أكد أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن المجلس العلمي الأعلى، قدم حلولا بديلة بالنسبة لثلاث قضايا تم اقتراحها في إطار مراجعة مدونة الأسرة، ويتعلق الأمر بالتعدد والنسب والتعصيب.
وأوضح التوفيق، خلال لقاء تواصلي اليوم الثلاثاء بالرباط لتقديم المضامين الرئيسية المقترحة لتعديل مدونة الأسرة، أن لجنة الإفتاء بالمجلس العلمي الأعلى، أعطت بالنسبة لنسب الولد خارج الزواج، والوصية للوالد، وإلغاء التعصيب، حلولا بديلة توافق الشرع وتحقق المطلوب ومن الأفضل الأخذ بها.
وأبرز المسؤول الحكومي أن الحل البديل بشأن نسب الولد خارج الزواج، يتمثل في تحميل الأب كالأم المسؤولية عن حاجيات الولد دون إثبات النسب، لأن ثبوت النسب يخالف الشرع والدستور، وفق تعبيره، ويؤدي إلى هدم مؤسسة الأسرة وخلق أسرة بديلة.
وبالنسبة للحل المقدم بخصوص الوصية للوارث إذا لم ينجزها باقي الورثة، يضيف التوفيق، فهو الهبة عوض الوصية وعدم اشتراط الحيازة الفعلية، وعلى مستوى إلغاء التعصيب في حال ترك البنات دون الأبناء، تجلى الحل البديل للمجلس العلمي الأعلى، في الهبة للبنات وعدم اشتراط الحيازة الفعلية.
وأضاف التوفيق أن هناك مسألتان تم فيهما تقديم حلول بديلة توافق الشرع وتحقق المطلوب، ويمكن لولي الأمر أن يقرر فيها ما يراه محققا للمصلحة، ويتعلق الأمر بالتوارث بين الزوجين مختلفي الدين، حيث اقترح المجلس أنه “يمكن لكل منهما أن يوصي أو يهب للآخر بإرادته وعدم اشتراط الحيازة الفعلية، ويمكن الإشارة لذلك بشكل صريح في المادة 332، مباشرة بعد المنع، ويمكن لولي الأمر أن يفرض تنزيلا واجبا لأحد الزوجين للمصلحة”.
وثاني المسألتين تتعلق بالتوارث بين الكافل والمكفول، حيث قدم المجلس حلين بديلين هما “يمكن لكل منهما حيازة المال في حالة عدم وجود ورثة وتنازلت الدولة عن الإرث، كما يمكن لكل منهما أن يوصي أو يهب للآخر بإرادته مع عدم اشتراط الحيازة الفعلية، ويمكن لولي الأمر أن يفرض تنزيلا واجبا للمكفول بمقتضى القانون إذا رأى في ذلك مصلحة”
.وفيما يخص إدراج شرط موافقة الزوجة الأولى في التعدد، أوضح الوزير أنها “مسألة لا يمكن تجاوز رأي اللجنة فيها إلا بقرار من ولي الأمر باعتبار المصلحة”، مردفا: “الجواب لا يستجيب لمشروعية إدراج شرط الموافقة ويمكن لولي الأمر أن يقرر إدراج موافقة الزوجة الأولى في التعدد”.
إلى ذلك، دافع أحمد التوفيق، عن النموذج المغربي في إصلاح مدونة الأسرة عن طريق عرض مقترحاتها من طرف الملك على المجلس العلمي الأعلى لأخذ رأيه الشرعي، معتبرا أن هذا نابع من طبيعة النموذج المغربي المبني على البيعة بين إمارة المؤمنين والعلماء.
وأبرز التوفيق أن “النظام المغربي مبني على البيعة بين العلماء وأمير المؤمنين، وهي بيعة شرعية مكتوبة ولا توجد مكتوبة في بلد خارج المغرب”، وفق تعبيره، ملفتا أنه “نموذج حافظ عليه المغاربة تاريخيا، في بيعة تعطى جملة وتفصيلا عبر ممثلي الحواضر والبوادي قبل الأنظمة التمثيلية الحالية، وبالتالي لا يمكن فهم هذا الاستفتاء خارج هذا الأمر”، وفق قوله.
وأضاف: “النظام المغربي، الذي حدد معالم هذا الاستفتاء لتعديل المدونة، مبني على المشروعية التي تعطيها الأم لولي الأمر مقابل التزامه بأن يفي بالكليات الخمس، وهي أن يحفظ للأمة دينها ويحفظ لها الأمن، والنظام العام المعبر عنه بالعقل، والعيش والكرامة، ومعبر عنها في لغة الفقهاء بالعرض”.
وأكد المسؤول الحكومي أن “الفتوى من قبل العلماء قائمة على الاجتهاد المبني على النظر في النصوص الشرعية، في عملية تخضع لقواعد علمية صارمة، حتى لا تنفلت عن القصد، وفي احترام لترتيب مصادر التشريع كما وضعها العلماء”، مضيفا أنه “على الرغم من تفويض العلماء في نهاية فتواهم الخاصة بالمقترحات المقدمة لتعديل مدونة الأسرة للملك إلا أن هذا الأخير فوض له الأمر ولم يخالف أي شيء مما ذكره العلماء ونصوا عليه”.
وشدد الوزير على أن “دور العلماء لا ينحصر في الإفتاء، بل هو مجهود تبليغي تخليقي وإذا كانت علاقة المرأة بالرجل بالمعروف فإن الأمر لا يصل للنزاعات، ومطلوب من العلماء الحرص على علاقة الرجل بالمرأة التي بناها القرآن بالمعروف”، على حد قوله، ملفتا أن “العلماء، وهم يفتون، فإنهم واعون بالتحديات المرتبطة بالنظام الاقتصادي والاجتماعي والتي تطرح عددا من المشاكل الدينية والدنيوية”.
وجدد المتحدث ذاته التأكيد على أن رأي المجلس العلمي الأعلى جاء مطابقا موافقا لأغلب المسائل السبع عشرة المحالة على النظر الشرعي بخصوص مراجعة مدونة الأسرة”، موضحا أنه “بعد إحالة الملك لسبع عشرة مسألة على النظر الشرعي، فقد جاء رأي المجلس العلمي الأعلى مطابقا لأغلبها”.