آخر الأخبار

لحجمري: عطاء الراحل عباس الجراري واضح في العلم والتأصيل الثقافي

شارك الخبر

قال عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، إن عضو الأكاديمية الراحل الأكاديمي عباس الجراري “شخصية علمية كانت ولا تزال حاضرة، بعلمها وإرثها الغني في العلم والثقافة والإنسانيات”؛ وذلك في ندوة نظّمت بمناسبة الذكرى الأولى لرحيله، كانت “وقفة تأمل وتقدير لمسيرته الحافلة بالعطاء، وقد كرّس حياته لخدمة الثقافة والفكر والأدب المغربي، مخلفا مسارا لا يُنسى في مسار العلم والتأصيل الثقافي”.

مصدر الصورة

تم هذا اليوم الخميس بمقر أكاديمية المملكة المغربية في الرباط، ضمن افتتاح ندوة دولية تنظم في الذكرى الأولى لرحيل عضو الأكاديمية عباس الجراري بعنوان “الثقافة والتراث بين الخصوصية والكونية”، حيث قال لحجمري إن الفقيد “نموذج للعِلم الموسوعي، والمثقف الملتزم الذي منح حياته للعلم والفكر، بأصالة الفكر وروح التجديد، وعمق البحث الأكاديمي، وصدق الالتزام الوطني”.

وتابع أمين سر الأكاديمية: “لقد كان عباس الجراري من أبرز الباحثين الذين تناولوا قضايا الثقافة والتراث برؤية نقدية متفردة، تدفّقت طيلة 60 عاما في حقول الدراسات الأدبية المغربية والأندلسية، والفكر الإسلامي، والتراث الشعبي، والإبداع الشعري، والإصلاح الاجتماعي، والتاريخ الأدبي، والتأريخ للأعلام. بتوازن فكري اتسم بالعمق والتراث، ومنهجية شاملة، لتشخيص التحديات التي تواجه الثقافة والتراث، في ظل التحولات المعاصرة”.

مصدر الصورة

وواصلت الكلمة: “لم يكن يعتبر الجراري الخصوصية الثقافية حالة انعزال عن العالم، بل نظر إليها بوصفها قدرة على التعبير عن الهوية الثقافية، بطرق تكشف عن قيمها المتميزة؛ مما يعزز تفاعلها الإيجابي مع الثقافات الأخرى. ومن هنا، نبع اقتناعه بأن التراث العربي الإسلامي بما يزخر به من قيم أخلاقية وإنسانية ومعرفية ركيزة أساسية لبناء مستقبل ثقافي يتفاعل مع تحديات العصر، وحذر من أن الانبهار الأعمى بالكونية قد يؤدي إلى طمس الخصوصية الثقافية وإضعاف الهوية الوطنية”.

سبيل تحقيق التوازن، إذن، حسب الراحل الجراري، “يكمن في تعزيز الوعي الثقافي لدى الأفراد لفهم تراثهم وقيمته الحضارية؛ مما يمكنهم من الانخراط في العالم بثقة معرفية واستقلالية رأي”.

وتطرق لحجمري إلى “القراءة المتأنية في الأدب المغربي”، التي قدمها عضو الأكاديمية الراحل، مع عناية بأبرز ما شكل معالمه عبر العصور، وتجسديه للهوية الوطنية، والحفاظ على الخصوصية الثقافية؛ مبينا “كيف يكون الأدب وسيلة للتجديد الثقافي، بالتعبير عن الواقع المعاصر دون التفريط في أصالة الواقع الثقافي”.

مصدر الصورة

كما عاد إلى عنايته خاصة بالقصيدة الزجلية، “التي طالما ظلت على هامش الدراسات الأدبية، ولم تحظ بما تستحقه من تقدير”. وزاد: “في أطروحته “القصيدة” أعاد النظر في الزجل بوصفه يعكس ملمحا من ملامح هوية المغاربة، وقيمته الفنية والأدبية، وتكلل بمشروع “موسوعة الملحون” الذي أشرف عليه في أكاديمية المملكة؛ بهدف توثيق هذا التراث الأدبي العريق، وصيانته للأجيال المقبلة، وهي مبادرة كان لها أثر بالغ في رفع مكانة الملحون دوليا، فاعترفت به منظمة “اليونسكو” ضمن قائمتها التمثيلية للتراث الإنساني العالمي، لقيمته الأدبية ودوره في تعزيز التراث الإنساني”.

مصدر الصورة

ويقدّر أمين سر أكاديمية المملكة المغربية أن سبيل دفع القطيعة والتنافر بين الخصوصية والكونية “تعزيز الهوية الثقافية بفهم عميق بالتراث وقيمه، وإنتاج قيم معاصرة وكونية تقبل الآخر بعقلية الحوار والتبادل بعيدا عن أي شكل من أشكال الهيمنة أو التبعية، فتصير الخصوصية منبعا لبناء مشترك إنساني”.

ثم أردف قائلا: “التعليم حجر الزاوية في الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية، والوسيلة الأنجع لنقل القيم والمعارف عبر الأجيال، وتنمية الوعي لدى الأجيال الناشئة بأهمية الموروث الثقافي، بثقة واستقلالية في التفاعل مع العالم، والاستلهام الفاعل؛ من أجل مجتمع متوازن قادر على الحفاظ على خصوصيته الثقافية، والانفتاح على العالم برؤية نقدية”.

مصدر الصورة

هذا التعليم ينبغي، وفق لحجمري، أن يتمّ عبر “مقاربات مبتكرة لتفاعل الطلاب مع موروثهم في الأدب والعلوم الاجتماعية والفنون”، حتى لا نقتصر على التوثيق؛ بل يمتد العمل “إلى إعادة تفسير التراث بطرق تواكب التحديات المعاصرة”.

وختم عبد الجليل لحجمري كلمة أكاديمية المملكة بقول: “كان عباس الجراري علما من أعلام الفكر والثقافة المغربية، كرس حياته لدراسة قضايا التراث والهوية، وتسليط الضوء على القيم التي تشكل جوهر الشخصية المغربية، وأبرز الخصوصية الثقافية للمغرب في انسجام مع آفاق الكونية؛ مما ساهم في تعزيز الحوار الثقافي والانتماء الإنساني المشترك”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا