الأهداف التي حدّدتها، بل أيضا في كونها كانت مشروعا استراتيجيا لولاية داعش بالساحل لإقامة فرع لها بالمملكة”.
وقال المسؤول الأمني المغربي إن “هذا الأمر يمكن ملامسته من خلال الأسلوب الذي تم اعتماده في إدارتها، إذ قام أعضاء الخلية، بإيعاز من لجنة العمليات الخارجية لهذا التنظيم، بتشكيل لجنة مصغرة مكلفة بالتنسيق معها بخصوص المخططات الإرهابية، وكيفية تنفيذها، وتبليغ الأوامر لبقية العناصر الأخرى”، مشيرا إلى أن “التحريات تفيد بأن المشروع الإرهابي للخلية حظي بمباركة تنظيم داعش في منطقة الساحل، حيث توصلوا مؤخرا بشريط مصور يحرض على تنفيذ هذه العمليات، وذلك إيذانا بانتقالهم للتنفيذ المادي للمخططات التخريبية”.
ولفت المتحدث الأمني إلى أنه “إذا كانت كل محاولات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وكذا التنظيمات التي خرجت من رحمها، فضلا عن تلك الموالية لتنظيم داعش، قد فشلت في إيجاد موطئ قدم لها في المغرب، فإن تفكيك هذه الخلية، أسابيع قليلة بعد تحييد خلية الأشقاء الثلاثة بحد السوالم ضواحي الدار البيضاء، يؤكد أن المملكة المغربية، ونظرا لانخراطها في المجهودات الدولية لمكافحة الإرهاب، تعتبر هدفا محوريا في أجندة كل التنظيمات الإرهابية الناشطة بمنطقة الساحل”.
وتولى الشرقاوي التذكير، مرة أخرى، بـ”أن المغرب كان سباقا إلى دق ناقوس الخطر على المستوى الدولي بخصوص الأهمية الاستراتيجية التي تحتلها القارة الإفريقية في أجندة تنظيم القاعدة، الذي تفرخت منه كل التنظيمات الحالية المساهمة في حالة الفوضى السائدة في العديد من الدول على امتداد منطقة الساحل الإفريقي”.
وأورد مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية (البسيج) أن “اكتشاف مخبأ الأسلحة بمنطقة الراشيدية، يعيد إلى الأذهان خلية أمغالا المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التي تم تفكيكها في يناير 2011″، مضيفا أن “هذه الخلية كانت بدورها تتوفر على مخبأ للأسلحة الحربية على بعد 220 كلم من العيون”، وزاد: “هذا المخبأ لا يمكن الوصول إليه إلا عبر النظام الإلكتروني لتحديد المواقع، الذي تم تسليمه وقتها لشخص واحد وفق الأسلوب الذي اعتمدته الخلية الإرهابية الأخيرة، وهو ما يعد قاسما مشتركا بين الخليتين”.
وقال المسؤول الأمني: “إذا كان البحث مازال مستمرا بخصوص ارتباطات أخرى ممكنة لأعضاء هذه الخلية، واحتمالية وجود امتدادات لها عابرة للحدود، فإنه من الضروري التأكيد أن هذه العملية الأمنية تؤكد نزوع الفروع الإفريقية لداعش لتدويل نشاطها تماشيا مع هدفها في إحياء زخم العمليات الخارجية من طرف قيادة التنظيم الأم، خاصة مع تواجد مجموعة كبيرة من العناصر الأجنبية من مختلف الجنسيات في صفوفها”.
وتطرق الشرقاوي كذلك لـ”ازدواجية التهديدات الإرهابية الخارجية والداخلية المحدقة بالمملكة”، موضحا أن “تفكيك هذه الخلية بعد مدة قصيرة من تحييد خلية الأشقاء الثلاثة، مع بروز دور العامل الخارجي فيهما من حيث الاستقطاب والتأطير الأيديولوجي والعملياتي، يبين بالملموس أن المملكة المغربية تواجه في الوقت نفسه تهديدات إرهابية خارجية وداخلية، وذلك من خلال انخراط العناصر المحلية في الأجندة التوسعية التي تسعى التنظيمات الإرهابية الناشطة بمنطقة الساحل إلى تنفيذها داخل التراب الوطني”.
وعدّ الشرقاوي “ضلوع العناصر الأجنبية في المخططات الإرهابية ضد المملكة، (…) ليس وليد اليوم، بل تعج التجربة المغربية بالأمثلة الشاهدة، التي تؤكد إصرار التنظيمات الإرهابية على استهداف المملكة المغربية”، مشيرا إلى أن “العناصر المحلية التي لم تتمكن من بلوغ معسكرات تنظيم داعش بالساحة الإفريقية، لا تتوانى في التخطيط للقيام بأعمال إرهابية داخل المغرب، تلبية لنداءات قيادة هذا التنظيم التي تدعو مناصريها إلى اختيار أحد الأهداف التقليدية واستهدافه بشتى الوسائل المتاحة”.