حققت المملكة المغربية إنجازات دبلوماسية وازنة في ملف الصحراء سنة 2024، بدءًا باختراق أوروبي تُوج باعتراف فرنسا بسيادة المملكة على الأقاليم الجنوبية، وصولًا إلى اقتلاع التواجد الانفصالي لجبهة البوليساريو في أمريكا اللاتينية.
وجدّدت العديد من دول العالم هذه السنة دعمها مقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي حصد من جديد التأييد في آخر قرار لمجلس الأمن، ومن جهة أخرى حصد اعترافات عديدة.
وبجانب الاعتراف الفرنسي التاريخي بسيادة المملكة على الصحراء انضافت سلوفينيا، وفنلندا، والدنمارك وإيستونيا، إلى قائمة الدول الأوروبية الداعمة للموقف المغربي، ليصل العدد إلى 113 دولة.
وبعد الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الأوروبية خرج الاتحاد الأوروبي للتأكيد على الشراكة المهمة التي تجمعه مع الرباط، في انتصار دبلوماسي واضح.
وتخلى البرلمان الأوروبي عن مجموعة الصداقة البرلمانية الصحراوية، في انتصار ساحق ضاعف عزلة البوليساريو والجزائر بالقارة العجوز.
وفي أمريكا اللاتينية تزايد تعليق الاعتراف بالجمهورية المزعومة (الإكوادور في أكتوبر وبنما في نونبر)، و”هو تأكيد على أن الطرح الانفصالي ما فتئ يتلاشى، إذ إن 50 دولة، تقريبا، سحبت في العقدين الأخيرين الاعتراف بالجمهورية الوهمية، ليتراجع عدد البلدان التي مازالت تعترف بهذا الكيان الوهمي إلى حدود 28 دولة فقط”، وفق تصريح وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.
وعرفت سنة 2024 انعقاد اللجان المشتركة لزامبيا، وقبلها غينيا بيساو ومالاوي، وغامبيا، و”كلها دول عبرت عن سيادة المغرب على هذا الجزء من ترابه من خلال عقد الاجتماعات وتوقيع الاتفاقيات بالأقاليم الجنوبية”.
وكانت هذه السنة عنوانا لاستمرار نجاح “دبلوماسية القنصليات”، إذ “تم فتح قنصلية تشاد بمدينة الداخلة، ليصل عدد القنصليات التي تم فتحها إلى حد الآن في العيون أو في الداخلة إلى أكثر من 30 قنصلية، وهو ما يمثل تقريبا 40 بالمائة من دول الاتحاد الإفريقي”.
وعلى مستوى الاتحاد الإفريقي واصل المغرب نجاحاته في إبعاد هذه المنظمة عن الملف، إذ لم تعد تضع هذه القضية ضمن أجندتها.
وكان قرار مجلس الأمن الأخير جدد إشادته بجهود المملكة المغربية في التوصل إلى حل سياسي، عبر مبادرتها للحكم الذاتي المعلنة في 2007.
عباس الوردي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “سنة 2024 عرفت ارتفاع عدد الدول الداعمة لسيادة الرباط على الصحراء المغربية”.
وأضاف الوردي، في تصريح لهسبريس، أن “الارتفاع شمل عدد الدول التي فتحت قنصلياتها في مدينتي العيون والداخلة؛ كما أن قرار مجلس الأمن الأخير واصل دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية”.
وأورد المتحدث نفسه أن “الدبلوماسية المغربية واصلت نجاحاتها في تجفيف منابع الانفصال التي تهدد الأمن الدولي، ما جعل هذه السنة مرحلة حاسمة لتقريب النزاع من نهايته”.
وهذا الأمر، وفق الوردي، “ظهر من خلال استمرار التطور التنموي لمناطق المملكة الجنوبية، ومن جهة أخرى تحقيق انتصارات وازنة بعد حكم محكمة العدل الأوروبية، وتفنيد مزاعم النظام الجزائري”.
واعتبر المصرح نفسه أن “المغرب حاليًا على مستوى أمريكا اللاتينية عمّق عزلة البوليساريو من خلال كسب تأييد العديد من الدول مؤخرًا”.
وأشار الوردي إلى أن نزاع الصحراء سنة 2024 “بدأ الدخول إلى مراحله النهائية، وهي مرحلة الطي النهائي للعديد من النقاط، واستمرار النجاح الملكي في هذا الملف”.
على المستوى العربي واصل المغرب حصد تأييد دول مجلس التعاون الخليجي لسيادته على أراضيه، وجددت عشرات الدول دعمها الثابت للوحدة الترابية المغربية.
وأورد خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول في وجدة، أن ملف الصحراء سنة 2024 “عرف تقدمًا كبيرًا لمقترح الحكم الذاتي، وسيادة المملكة الترابية عبر الدعم الدولي، خاصة عبر قرار مجلس الأمن”.
وأضاف الشيات، في تصريح لهسبريس، أن تدخلات الدول أعضاء مجلس الأمن “عرفت نجاحات قوية للمغرب”، ومن جهة أخرى “إبعاد هذا الملف عن مستوى حقوق الإنسان في مجلس حقوق الإنسان بجنيف”.
وزاد المتحدث ذاته: “الاعتراف الفرنسي بسيادة الرباط كان نجاحًا قويًا للدبلوماسية الملكية، ومن جهة أخرى استمرار إدارة بايدن في الحفاظ على الاعتراف الأمريكي كان إنجازًا مبهرا”، مشيرًا إلى أن “المملكة نجحت في جعل الجزائر تغرد لوحدها خارج السرب العالمي، ما خفض منسوب التهديد ضد الوحدة الترابية”.