تزامنا مع رفع الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، تقريرا إلى الملك محمد السادس يتضمن أكثر من مائة مقترح تعديل، نبه وزير الدولة الأسبق في حقوق الإنسان المصطفى الرميد، إلى مخاطر المعطيات المقلقة التي كشف عنها الإحصاء العام للسكان برسم 2024 بشأن تراجع معدل الخصوبة الكلي.
وقال الرميد: “من حقنا نحن المغاربة، ونحن نعيش في عالم قلق ومضطرب، أن ننوه بمثانة مؤسسات بلادنا، واستقرار أحوالنا، والرشد في منهجية مقاربة مشاكلنا”، قبل أن يستدرك في منشور له على صفحته الرسمية بموقع “فايسبوك”: “غير أن هذا لا يمنع من إثارة الإنتباه إلى ما ينبغي ومايجب، باعتبار أن المملكة قامت بإنجاز إحصاء عام للسكان والسكنى هذه السنة 2024))”.
وأشاد وزير الدولة الأسبق بالطريقة التي عولج بها إلى حد الآن موضوع تعديل مدونة الأسرة، منوها بـ”اعتماد القاعدة الذهبية التي تقول: لا أحل حراما ولا أحرم حلالا، مضيفا “وهي القاعدة التي أكد عليها الملك محمد السادس مرارا وتكرارا، وجعلها لازمة من اللوازم الثابتة في خطبه المتعلقة بالموضوع”.
وأكد الرميد أنه، “كان حريّا التمعن الجيد في معطيات هذا الإحصاء، خاصة وأن من مقاصده تكوين قاعدة للمعاينة لإنجاز البحوث لدى الأسر، منبها إلى تواصل انخفاض معدل الخصوبة الكلي، حيث إن المتوسط الوطني كان سنة 2004 في حدود2،5%، قبل أن ينخفض سنة 2024 إلى نسبة1،97%.
واعتبر الوزير الأسبق، أنه انخفاض “ينذر بأوخم العواقب على المستقبل الديمغرافي للبلاد”، أن استمر في هذا المنحنى الصعب، موضحا أن هذا الانخفاض الحاد للخصوبة كان من تجلياته المباشرة انخفاض مستوى حجم الأسر، فبدل عدد 5،3 فرد في كل أسرة سنة 2004، إذا بنا ننزلق إلى 4،6 سنة 2014، ثم إلى3،9 فرد سنة 2024.
ولفت الرميد، إلى هذه المعطيات أدت إلى تباطؤ النمو السكاني، حيث كان هذا النمو بنسبة1،38%مابين سنتي1994إلى2004، وبنسبة1،25 %بين سنتي 2004 و 2014، ليصل الى مستوى0،85% مابين سنتي 2014و2024.
ويرى وزير الدولة الأسبق، أن هذه المعطيات الديمغرافية التي وصفها ب”الصاعقة”، “يبدو وكأنها لاتعني أي شيء، بدليل عدم فتح نقاشات عمومية واسعة حولها، وعدم قيام الفاعلين المعنيين بتقديم إجابات بشأنها”.
وأكد الرميد هذه المقترحات التعديلية لمدونة الأسرة، تأتي وكان هذه الإحصائيات عادية، ولا تعني الأسرة من قريب أو بعيد، مسجلا أن ” مستقبل بلادنا مهدد ديمغرافيا، وعلينا أن نتساءل عن الأسباب والعلل، ونقارب كافة الإصلاحات الأسرية على ضوء هذه الأرقام المنذرة”.
ويرى الرميد، “”أنه إذا كانت هذه المقترحات ستسهم في الحد من الإنحدار الديمغرافي فمرحى وألف مرحى، أما إذا كانت ستكرس مزيدا من الإنحدار والتراجع السكاني، فإنه ليس من الحكمة اعتمادها.
ودعا الرميد، إلى التأني الضروري في البلورة النهائية للتعديلات، واعتبار موضوع الإشكالية الدمغرافية أمّ المشاكل التي ينبغي التصدي لها بكافة الحلول الممكنة، ومنها الحلول التشريعية التي تهم الأسرة، دونما أي اعتبار جزئي كيفما كان نوعه وأهميته”.
وأثار الرميد الانتباه، إلى أن مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957، كانت تنص في أصلها على تعريف الزواج بأنه ميثاق ترابط وتماسك..إلى أن تقول، غايته العفاف وتكثير سواد الأمة.ولفت إلى أن وعي الرواد الأوائل بأهمية العامل الديمغرافي، وعلاقته بالأسرة، قبل أن يستدرك “غير أن مدونة الأسرة لسنة 2004، استغنت على هذه المعطيات في تعريف الزواج.
وخلص وزير الدولة الأسبق، إلى أنه “بعد عشرين سنة يبدو واضحا أنه من الملائم أن نراجع حاساباتنا، وأن نفكر عميقا وبعيدا، في مستقبل المغرب، مغرب الأجيال القادمة التي لربما قد تضيع في أهم مقوماتها، بسبب حساباتنا الصغيرة، وقصور نظرنا”.