آخر الأخبار

ملياري درهم مهربة.. هل تشجع إعفاءات "المادة 8" التهرب وتعمق فجوة العدالة المالية؟ - العمق المغربي

شارك الخبر

في خطوة تهدف إلى تعزيز موارد الخزينة العامة وإعادة إدماج الأموال المهربة في الدورة الاقتصادية، أعلن مكتب الصرف عن تسجيل 658 تصريحا ضمن عملية التسوية التلقائية للممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج خلال سنة 2024، بإجمالي مبالغ مصرح بها تجاوزت ملياري درهم، وهي العملية التي تم تفعيلها بموجب المادة 8 من قانون المالية لسنة 2024.

وحسب بلاغ لمكتب الصرف فإن “الأصول المالية تمثل المكون الأساسي للموجودات المصرح بها بقيمة 916,2 مليون درهم، بنسبة 45 في المائة من إجمالي المبلغ، تليها العقارات بقيمة 868,3 مليون درهم (بنسبة 43 في المائة) من إجمالي التصريحات، فيما جاءت الموجودات النقدية في المرتبة الأخيرة بقيمة 244,7 مليون درهم، والتي تمثل 12 في المائة من إجمالي المبلغ المصرح به، وبالمقابل فقد بلغ مجموع مداخيل المساهمة الإبرائية لفائدة الخزينة 231,76 مليون درهم.

جواد لعسري، أستاذ جامعي متخصص في المالية العامة والتشريع الضريبي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أكد في تصريح لـ”العمق” أن المداخيل المحققة ضعيفة للغاية مقارنة بما كان يجب تحصيله.

وأشار إلى أن التوقعات الأولية كانت مبنية على نسب مئوية “مشجعة” لكنها، في الواقع، ستساهم في تشجيع التهرب الضريبي، مضيفا بالقول: “من خلال النسب التي تم تطبيقها، يظهر الفرق الكبير بين ما قدمه قانون المالية لسنة 2024 وما كان ينبغي تحصيله وفق المعطيات الواقعية”.

ويرى لعسري أن التطبيق السليم للقانون كان سيؤدي إلى تحصيل مبالغ مالية مضاعفة، مشددا على أن غياب التفعيل الكامل للمقتضيات القانونية المتعلقة بمكتب الصرف أدى إلى خروج أموال مهمة إلى الخارج بشكل نهائي، مما حرم الاقتصاد الوطني من الاستفادة منها.

منذ عام 2018، تم تطبيق القانون المتعلق بالمادة 8 ثلاث مرات، وهو ما وصفه الأستاذ الجامعي بـ”التراخي تجاه الفئات المستفيدة”، موضحا أن هذا التكرار يعكس تساهلا غير مبرر مع المتهربين، الأمر الذي يضر بمفهوم العدالة الضريبية.

وشدد المتحدث على أن السياسات الحالية تركز على الجانب المالي فقط، متجاهلة البعد الأخلاقي لتحقيق العدالة الضريبية، مضيفا: “كيف يمكن أن نطالب المواطن الملتزم بدفع ضرائب تصل إلى 38%، بينما يتم تحفيز من يهرب أمواله إلى الخارج بدفع نسبة ضئيلة لا تتجاوز 5%؟”.

وأضاف أن هذا التمييز يولد إحساسا بالظلم لدى دافعي الضرائب الملتزمين ويشجع على التهرب الضريبي، مشددا على أن مثل هذه القوانين لا يجب أن تعمم، لأنها تعاقب الملتزمين وتكافئ المتهربين.

وتساءل لعسري عن جدوى الترسانة القانونية التي وضعتها الدولة، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد، إذا كانت هذه القوانين تعلق عند مواجهة التهرب الضريبي، مسجلا أن هذا التعليق يعطل المقتضيات القانونية التي كان بالإمكان تفعيلها إداريا أو قضائيا لمحاسبة المخالفين.

وأشار المختص إلى عدم تقديم صورة واضحة عن حجم الكاش المتداول والنسب المتعلقة بالعقارات والمنقولات، مؤكدا أن التركيز على المبالغ المودعة نقدا فقط يغفل التفاصيل المتعلقة بالمنقولات والعقارات والسيارات، مما يحول دون الحصول على أرقام دقيقة.

وحسب المتحدث فإن المادتين 7 و8 من المدونة العامة للضرائب، رغم تشابه مقتضياتهما، تعانيان من ثغرات قانونية، مضيفا أن مخالفات المادة 8 تشمل شقين: مخالفة قوانين مكتب الصرف عبر إخراج الأموال دون تصريح، ومخالفة القوانين الضريبية الناتجة عن مداخيل غير مصرح بها، ورغم ذلك، وضع القانون المخالفين في نفس المرتبة، مما يثير تساؤلات حول الإنصاف.

وفي الختام، دعا الأستاذ الجامعي المتخصص في المالية العامة والتشريع الضريبي، إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات الضريبية والإعفاءات الممنوحة، مع التشديد على تفعيل القوانين بشكل عادل وشفاف يحقق التوازن بين تحصيل الإيرادات وتعزيز مفهوم العدالة الضريبية والمواطنة.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا