عبرت عدد من الفعاليات المدنية والسياسية، بما فيها الكتابة المحلية لحزب العدالة والتنمية بجماعة أورير إقليم أكادير إداوتنان، عن استنكارها لما وصفته بـ”التأخر غير المبرر في تنزيل اتفاقية شراكة لتمويل وإنجاز برنامج التأهيل الحضري للجماعة”، مؤكدة أن هذا التأخر يعكس تغليب المصالح الحزبية والسياسية الضيقة “على المصلحة العامة لسكان المنطقة”.
وأكدت الكتابة المحلية للحزب المذكور في بلاغها أن تعطيل الاتفاقية، رغم استيفائها لجميع الإجراءات القانونية ومصادقة كافة الأطراف عدا الطرف المعرقل، يعد مؤشراً واضحاً على إعاقة عجلة التنمية. كما اعتبر البلاغ أن هذا النهج يتنافى مع مبادئ الحكامة الجيدة والخطب الملكية التي تؤكد على ضرورة وضع مصالح المواطنين فوق كل اعتبار.
وقد طفا إلى السطح خلال الأيام القليلة الماضية “البلوكاج” الذي واجه مشروع اتفاقية شراكة لتمويل وإنجاز برنامج التأهيل الحضري لمركز جماعة أورير شمال مدينة أكادير، تزامناً مع احتدام التجاذبات السياسية التي تشهدها جهة سوس ماسة.
مصير مجهول
الاتفاقية التي حازت على موافقة مجلسي جهة سوس ماسة وجماعة أورير، تواجه اليوم مصيراً مجهولاً بعدما قرر رئيس الجهة، كريم أشنكلي، تجميد توقيعها، مما أثار تساؤلات واسعة حول دوافع هذا القرار.
تهدف الاتفاقية إلى تعزيز البنية التحتية في أورير، بما يشمل تقوية وتهيئة الشبكة الطرقية وتأهيل الأحياء ناقصة التجهيز، إلى جانب إنشاء ساحات عمومية ومساحات خضراء وتقوية الإنارة العمومية، بغلاف مالي يقدر بـ73 مليون درهم، موزع بين وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة (22 مليون درهم)، ومجلس جهة سوس ماسة (32 مليون درهم)، وجماعة أورير (19 مليون درهم)، وكان من المفترض أن ينجز المشروع في غضون سنتين، لكن تطورات سياسية عطلت انطلاقه.
بحسب الوثائق التي اطلعت عليها جريدة “العمق المغربي”، فإن مشروع الاتفاقية كان قد صادق عليه مجلس جماعة أورير في فبراير الماضي، ثم صادق عليه مجلس جهة سوس ماسة في مارس الماضي. كما أن شركة العمران، بصفتها حاملة للمشروع والمسؤولة عن تنزيله، أطلقت طلب عروض من أجل إعداد الدراسات التقنية والهندسية والتنفيذية للمشروع، كما نشرت طلب عروض آخر يتعلق بمتابعة الأشغال الخاصة بالاتفاقية.
إلا أن الأمور تغيرت جذرياً بعد قرار المحكمة الإدارية عزل رئيس جماعة أورير السابق، لحسن المراش، المنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، بعد شهرين فقط من المصادقة على الاتفاقية، ما فتح الباب أمام قيادة جديدة للجماعة تنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي.
ومع تولي الاتحادي سعيد بوزري رئاسة جماعة أورير، خلفاً للمراش، قرر رئيس الجهة والمنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار، كريم أشنكلي، تجميد توقيعه على الاتفاقية، ما يوضح، وفق متابعين، أن القرار جاء في سياق حسابات سياسية تهدف إلى عدم تحقيق إنجازات تحسب لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يقود الجماعة حالياً.
ويعد مشروع تهيئة مركز جماعة أورير ذا أهمية استراتيجية للمنطقة، خاصة وأنه يهدف أساساً إلى تهيئة شبكة طرقية حديثة وتأهيل الأحياء التي تعاني نقصاً حاداً في التجهيزات الأساسية. كما يتضمن إنشاء مساحات خضراء وساحات عمومية، مما يساهم في تحسين جودة الحياة لسكان المنطقة. علاوة على ذلك، تكتسي هذه الخطوات أهمية مضاعفة في ظل استعداد الفنادق الواقعة على مستوى النفوذ الترابي للجماعة لاحتضان بعض المنتخبات التي ستشارك في بطولتي كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
تعطيل التوقيع
وأكد عدد من المهتمين بالشأن المحلي لإقليم أكادير إداوتنان أن قرار تعطيل التوقيع على الاتفاقية وتنفيذ المشروع أثار استياء واسعاً بين سكان أورير، الذين كانوا يأملون أن تسهم هذه التحسينات في تعزيز جاذبية المنطقة سياحياً واقتصادياً، مشددين على أن تأخر تنفيذ هذه الأشغال بفعل الحسابات السياسية قد يفقد المنطقة فرصاً استثمارية وسياحية مهمة، خاصة مع تزايد التحديات التنموية التي تعاني منها.
وتبعا لذلك، تعالت الأصوات الداعية إلى تدخل السلطات الوصية من أجل وضع حد لهذه الحسابات السياسية التي تعطل مصالح المواطنين. كما يطالب نشطاء المجتمع المدني بتفعيل آليات مراقبة صارمة لضمان تنفيذ المشاريع التنموية بعيداً عن التجاذبات السياسية، متسائلين حول مدى التزام المسؤولين بالمصلحة العامة، خاصة أن المشروع كان قد مر بجميع مراحل المصادقة، ولم يتبق سوى “جرة قلم” من رئيس مجلس جهة سوس ماسة.
ودعت الكتابة المحلية لحزب العدالة والتنمية المسؤولين عن هذه الاتفاقية إلى تغليب المصلحة العامة وإنهاء هذا التعطيل الذي يلحق ضرراً بالغاً بسكان أورير، كما طالبت السلطات الوصية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، بالتدخل العاجل لضمان توقيع الاتفاقية وتنفيذ المشروع وفق الجدول الزمني المحدد.
وشدد المصدر ذاته على التزام حزب العدالة والتنمية بالدفاع عن حقوق ساكنة أورير، داعياً كافة الفاعلين السياسيين والمدنيين إلى التنسيق والضغط لتحقيق التنمية المنشودة للجماعة وسكانها، محذراً من أن استمرار الوضع الحالي يضر بمصداقية المؤسسات المنتخبة ودورها في خدمة المواطنين.