أكد عدد من البرلمانيين أهمية الإصلاحات التي تضمنها مشروع القانون التنظيمي للإضراب، مشيرين إلى أن الحكومة قد أدخلت تعديلات جوهرية لضمان توازن بين حقوق العمال ومصالح أرباب العمل، معتبرين أن النسخة الحالية من المشروع تعزز ممارسة الحق الدستوري في الإضراب بحرية، وذلك بعد أن تم إلغاء بعض البنود التي كانت تقيد هذا الحق.
كما أشاروا خلال الجلسة العامة للتصويت على مشروع القانون التنظيمي للحق في الإضراب، بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، إلى أهمية التوافق بين مختلف الأطراف المعنية خلال مراحل النقاش، مؤكدين أن المشروع يعكس استحضار مصالح الوطن في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، ويعد خطوة هامة نحو تعزيز الحقوق والحريات الاقتصادية والاجتماعية.
في هذا الإطار، أكد أحمد تويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة النيابي، أن الصيغة السابقة لمشروع القانون التنظيمي للإضراب كانت تهدف إلى تقييد هذا الحق الدستوري وتعقيد ممارسته. وأوضح أن الحكومة الحالية أدخلت إصلاحات جوهرية لمعالجة هذه الإشكالات وضمان توازن بين حقوق العمال ومصالح أرباب العمل.
وأشار تويزي إلى أن وزير التشغيل يونس السكوري التزم بتنفيذ توجيهات الملك الواردة في خطاب 9 أكتوبر 2015، والتي شددت على أهمية الاستشارات الواسعة والتوافق البناء لضمان حقوق العمال ومصالح الأطراف الأخرى. ولتحقيق ذلك، أطلق الوزير حواراً شاملاً مع النقابات والأحزاب والفرق البرلمانية، كما انتظر توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
كما أوضح تويزي أن النسخة الحالية من مشروع القانون تختلف تماماً عن تلك المقدمة في 2016، حيث تم حذف كل البنود التي كانت تهدف إلى تقييد حق الإضراب. وأكد أن النص الجديد يعزز ممارسة هذا الحق الدستوري بحرية، ويُعد خطوة إيجابية نحو ضمان التوافق وحماية حقوق العمال.
من جانبه، أكد البرلماني إسماعيل الزيتوني، عن فريق التجمع الوطني للأحرار، أن مشروع القانون التنظيمي للإضراب يمثل خطوة هامة نحو تعزيز حق دستوري وكوني، إذ يتقاطع مع أبعاد متعددة تشمل الحقوق والحريات الاقتصادية والاجتماعية. وأشار إلى أن مناقشة هذا المشروع في البرلمان تعكس التزام الحكومة بتحقيق أولوياتها في قطاع التشغيل، كما يبرز المشروع كأحد مخرجات الحوار الاجتماعي التي تلبي تطلعات الشغيلة وأرباب العمل على حد سواء.
واعتبر الزيتوني أن القانون يعكس رؤية متوازنة تضمن ممارسة الإضراب بشكل مسؤول ومواطِن، بعيداً عن الإفراط أو التسيب، لتفادي أي تداعيات سلبية على الاستقرار الاجتماعي ومناخ الأعمال. وأكد أن غياب إطار قانوني ينظم الإضراب يُكبّد الاقتصاد الوطني تكاليف أعلى من وجوده، مما يجعل التصويت على المشروع فرصة لتعزيز الثقة لدى المستثمرين وتحسين المناخ الاستثماري.
وأوضح البرلماني التجمعي أن المشروع يكرّس المكتسبات التاريخية للتشريع الاجتماعي، ويعزز الحكامة في ممارسة الإضراب بما يحقق التوازن بين حقوق العمال ومصالح أرباب العمل. واعتبر أن المشروع يعكس أولويات الحكومة في حماية الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مما يجعله خطوة رئيسية في مسار الديمقراطية والتنمية المستدامة.
من جهته، سجل الكبير قادة، البرلماني عن الفريق الاستقلالي، بإيجابية الرؤية الجديدة التي اعتمدتها الحكومة في التعامل مع هذا الإطار التشريعي، معتبراً إياه وسيلة لضمان الحق في ممارسة الإضراب وفقاً للدستور. وأشاد بإلغاء الشروط التعاقدية التي تجبر العامل على التنازل عن حقه في الإضراب، وإلغاء المقتضى الذي يحظر الإضرابات لأهداف سياسية، بالإضافة إلى حذف مسطرة السخرة والعقوبات السالبة للحريات. كما أشاد بإلغاء المادة 288 من القانون الجنائي التي تعتبر عرقلة العمل جناية، مبرزا المكتسبات التي تحققت بفضل التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وأضاف قادة أن هذا الانفتاح الذي نهجته الحكومة في التعامل مع هذا المشروع يجعلنا نتطلع إلى معالجة بعض الإشكاليات التي لا زالت مطروحة، خاصة فيما يتعلق بإحداث محاكم اجتماعية تختص أساساً بالنظر في النزاعات المتعلقة بالشغل، وإعادة النظر في الآجال وتقليص مدتها، وتبسيط المساطر المتعلقة بالجموع العامة، مشيرا إلى عدم التساوي بين العامل ورب العمل فيما يتعلق بالجزاءات، وأكد على ضرورة تفعيل الاتفاقيات الجماعية لتفادي النزاعات والتوترات والاحتقانات الاجتماعية.
وفي نفس السياق، دعا إلى تعزيز آليات التفاوض بعدما ألزم هذا المشروع أرباب العمل بفتح أبوابهم ليصبح القاعدة العامة في معالجة الإشكاليات المرتبطة بالشغل. كما شدد على أهمية القيام بحملة تحسيسية واسعة النطاق للتعريف بأهمية هذا الإطار القانوني ومقتضياته وروحه وأهدافه، باعتباره قانوناً لممارسة حق الإضراب وليس تشريعاً لمنعه. واعتبر أن هذا النص التشريعي يمثل خارطة طريق لتجاوز الصعوبات والعراقيل المرتبطة بمعالجة نزاعات الشغل وممارسة حق الإضراب.
بدوره، أكد البرلماني عن الفريق الحركي، سعيد سرار، أن المغرب يحتاج إلى قانون تنظيمي للإضراب يتسم بالعصرية والتطور، ويعكس التطلعات الوطنية في المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية. وأوضح سرار أن هذا القانون يجب أن يكون متوازناً بين الحقوق والواجبات، ويواكب الدينامية الاقتصادية التي يسعى المغرب لتحقيقها ليتصدر قائمة الدول الصاعدة والمتطورة.
وأشار سرار إلى أن مشروع القانون التنظيمي للإضراب تميز بمقاربة تشاركية واسعة، حيث تم فتح المجال للحوار الاجتماعي مع النقابات والمختلفين من الفرقاء السياسيين. وأشاد بالانفتاح الإيجابي الذي أبداه وزير التشغيل على كل الأطياف ذات الصلة بالموضوع، وتفاعله مع عدد من التعديلات والتوصيات الصادرة عن مؤسسات دستورية مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وأوضح أن المشروع سيخضع بعد المصادقة عليه من البرلمان إلى فحص دستوري من قبل المحكمة الدستورية، وهو ما يعزز من مصداقيته. وأكد أن هذا المسار المؤسساتي سينتج قانوناً تنظيمياً يعزز الحق في الإضراب ويحل الإشكاليات التي شابت الفراغ القانوني في هذا المجال، ما يسهم في ضمان حقوق العمال وتحقيق توازن مع مصالح أرباب العمل.
من جانبها، قالت البرلمانية مريم خلوقي، البرلمانية عن الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، إن هذا المشروع ثمرة ناضجة لعشرين شهراً من الحوار البناء داخل مؤسسة الحوار الاجتماعي والمشاورات الجادة بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين، واستحضار لمصالح بلدنا في ظل مناخ دولي مشحون بالمنافسة الشرسة على الفرص الاستثمارية.
وأوضحت خلوقي أن الأجواء التي تمت فيها مناقشة هذا المشروع اتسمت بالجدية والمسؤولية في تناول مختلف المقتضيات والمفاهيم والتعاريف القانونية التي يقترحها هذا المشروع، منوهة بمستوى التفاعل الذي عبر عنه الوزير خلال جميع مراحل النقاش، من التقديم إلى مناقشة التعديلات المختلفة التي مست مواد المشروع، والتي بلغت في مجملها 334 تعديلاً منصباً على حوالي 49 مادة.