علمت “العمق المغربي” من مصادر موثوقة أن الحكومة أحالت هذا الأسبوع ، مشروع القانون رقم 03:23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، بالأسبقية على مكتب مجلس النواب بعد أشهر من مصادقة مجلس الحكومة على المشروع الذي رافقصه جدل كبير من لدن طيف واسع من الأوساط الحقوقية والسياسية.
وتطبيقا لأحكام الفقرة الأولى من الفص 77 من الدستور، يسهر مجلس النواب على الحفاظ على توزان مالية الدولة. وبحسب مقتضيات المادة 180 من النظام الداخلي لمجلس النواب، يقوم مكتب المجلس فور توصله بمشاريع ومقترحات القوانين التي تم ايداعها لديه أو إحالته إلى المجلس، بتوزيعها على جميع النائبات والنواب ورقيا أو على حامل الكتروني.ويحيط رئيس مجلس النواب رئيس مجلس المستشارين علما بصفة دائمة ومنتظمة بكل مشروع أو مقترح قانون تم ايداعه لدى مكتب المجلس.
وفي وقت تردد فيه إمكانية إجراء تعديلات جديدة على المشروع، أظهرت نسخة مشروع قانون المسطرة الجنائية المحال على أنظار البرلمان، أنه لم يقع أي تغيير على المقتضيات الجوهرية، التي تضمنتها الصيغة التي أقرتها الحكومة خاصة ما يتعلق بمسطرة إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، التي أسالت مداد كثيرا من طرف جميعات حماية المال العام، بسبب منعها من مقاضاة موظفي الدولة ورؤساء الجماعات.
وحسب نص التعديلات التي تضمنها مشروع قانون المسطرة الجنائية في نسخته الجديدة، فإنه “إذا أقيمت الدعوى العمومية ضد موظف عمومي أو عون قضائي للمملكة، يُبلغ الوكيل القضائي للمملكة كذلك بكل دعوى عمومية يكون موضوعها الاعتداء على أموال أو ممتلكات عمومية أو أشياء مخصصة للمنفعة العمومية أو الاعتداء على موظفين عموميين أثناء أو بمناسبة ممارستهم لمهامهم. ومع مراعاة مقتضيات الفقرة الخامسة من مشروع قانون المسطرة الجنائية، تُبلغ الوكيل القضائي للجماعات الترابية الدعوى العمومية المقامة ضد أحد موظفيها أو عضو من أعضاء مجالسها أو هيئاتها، إذا كانت الدعوى العمومية تتعلق بالاعتداء على أموال أو ممتلكات تابعة لهذه الجماعات الترابية أو هيئاتها”.
ووفق أحكام المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية، “لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيساً للنيابة العامة، بناءً على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناءً على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناءً على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أو أي هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك”.
وخلافاً للفقرة السابقة من المادة الثالثة للمشروع، أكد المشروع الحكومي المحال على البرلمان، أنه “يمكن للنيابة العامة المختصة إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية تلقائياً في الجرائم المشار إليها إذا تعلق الأمر بحالة التلبس. وتراعى عند ممارسة الدعوى العمومية مبادئ الحياد وصحة وشرعية الإجراءات المسطرية والحرص على حقوق الأطراف وفق الضوابط المحددة في هذا القانون”.
وحسب مضمون التعديلات الجديدة التي أقرتها وزارة العدل على مشروع قانون المسطرة الجنائية المنتظر أن يحليه مكتب مجلس النواب على أنظار لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات، تُمارس الدعوى في ارتكابها سواء كانوا أشخاصاً ذاتيين أو اعتباريين، ويقيم الدعوى العمومية ويمارسها قضاة النيابة العامة. وتسقط الدعوى العمومية بالتقادم وبالعفو وبنسخ المقتضيات الجنائية وبالصلح.
صادق مجلس الحكومة، في أواخر غشت الماضي، على مشروع قانون 03.23 بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 الذي أعدته وزارة العدل.ويعتبر مشروع القانون الجديد حسب بلاغ للوزارة، أحد أهم المشاريع التشريعية التي أطلقتها وزارة العدل.
كما يمثل مشروع القانون، المحرك الأساسي لمنظومة العدالة الجنائية، ويرتبط بحماية الحقوق والحريات وتحقيق الأمن العام ومكافحة الجريمة، كما يساهم في تعزيز ثقة الفاعلين الإجتماعيين والإقتصاديين في منظومة العدالة ومؤسساتها.
وفي هذا السياق، قال عبد اللطيف، وهبي، وزير العدل :”إن تبني هذا القانون ليس مجرد خطوة نحو تحديث منظومتنا القانونية، بل هو تجسيد لإرادتنا السياسية الصارمة لإرساء عدالة قوية تضع حقوق المواطن وأمنه في مقدمة الأولويات”.
وتابع في هذا الصدد قائلا:” المشروع سيساهم في تحقيق الأمن القانوني والقضائي بالمملكة ويظل شاهداً على التزامنا بتعزيز سيادة القانون وحماية المكتسبات الديمقراطية التي حققتها المملكة تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس”.
ومن بين المستجدات الرئيسية التي تضمنها المشروع، حسب وزارة العدل، تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، إضافة إلى تعزيز حقوق الدفاع، وتحديث آليات العدالة الجنائية وضمان نجاعتها، وتطوير آليات مكافحة الجريمة، وحماية حقوق الضحايا في جميع مراحل الدعوى العمومية، ثم وضع ضوابط قانونية للسياسة الجنائية، وتعزيز حماية الأحداث وترشيد الاعتقال الاحتياطي.
وأكدت وزارة العدل على أهمية المشروع في تحقيق العدالة وضمان الأمن العام، داعية جميع الجهات المعنية إلى التعاون من أجل إغنائه خلال مراحل مناقشته داخل البرلمان بما يحقق المصلحة العامة.