رفضت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية إجراء “نقد ذاتي”، لتجربته الحكومية التي انتهت بانتكاسة انتخابات الثامن من شتنبر 2021، والتي أسقطت الحزب إلى أسفل ترتيب المشهد السياسي. جاء ذلك عقب بتها في مقترح رفعته اللجنة التحضيرية للمؤتمر التاسع للحزب إلى الأمانة العامة للحزب، بعد اعتماده من طرف اللجنة السياسية التي يرأسها الوزير الأسبق مصطفى الخلفي.
وحسب المعطيات التي حصلت عليها “العمق”، بررت الأمانة العامة للحزب رفضها “إجراء نقد ذاتي”، لتجربة الحكومتين اللتين قادهما عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني، بالخوف من إثارة غضب القيادة السابقة للحزب، خاصةً أن هذه الأخيرة أعلنت تحمّلها مسؤولية هزيمة العدالة والتنمية في انتخابات 8 شتنبر 2021 من خلال تقديم استقالتها.
كما بررت القيادة السياسية للحزب خلال اجتماعها الأخير، الذي عُقد برئاسة عبد الإله بنكيران نهاية الأسبوع المنصرم، قرارها برفض النقد الذاتي إلى عدم قدرة الحزب على تقديم قراءة جماعية لنتائج الانتخابات التي تسببت في تراجعه الكبير.
ووفق مصادر الجريدة، فإن بنكيران يتجنب تقييم تجربة الحزب خلال السنوات العشر الماضية للتغطية على أخطائه وإخفاقاته في التدبير الحكومي والتنظيمي. وأشارت المصادر إلى أن بنكيران يهرب من المحاسبة التنظيمية التي تدينه في العديد من القضايا، بدءًا من واقعة “البلوكاج”، وصولًا إلى عودته إلى قيادة الحزب بعد سنوات من التشويش على حكومة سعد الدين العثماني، محاولًا تحميل فشل الحزب انتخابيًا لهذه الحكومة.
وفي سياق آخر، رفض رئيس المجلس الوطني للحزب إدريس الأزمي الإدريسي الكشف عن تفاصيل الوثائق المرجعية التي أجازتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر التاسع للحزب التي يرأسها. وأكد الأزمي أن الوثائق المذهبية، “احترمت المساطر والمنهجية المنصوص عليها في قوانين الحزب”، مشيرًا إلى أن مراجعة الوثائق جاءت بعد لقاءات تواصلية مع فروع الحزب بالأقاليم، إضافةً إلى تنظيم لقاء وطني لتقييم تجربة الحزب بمشاركة نخبة من السياسيين والمفكرين والصحافيين.
وفي برنامج “نبض العمق”، أوضح الأزمي أن مراجعة الوثائق المذهبية تهدف إلى التمييز بين الأمور الثابتة والمتغيرة نظرًا للتحولات السياسية والاجتماعية. وأشار إلى أن اللجنة التحضيرية رفعت البرنامج العام إلى الأمانة العامة، في انتظار عرضه على المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية في دورته العادية المقبلة.
وكشفت مصادر مطّلعة أن اللجنة التحضيرية رفضت مقترحًا قدمه أعضاء اللجنة السياسية يدعو إلى الفصل بين قيادة الحزب ورئاسة الحكومة لتجنب الخلط الذي وقع في عهد بنكيران والعثماني. وأوضح أصحاب هذا المقترح أن الجمع بين المنصبين أضرّ بالحزب، خاصةً بعد توقيع اتفاق التطبيع في عهد العثماني بصفته رئيسًا للحكومة في ديسمبر 2020.
وفي سياق متصل، أقرّ الأزمي بوجود إشكاليات في العلاقات البينية بين قيادات الحزب، مما أثر على أدائه. ورغم ذلك، أكد أن الخلافات لم تعد بنفس الحدة، مشددًا على أن القيادات الرئيسية مثل بنكيران، العثماني، الرميد، يتيم، والداودي يجمعهم احترام متبادل وخدمة للوطن وللمنهجية الإسلامية، معترفًا في الوقت نفسه بحدوث اهتزاز في الثقة وفساد أخلاقيات بعض القيادات والأعضاء، خاصةً في ما يتعلق باحترام المرجعية وحرية الرأي.