آخر الأخبار

خبراء: "خطاب الأزمة" للرئيس الجزائري يستحضر النجاحات في المغرب

شارك الخبر

خرج الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في خطاب فسّره المراقبون بأنه “محاولة لاحتواء الأزمة الداخلية” التي تعيشها الجزائر في السنوات الأخيرة، ويتجلّى تفاقمها في الآونة الأخيرة في تعبير مجموعة واسعة من الجزائريين عن عدم رضاهم عن سياسات النظام الجزائري من خلال حملات على وسائل التواصل الاجتماعي أُطلق عليها وسم “مانيش راضي”، (خرج) لطمأنة شعبه بالتزامه بـ”إطلاق الحوار السياسي الوطني”.

ويرى بوسلهام عيسات، الباحث في الدراسات السياسية والدولية، أن خطاب الرئيس الجزائري، انطلاقا من المرجعيات الدولية المفسرة للسلوك الدولي، “جاء من أجل محاولة استيعاب المؤثرات الداخلية والإشكالات البنيوية التي تعرفها الجزائر، من إحجام لحرية التعبير ومصادرة حرية الرأي ومنع ممارسة كافة التعابير الاحتجاجية ضد سياسة القمع والتضليل التي ينتهجها النظام السياسي”.

وفي قراءة لطبيعة مضامين الخطاب الرئاسي الذي حاول أن يعرج على جميع السياسات والخطط والتدابير الوطنية (القوانين البلدية- الحوار ودعوته للهدوء- الاقتصاد- الطاقة- الفلاحة- الصناعة- الفلاحة- القضايا الاجتماعية- القدرة الشرائية…)، اعتبر عيسات أنه يمكن تفسيره بأن النظام السياسي الجزائري “يسعى جاهدا إلى امتصاص واستيعاب مؤثرات البيئة الخارجية، خاصة سقوط النظام السوري الذي كان يدعمه بشدة حتى في وقت كان يفتك بالشعب السوري، بما يفيد بأن النظام الجزائري يخشى من صحوة اجتماعية داخلية قد تفاجئه”.

ولفت الباحث ذاته الانتباه، في تصريحه لهسبريس، إلى أن خطاب الرئيس الجزائري “كان خطابا لكل المواضيع، ويحاول أن يجيب عن كل شيء، دون أن يكون محددا ودقيقا، ودون أن يغفل معاداة المصالح المغربية ومواصلة التعبئة ضد المغرب”، وتابع: “غير أن ما لم يفطن إليه الرئيس الجزائري أن خطابه الرئاسي لا يتوافق حتى مع رئيس دبلوماسيته الذي لم يقل في تصريحه إن رسالة فرنسا حول الاعتراف بالصحراء وإقرار مبادرة الحكم الذاتي كأساس لحل قضية الصحراء المغربية مبادرة فرنسية، بل أقر بأنها مبادرة غير واضحة”، مستنتجاً سعي تبون إلى “تصريف واحتواء الأزمة الداخلية من خلال أطراف أخرى خارجية باستحضار قضية الجماجم والتجارب النووية”.

ويرى الباحث في الدراسات السياسية والدولية أن اعتبار الرئيس الجزائري مبادرة الحكم الذاتي “مبادرة فرنسية كان يعلم بها النظام منذ عقود” جاء من أجل “تغطية خيبات الأمل المتواصلة للنظام السياسي في معاداة الوحدة الترابية للمملكة المغربية، بالنظر إلى ما يترتب على هذا الموقف من تبعات تقزم من مسار تنمية الجزائر والنهوض بازدهار ورفاهية مواطنيها”.

من جانبه ذكر حسن رامو، أستاذ بالمعهد الجامعي للدراسات الإفريقية والأورو-متوسطية والإيبرو-أمريكية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، أن خطاب الرئيس الجزائري “يأتي في ظرفية عامة تتسم بوجود أزمة كبيرة وعزلة للجارة الشرقية، وفي ظل اختراقات ونجاحات دبلوماسية كبيرة للمغرب، آخرها الموقف الفرنسي من قضية الصحراء المغربية”.

وأضاف رامو، ضمن تصريح لهسبريس، أن “هذه التصريحات تأتي أيضاً عقب مجموعة من الأحداث المتسارعة، كان آخرها انخراط الشقيقة موريتانيا في المبادرات الملكية، سواء أنبوب خط الغاز المغرب -نيجيريا أو مبادرة ربط دول الساحل بالأطلسي، وما تلا زيارة السيد رئيس جمهورية موريتانيا من استبعاد عدد من الأطر العسكرية المقرّبة من دوائر القرار السياسي الجزائري”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن ربط الرئيس الجزائري مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية بفرنسا هو “نوع من الهروب للأمام والتخبط الذي تعيشه الدبلوماسية الجزائرية؛ بينما الواقع الجيوسياسي الحالي يفرض مصطلح التكيف، الذي فرض نفسه في خطاب وزير الخارجية الجزائري اليوم”، وتابع: “يبقى ذلك الربط بين الحكم الذاتي وفرنسا كمحاولة من النظام الجزائر لتسويق النجاح المغربي في حل قضية الصحراء بتدخل فاعلين كبار في مجلس الأمن كفرنسا”، قبل أن يعود ليؤكد أن “السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو طبيعة المبررات الممكن تقديمها للداخل الجزائري نخبة وشعبا لتفسير فشل الجزائر، ومراهنته على قضية خاسرة وصرفه ملايير الدولارات على مدى نصف قرن، وهو ما أشار إليه الوزير الأول الجزائري السابق عبد المالك سلال الأسبوع الماضي”.

وذكّر الأستاذ الجامعي ذاته بأن مقترح الحكم الذاتي “تمت صياغته من طرف المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية، الذي يحظى بتمثيلية واسعة لمختلف الصحراويين، بمن فيهم عدد من قادة البوليساريو السابقين الذين اختاروا طواعية الالتحاق بالوطن”، وأشار إلى أنه “منذ طرح المقترح المغربي في مجلس الأمن الدولي في 2007 حظي بدعم عدد من الدول والقوى الوازنة التي يتزايد عددها باعتبار المبادرة مقترحا جديا وذا مصداقية، وحلا وحيدا للمشكل المفتعل وآلية من آليات تقرير المصير كما ينص عليها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”، خالصاً إلى أنه لذلك “نجد أن كل قرارات مجلس الأمن في السنوات الأخيرة لا تحيل على أي مصطلح لحل المشكل سوى مبادرة الحكم الذاتي المغربي”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر


إقرأ أيضا