آخر الأخبار

هيئة النزاهة ترفض تقييد حق الجمعيات في جر "المسؤولين الفاسدين" إلى القضاء - العمق المغربي

شارك الخبر

رفضت الهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة والوقاية منها، المقتضيات الواردة في المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، حيث اعتبرتها تقييدا لحق الجمعيات في مقاضاة المسؤولين المتورطين في قضايا الفساد المالي.

واعتبرت الهيئة في رأيها حول مشروع قانون المسطرة الجنائية أن التعديل على المادة 3 يحتوي على إشكاليات دستورية من الناحيتين القانونية والموضوعية. يتمثل الإشكال في أن التعديل يقتصر على إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في الجرائم المتعلقة بالمال العام بناءً على طلبات من جهات محددة، مثل الوكيل العام للملك، والمجلس الأعلى للحسابات، والمفتشيات العامة للوزارات، والهيئة الوطنية للنزاهة.

إقرأ أيضا: المسطرة الجنائية تصل البرلمان والحكومة تتمسك بمنع الجمعيات من مقاضاة رؤساء الجماعات

وبحسب الهيئة، فإن ذلك “يشكل تضييقا على ولوج فئات من المعنيين مباشرة إلى القضاء، في مخالفة صريحة لروح ومقصود الدستور بهذا الخصوص، وفي تعارض مع مقتضيات الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد التي أوصت بتوسيع مفهوم المبلغ وحمايته، بحيث يشمل بالإضافة إلى الشاهد والضحية والخبير الذين يعتبرون أطرافًا في الدعوى العمومية، الشخص الطبيعي أو المعنوي؛ سواء كان موظفًا عموميًا أو مستخدمًا في القطاع الخاص أو شخصًا عاديًا، وسواء كان هيئة مجتمعية أو منظمة غير حكومية أو هيئة مهنية أو شركة”.

كما سجلت الهيئة أن هذا التضييق، بالإضافة إلى كونه يجعل تدخل النيابة العامة في الجرائم المتعلقة بالمال العام مقيدًا بالحالات الحصرية السالفة الذكر، فإنه يحول دون ولوج مجموعة من الفئات مباشرة إلى القضاء، وهو ينطوي على مخالفة صريحة لروح ومقصود الدستور الذي جاء واضحًا في ضمان حق الجميع في الولوج إلى القضاء.

وأضاف المصدر ذاته أن جرائم الفساد تمس بمصالح الجميع، وأن الضرر الشامل الذي تلحقه جرائم الفساد بالبنى الاقتصادية والاجتماعية للبلاد يجعل الأشخاص الذين يتوفرون على إثباتات وقرائن عن ارتكاب جرائم فساد، وكذا الجمعيات التي تنص أنظمتها الأساسية على أن مهامها وأنشطتها تنصب على مكافحة الفساد، مكتسبين بشرطي “الصفة” و”المصلحة”، كي يمارسوا حقهم الدستوري في الولوج إلى القضاء: شكاية، وتبليغًا، ومقاضاة. وهذا ما يتجاوب مع الدور المنتظر من المواطن والمجتمع المدني في مجال مكافحة الفساد، كما أكدت ذلك مقتضيات الأهمية في الموضوع.

وأشار إلى أن مقتضيات المادة 3 تتعارض أيضًا مع الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد التي أوصت بتوسيع مفهوم المُبلغ وحمايته كي يشمل، بالإضافة إلى الشاهد والضحية والخبير المعني بالدعوى العمومية، الشخص الطبيعي أو المعنوي سواء كان موظفًا عموميًا أو مستخدمًا في القطاع الخاص أو شخصًا عاديًا، وسواء كان هيئة مجتمعية أو منظمة غير حكومية أو هيئة مهنية أو شركة. ويتضح من الدراسات المقارنة أن التشريعات الدولية ذات الصلة سارت في هذا الاتجاه التوسيعي لمفهوم المبلغ، بما يستوعب المواطن والموظف العمومي والمستخدم في القطاع الخاص والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة، بما في ذلك جمعيات المجتمع المدني.

إقرأ أيضا: مشروع المسطرة الجنائية.. الغلوسي: المادة 3 شرعنة للفساد وتكميم للمجتمع المدني

علاوة على ذلك، تتضارب مع المادة 42 من قانون المسطرة الجنائية التي أناطت بالسلطات المنتصبة وبالموظفين مسؤولية التبليغ الوجوبي والفوري لدى النيابات العامة عن الجرائم التي تصل إلى علمهم أثناء مزاولتهم لمهامهم، باعتبارهم يمثلون الجهة الأوفر حظًا للاطلاع والتبليغ عن جرائم الفساد التي يمكن أن ترتكب داخل المرافق العمومية.

كما أكدت هيئة النزاهة أن التعديل المقترح لا يتماشى مع التوجهات العالمية التي تشجع على تعزيز التبليغ عن الفساد، كوسيلة لبناء الثقة في المؤسسات وزيادة مشاركة الأفراد والمنظمات في مكافحة الفساد. وأشارت إلى أهمية فتح المجال أمام جميع المعنيين من أفراد ومنظمات لتقديم شكاواهم بكل أمان، لضمان تدخل السلطات القضائية في محاربة الفساد، مؤكدة أن المنتظم الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي، يعزز حماية المبلغين ويعطيها أولوية في أجندته، بعد انضمام المغرب إلى المجلس الاستشاري للاتحاد.

إلى ذلك، أوصت الهيئة بحذف الفقرتين السابعة والثامنة من المادة 3، تجاوبًا مع مقصود الدستور وتلاؤمًا مع الاتفاقية الأممية، بما يفسح المجال أمام مختلف فئات المجتمع لتقديم شكاياتهم وتبليغاتهم إلى القضاء.

وأشارت الهيئة إلى أن المشروع أدخل تعديلا في المادة 7 يشترط حصول الجمعيات المعترف بها بصفة المنفعة العامة على إذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل. وأكدت أن هذا الشرط يقيّد قدرة الجمعيات على الانتصاب كطرف مدني، مما يتعارض مع توجهات الدستور التي تضمن حرية عمل الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في ممارسة أنشطتها ضمن احترام الدستور والقانون. وأضافت أن هذا الشرط يتناقض مع دور الجمعيات في الديمقراطية التشاركية والمساهمة في إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية.

وأوضحت إلى أن شرط حصول الجمعيات على إذن بالتقاضي من وزارة العدل للانتساب كطرف مدني في قضايا الفساد يشابه ما ورد في القانون الفرنسي، ولكن مع اختلاف أن التشريع المغربي يشترط أن تكون الجمعية معترفا بها كجمعية ذات منفعة عامة. كما أن هذا الشرط يمنح وزارة العدل سلطة تقديرية، مما يفصل بين السلطتين القضائية والتنفيذية.

واقترحت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، حذف شرط الحصول على إذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل حسب الضوابط التي يحددها نص تنظيمي، بالإضافة إلى شرط الاعتراف بصفة المنفعة العامة، بشكل يضمن عدم التضييق على حق الجمعيات في الانتصاب كطرف مدني، لكونه، من جهة، يشكل إرجاعا لتقييد الانتصاب بصفة المنفعة العامة، ومن جهة أخرى، لكون هذا الإذن يخضع السلطة التنفيذية لتقدير قضائي، بما يتناقض مع مبدأ استقلالية السلطة القضائية.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا