آخر الأخبار

الشاعر المغربي الهواري غباري يُقيم "صلاة الخائب" بين الظلام والنور

شارك

أصدر الشاعر والمخرج السينمائي المغربي الهواري غباري، المنحدر من الدار البيضاء والمقيم في لييج ببلجيكا منذ عام 1999، مجموعته الشعرية الأخيرة “صلاة الخائب”.

المجموعة صدرت مؤخرا عن دار “العائدون” للنشر والتوزيع في عمّان، في 93 صفحة من القطع المتوسط، لوحة الغلاف للشاعر والفنان عزيز أزغاي، والتصميم للفنانة لمى سخنيني، وذلك بإشراف من محرّر الدار الشاعر عمر شبانة.

تأتي مجموعة “صلاة الخائب” بعد ديوانه الشعري الأول “حدّثني الماء” الصادر قبل عقدين، 2005، الذي سبق أن كتب عنه الشاعر حسن نجمي على ظهر الغلاف الرابع مقدّما الهواري غباري: “بسيط وعميق. يكتب نصا يشبهه. فيه من التلقائية ومن السخرية ومن المشهدية ما يعطي لكلماته في القصيدة نبرة الكلمات التي على شفتيه. ويستدرج اللغة، ونساء قصيدته إلى الحبائل الإلكترونية الناعمة التي ينصبها في منعطفات الكتابة”.

ولأنّ الشاعر لم يكن مستعجلا على النشر، فقد أخذ متسّعا من الوقت قبل العودة إلى مملكة الشعر عبر هذا الإصدار، رغم مشاركته في كتب أدبية جماعية، من أبرزها “بروكسل المغربية” الصادر باللغة الفرنسية عن منشورات الفنك عام 2015 بتحرير من الشاعر طه عدنان.

ولأنّ الهواري غباري مبدع سينمائي أيضا، فقد استغل توقّفه عن الشعر ليواصل مساره الفنّي، حيث أخرج مجموعة من الأفلام القصيرة التي لاقت نجاحًا نقديًّا، مثل: “القضية فالطّاڭية” 2015، “تفاحة” 2017، “بوخنشة” 2018، “طفل الحبّ” 2020، “النّشبة” 2021، و”ذاكرة للنسيان” 2023.

يضمّ ديوان “صلاة الخائب” خمس عشرة قصيدة مشبعة بحساسية الشاعر الفريدة، وبنظرته العميقة التي لا تخلو من سخرية، حيث يستكشف موضوعات الخيبة والرّجاء، في تناغم فنّي بين الظلام والنور في الحياة البشرية، حيث طلبُ العلاج والاستشفاءُ بالشعر لا يتأتّى إلّا من خلال القراءة.

في الغلاف الرابع نقرأ من قصيدته “رُقية شِعرية”:

اقرَأْ

باسْمِ أُفُقِ الضّوءِ

باسمِ المَرَايَا المُنْهَكَةِ

بِتَأْوِيل الوُجُوه

اقرَأْ

لِتَمْحُوَ عَارَ الّذين

رَسَبُوا فِي امْتِحَان الوَطَنْ

لِتَجْلُبَ ثَأْر العَقْلِ

وَثَأْرَ الّذين

نَجَحُوا فَشرّدَتْهُم

دَسَاتِيرُ القَبِيلَة

اقرَأْ

باسم هذا القَلَمْ

سَطْرًا مِنَ الحُبِّ

وسَطْرَينِ مِنَ الأَلَمْ

اقرأْ

لِتَصِيرَ الأَرْضُ لَك

وَكلُّ أسْبَابِ الجِنَانْ.

وطبعا، لا يمكن للشاعر أن يكتب قصيدته خارج شرطه الوجودي، لهذا كان لوضعية الهجرة والمهاجر حضور قوي في الديوان، حيث حرصت العديد من قصائد هذه المجموعة على أن تفلسف وضع الهجرة وتكابد لعنة التيه وتُصرّفه عبر الكلمات:

غامضُ الخُطواتِ

لأنِّي أحملُ سرَّ هذا الليلِ

الذي يَحضنُ فجرَ أيَّامِي

ويدايَ محضُ طريقٍ

بِلا أرصِفةٍ

وَزادِي اللُّغة

كُلَّما وَاصلتُ المشيَ

سَاد الجوعُ ظلالَ الأبْجَديات

وَأنا كسَاحرٍ ألهُو بِالكَلمات

ولِي طاقيةٌ تُخفي ما أعرفُ

وما لستُ أعرفُ

لا يخلو الديوان من حبّ. كما لا يخلو من حوار يكمّل جمالية النّص ضمن سيناريو يستعيد خلاله السينمائي أدواره الفنّيّة شعريًّا هذه المرّة:

قال لها:

ماذا أهديكِ؟

قالت:

شارعًا في قلبكَ

ألوذُ إليهِ كلما تعبَتْ خُطاي

قالتْ له:

ماذا أهديكَ؟

قال:

لقد أهديتِني كلَّ شيء

أهديتِني سببًا مقنعًا

للحَياة.

لقد أقام غباري رابطًا لا ينفصم بين شغفيه، الشعر والسينما، مستكشفًا بحساسية خاصة أبعاد الحالة الإنسانية، سواء كانت فردية أو جماعية.

وفي مجموعته الشعرية “صلاة الخائب”، يكشف عن عالم شعري يصبح فيه الغائبُ خائبًا، وتستحيل فيه خيبة الأمل قصيدة، حيث تصبح كل كلمة وكل سطر دعوة للتأمل العميق في تجارب النفس البشرية ورغباتها المعقّدة:

ليست هذه فلسفتي في الحياةِ

لكنّها أمِّي

عندما حذّرتني

من النارِ والبحرِ والحاكمِ

نسيتْ أن تضع تمائمَ لروحي

فنما لي لسانٌ

وصارت لي أجنحَةٌ

مع هذا الإصدار الجديد، يؤكّد الهواري غباري عدم خفوت صوته الشعري، الذي يستلهم توقّده من خصوصية تاريخه المغربي ورؤيته المنفتحة للوجود، في تأثر واضح بتجربة الهجرة التي عاشها على امتداد أزيد من عقدين ونصف.

وسيتمّ تقديم ديوانه “صلاة الخائب” في الدورة الثلاثين من المعرض الدولي للنشر والكتاب الذي سيقام في الرباط من 17 إلى 27 أبريل 2025، وهي الدورة التي ستحتفي بما تنتجه الدياسبورا المغربية في المهاجر من فنون وآداب.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا