كشف تقرير مكتب الصرف عن ارتفاع كبير في واردات الحيوانات الحية بالمغرب خلال عام 2024، حيث زادت قيمتها بنسبة 83.1% مقارنة بعام 2023. ارتفعت القيمة الإجمالية بـ 2.199 مليار درهم، لتصل إلى 4.846 مليار درهم خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر 2024، مقابل 2.647 مليار درهم في الفترة نفسها من العام السابق، وذلك بسبب النقص في الإنتاج الحيواني المحلي الناجم عن الجفاف، والذي أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق.
واستجابة لهذه الأزمة، نص قانون المالية لعام 2025 على إلغاء رسوم استيراد الحيوانات الحية من الأنواع الأليفة في إطار حصص محددة، تشمل 150.000 رأس من الأبقار، و700.000 رأس من الأغنام، و20.000 رأس من الماعز، و15.000 رأس من الجمال. يهدف هذا الإجراء إلى سد الفجوة في العرض المحلي وتقليل الضغط على الأسعار المتزايدة.
كما تم تعليق الرسوم على العجول الحية بحد أقصى 20.000 رأس، إضافة إلى لحوم وأحشاء الأبقار والضأن والماعز والجمال، سواء كانت طازجة أو مبردة أو مجمدة، في حدود 40.000 طن، مما يشير إلى توجه الحكومة لدعم السوق الوطنية عبر تعزيز الاستيراد.
وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي محمد جدري إن القطاع الحيواني في المغرب شهد تراجعًا ملحوظًا منذ عام 2021 بفعل سنوات الجفاف التي أثرت بشكل كبير على مربي الماشية. هذه الظروف الصعبة دفعت العديد من المربين إلى التخلص من قطعانهم، سواء عن طريق الذبح أو البيع، مما أدى إلى نقص في العرض وارتفاع أسعار اللحوم الحمراء إلى مستويات قياسية، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد 130 درهمًا.
وأضاف في تصريح لجريدة “العمق” أنه لمواجهة هذه الأزمة، قامت الدولة المغربية بمجهودات حثيثة خلال السنة الماضية، من أبرزها رفع رسوم الاستيفاء على استيراد الحيوانات الحية القادمة من الخارج لتلبية احتياجات السوق المحلية. وضمن هذا الإطار، تم استيراد الأبقار من دول مثل شيلي والأرجنتين والبرازيل. كما قامت الحكومة بمبادرات إضافية، بما في ذلك تخصيص دعم للراغبين في استيراد الأغنام خلال فترة عيد الأضحى، وهي خطوة استثنائية تهدف إلى توفير الأضاحي بأسعار تنافسية.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه بالرغم من استمرار الدولة في هذه الإجراءات، كما يظهر من خلال قانون المالية الأخير الذي ألغى الرسوم الجمركية على استيراد الحيوانات الحية، إلا أن هذه التدابير لم تنعكس بشكل واضح على القدرة الشرائية للمواطنين. العرض الحالي في السوق لا يزال أقل من الطلب المحلي، ما أدى إلى بقاء الأسعار عند مستوياتها المرتفعة، الأمر الذي يُثقل كاهل الأسر المغربية، خاصة تلك ذات الدخل المحدود.
ورغم أهمية الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، إلا أن هناك حاجة ملحة لمواكبتها بسياسات إضافية تستهدف المنظومة التسويقية بالكامل، خاصة أن القطيع الحيواني في المغرب لن يتمكن من استعادة مستواه الذي كان عليه قبل جائحة كورونا إلا بحلول عام 2027 على الأقل.
ونبه المحلل الاقتصادي ذاته، إلى أن سماسرة السوق والمحتكرين وكبار مربي الماشية يلعبون دورًا كبيرًا في استمرار ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والدواجن، مما يجعلها خارج متناول العديد من المواطنين