تفاعل المكتب الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان مع توضيحات قدمها رئيس جماعة أزيلال بخصوص ما أوردته جريدة “العمق” في خبر سابق حول “التلاعب” بصفقة ملاعب القرب بالمدينة.
وأشار رئيس الجماعة ضمن تصريح لجريدة “العمق” إلى أن صيانة ملاعب القرب تمت بشكل تطوعي من قبل “مقاول ابن المدينة” الذي أصلح الملاعب مجانا، ولم يتلق أي تعويض عن أعماله، موضحا أن “الوقت كان ضيقا” من أجل تجهيز الملاعب لاستقبال دوريات رمضان، ولهذا السبب تم تنفيذ الأشغال بشكل طوعي من طرف أحد أبناء المدينة الذي كان يمارس في هذه الملاعب.
وفي هذا السياق، راسلت العصبة وزير الدخلية من أجل فتح تحقيق في خروقات محتملة في الصفقة رقم 04/2024/C.AZ الخاصة بإصلاح ملاعب القرب في مدينة أزيلال. وأوضحت العصبة أن المجلس الجماعي لأزيلال كان قد صادق في فبراير 2024 على تخصيص ميزانية قدرها مليون درهم (1000000 درهم) لإصلاح ملاعب القرب في المدينة، وتم الإعلان عن الصفقة عبر البوابة الإلكترونية المختصة. وقد فازت شركة بالصفقة لتنفيذ الأشغال، قبل أن يتم إلغاؤها من قبل رئيس الجماعة، مشيرة إلى أن شكوكا قد أثيرت حول وجود خروقات إجرائية قد تكون شابت سير الصفقة.
وسلّط المكتب الإقليمي للجمعية الضوء على عدد من النقاط المثيرة للجدل، أبرزها عدم نشر نتائج لجنة فتح العروض قبل إلغاء الصفقة، إضافة إلى غياب نشر مستخرج محضر اللجنة، مما أثار تساؤلات جدية حول الشفافية في التعامل مع الإجراءات المرتبطة بالصفقة. وتركزت المخالفات المحتملة أساسًا حول كيفية طلب وسحب العروض إلكترونيًا.
كما أشارت العصبة إلى أن صيانة ملاعب القرب قد نُفذت في وقت سابق بواسطة شركة أخرى يُقال إن مالكها من أقارب أحد نواب رئيس الجماعة، مما يثير شكوكا بشأن تضارب المصالح. وأُضيف أن أعمال الصيانة التي تمت خلال رمضان 2024، في إطار الدوري الرمضاني، أُنجزت بشكل تطوعي، وفق تصريح رئيس الجماعة لجريدة “العمق المغربي” بتاريخ 14 دجنبر 2024، ما يزيد من التساؤلات بشأن دوافع الإعلان عن الصفقة لاحقًا.
وفي السياق ذاته، صرّح الكاتب الإقليمي للعصبة، جمال بنعلا، بأن تصريحات الرئيس أثارت العديد من التساؤلات القانونية حول مدى احترام الإجراءات القانونية المتعلقة بالعمل المجاني التطوعي والهبات والتبرعات المقدمة للجماعات الترابية. وأوضح أن القانون التنظيمي رقم 113-14 الخاص بالجماعات الترابية يشترط عرض الهبات والموارد التي تقدمها أطراف خارجية على المجلس الجماعي للمصادقة عليها بعد التصويت عليها من قبل المجلس، ثم موافقة السلطات الإقليمية، وتصديق مديرية الجماعات الترابية، وأخيرًا توقيع وزير الداخلية لتصبح جزءًا من ميزانية الجماعة. وأكد بنعلا أن هذا الإجراء لم يتم اتباعه في حالة ملاعب القرب بأزيلال.
وأضاف في تصريح لجريدة “العمق” أن من بين المخالفات المثيرة للقلق، تخصيص المجلس الجماعي خلال دورة فبراير 2024 مبلغ مليون درهم لصيانة نفس الملاعب التي قيل إنه تم إصلاحها “بالمجان” عبر العمل التطوعي. ويثير هذا التخصيص المالي تساؤلات حول سبب رصد ميزانية إضافية لهذه الملاعب على الرغم من الإعلان عن صيانتها سابقًا بشكل تطوعي.
وأشار إلى أن ما يزيد الأمر غرابة هو الإعلان في يونيو 2024 عن صفقة لصيانة نفس الملاعب التي تم إصلاحها مسبقًا، مع العلم أن “المقاول المتطوع” الذي قام بالصيانة دون مقابل شارك في الصفقة وحلّ في المرتبة الثانية، بينما رُسي العقد على مقاول آخر من خارج المدينة.
وأوضح الحقوقي أن الشكوك تعمقت عندما بذل رئيس المجلس الجماعي جهودًا لتبرير سحب الصفقة من المقاول الفائز وتوجيهها إلى “المقاول المتطوع”. وذكر أن الرئيس فرض مطالب وصفها بالتعجيزية مثل تقديم عينة من الرمال والعشب الصناعي، لكن المقاول استجاب لها. وعندما فشلت محاولات عرقلة الصفقة، تم إلغاؤها بحجة وجود خطأ، رغم حضور ممثل الخزينة الإقليمية أثناء فتح الأظرفة. وأدى ذلك إلى إلغاء الصفقة بالكامل، وفق تعبير بنعلا.
ووفقًا لمعطيات أخرى، قام المقاول الفائز برفع دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية بالدار البيضاء للمطالبة بتعويض عن الأضرار التي تكبدها بسبب إلغاء الصفقة. وأشار بنعلا إلى أنه إذا حُكم لصالح المقاول، فقد تتكبد جماعة أزيلال خسائر مالية تُقدر بملايين الدراهم.
وختم الكاتب الإقليمي حديثه بالإشارة إلى أن هذه الوقائع تطرح تساؤلات خطيرة حول الشفافية والنزاهة في إدارة الموارد العامة، مما يستدعي فتح تحقيق شامل للكشف عن حقيقة ما حدث من تجاوزات ومخالفات. وشدد على ضرورة تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة بصرامة لضمان احترام القانون وتجنب أي مظهر من مظاهر الفساد الإداري.
اقرأ أيضا: التلاعب بصفقة ملاعب القرب يحوم حول جماعة أزيلال.. والرئيس: الأشغال أنجزت مجانا
وكانت مصادر جريدة “العمق” قد كشفت أن جماعة أزيلال شهدت سلسلة من “الخروقات القانونية والإدارية” في تدبير عملية صيانة ملاعب القرب، حيث تم تنفيذ الأشغال المتعلقة بهذه الملاعب قبل الإعلان عن الصفقة الخاصة بها. وأوضحت المصادر أن هذه الأشغال قد أُنجزت “دون أي مراقبة” أو متابعة لضمان جودة التنفيذ، وهو ما يثير العديد من التساؤلات والشكوك حول مدى احترام الإجراءات القانونية المتبعة في الصفقات العمومية.
وأضافت المصادر ذاتها، أن الأشغال المتعلقة بصيانة ملاعب القرب في جماعة أزيلال قد تمت سنة 2023 من طرف مقاولة مقربة من أحد أعضاء المجلس بأزيلال، وذلك قبل الإعلان عن الصفقة الرسمية التي كانت تهدف لاختيار العرض الأفضل. وهو أمر يتناقض تماما مع الإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون الصفقات العمومية، التي تفرض الإعلان عن الصفقات أولا قبل البدء في تنفيذ أي أعمال، فضلا عن غياب تتبع الأشغال وضمان جودتها، وهو ما ينعكس سلبا على المشاريع العامة ويعرض المال العام للخطر. وفق معطيات جريدة “العمق”.
وفي معرض رده، حول “الخروقات القانونية والإدارية” التي شابت صفقة صيانة ملاعب القرب، أوضح رئيس جماعة أزيلال أن هذه المعلومات “غير دقيقة”، مؤكدًا أنها تتضمن “مغالطات”. وقال رئيس الجماعة إنه تم بالفعل برمجة صيانة ملاعب القرب، لكن الصفقة الخاصة بها لم تنفذ بعد، حيث كانت هناك “أخطاء في الإعلان” الذي تم نشره، مشيرا إلى أن الصفقة لم تكن تخص الملاعب التي تمت صيانتها فعلا، بل كان المقصود بها أعمال أخرى في ملعب كبير وملاعب القاعة المغطاة.
وأشار رئيس الجماعة ضمن تصريح لجريدة “العمق” إلى أن صيانة ملاعب القرب تمت بشكل تطوعي من قبل “مقاول ابن المدينة” الذي أصلح الملاعب مجانا، ولم يتلق أي تعويض عن أعماله، موضحا أن “الوقت كان ضيقا” من أجل تجهيز الملاعب لاستقبال دوريات رمضان، ولهذا السبب تم تنفيذ الأشغال بشكل طوعي من طرف أحد أبناء المدينة الذي كان يمارس في هذه الملاعب.
وأكد رئيس الجماعة أن الأموال التي كانت مخصصة لصيانة الملاعب سيتم الإبقاء عليها ولن تضيع، وسيتم تحويلها إلى مشاريع أخرى في المستقبل، بما يضمن الاستفادة من هذه الاعتمادات بما يعود بالنفع على المدينة.
أما بالنسبة للصفقة التي تم الإعلان عنها والتي كانت تخص إصلاح هذه الملاعي، فقد أشار رئيس الجماعة إلى أن هذه الصفقة “تم إلغاؤها بشكل قانوني” بعد أن تم اكتشاف وجود أخطاء في تفاصيلها. وقال إن المجلس شرح للمقاول الذي فاز بالصفقة الأسباب القانونية التي دعت إلى الإلغاء، مؤكدا أن عملية إلغاء الصفقة تمت بشفافية ووضوح.
وفيما يخص متابعة الأشغال في ملاعب القرب، أشار رئيس الجماعة إلى أن “تتبع الأشغال” تم من طرف تقني مصلحة المساحات الخضراء، رغم أن هذه الأشغال كانت مجانية، مؤكدا أن المجلس عمل بكل جهد لضمان تنفيذ الأعمال على أكمل وجه، حتى وإن لم يكن هناك تعويض مالي للمقاول.