في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
اعتبر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن برنامج الدعم المباشر الذي أطلقته الحكومة، والذي يستفيد منه نحو 4 ملايين أسرة بمعدل 500 درهم شهرياً بإعمالِ مؤشرٍ “إقصائي بمعايير غريبة”، يدل على أنَّ نحو 14 إلى 15 مليون مغربية ومغربي يعيشون من غير أيِّ مورد عيشٍ ذاتي، تحت عتبة الفقر.
جاء ذلك في تقرير المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، المعنون بـ “ديموقراطية متينة وحكامة جيدة لتنميةٍ حقيقية”، والذي تلاه الأمين العام للحزب محمد نبيل بنعبد الله، أمام الدورة الخامسة للجنة المركزية للحزب، المنعقدة اليوم الأحد بالرباط.
واعتبر أن ما وصفه بالارتفاع الفاحش والمتواصل في أسعار معظم المواد الاستهلاكية والخدماتية هو الذي يفسر انزلاقَ 3.2 مليون مغربي نحو عتبةِ الفقر والهشاشة، وهو الذي يفسِّر تَدَهورَ مستوى معيشة أكثر من 80% من الأسر المغربية. وذلك في الوقت الذي وعدت فيه الحكومة بتوسيعِ دائرةِ الطبقة المتوسطة.
وفيما يتعلق بالتغطية الصحية، أكد بنعبد الله أن الحكومة لم تفِ بتعهداتها بتعميم هذا النظام. ووفقاً لتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فإن حوالي 8.5 مليون مواطن لا يزالون خارج نظام التغطية الصحية. وأشار إلى أن الحكومة تفرض اشتراكات مرتفعة تثقل كاهل الفئات الهشة، ما يهدد استدامة النظام، خاصة وأن نسبة التحصيل من الاشتراكات لا تتجاوز 36%.
وأشار إلى أنه في الوقت الذي وعدت فيه الحكومة الشعب المغربي بإحداث مليون منصب شغل، “ها هي تواصل إنتاجها للبطالة بشكل غير مسبوق، حيث بلغ عدد العاطلين في الفصل الثالث من السنة الجارية 1.68 مليون شخصاً”، مشيرا أن الأرقام تؤكد تفاقم البطالة، كـ “نقطة سوداء في عهد هذه الحكومة”.
ودعا بنعبد الله الحكومة إلى إقرار قانون خاص بتمويل نظام الحماية الاجتماعية لضمان شفافية واستدامة التمويل. مؤكدا على ضرورة اعتماد آليات فعالة للتنسيق بين مختلف البرامج الاجتماعية لتجنب التداخل وتحقيق أقصى استفادة للمواطنين.
كما انتقد بشدة الأولويات التي تعتمدها الحكومة في هذا القطاع، موضحاً أن 95% من نفقات التأمين الصحي الإجباري توجَّه إلى المصحات الخاصة، مما يبرز تضخّم دور القطاع الخاص على حساب المستشفيات العمومية التي تعاني من نقص حاد في الموارد والتجهيزات.
واتهم بنعبد الله الحكومة باستخدام شعار “الدولة الاجتماعية” للدعاية دون تحقيق تقدم ملموس. ولفت إلى أن الخطاب الحكومي بخصوص إعادة تأهيل المناطق المتضررة من زلزال الحوز أو تقديم الدعم للسكن يفتقر إلى المصداقية، حيث أن الأرقام المعلنة لا تتماشى مع الإنجازات الميدانية.
وأضاف أن غياب رؤية استراتيجية واضحة يؤدي إلى تعمّق الفوارق الاجتماعية والمجالية، ما يبرز فجوة متزايدة بين التصريحات الحكومية واحتياجات المواطنين.
وأعرب الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية عن قلقه إزاء وضعية المرافق العمومية، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم. وأوضح أن المستشفيات العمومية تواجه أزمة هيكلية نتيجة نقص الموارد البشرية والتجهيزات، ما يجبر المواطنين على اللجوء إلى المصحات الخاصة التي تعتبر باهظة التكاليف.
أما في قطاع التعليم، فقد أشار إلى استمرار أزمة المدرسة العمومية، مع تفاقم ظاهرة الهدر المدرسي، خاصة بين الفتيات في المناطق القروية، وانعدام تكافؤ الفرص، مما يضعف آفاق تحقيق أهداف الإصلاح التعليمي.
وعلى المستوى الدولي أوضح أن العالم يشهد حالة من الفوضى العالمية التي تنتج عن النزعات الإمبريالية وسيطرة القوى العظمى على مراكز القرار الدولية. وفي هذا السياق، أشار إلى تصاعد التوترات بين القوى الكبرى، مثل الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، وحالة التنافس التجاري والعسكري المتزايدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والتي باتت تهدد الأمن والسلم الدوليين.
وشدد المتحدث أن هذه التقلبات الحادة في الوضع الدولي، إضافة إلى الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط، تفتح المجال لتغيرات جذرية في موازين القوى العالمية. وأشار إلى الهجمات الإمبريالية الصهيونية في منطقة الشرق الأوسط، مشدداً على أن ما تشهده فلسطين من احتلال وحروب تطهير عرقي تهدد وجود الشعب الفلسطيني، معتبراً أن هذه الممارسات تعد وصمة عار في جبين العالم، خاصةً في ظل الدعم غير المشروط من بعض القوى الكبرى للكيان الصهيوني.
كما تناول بنعبد الله في كلمته الدور البارز الذي يقوم به المغرب في دعم القضية الفلسطينية. وأشاد بمواقف المملكة المغربية الرسمية والشعبية، التي جعلت من القضية الفلسطينية قضية وطنية، مشيراً إلى الرسالة التي بعثها جلالة الملك محمد السادس إلى رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، وذلك بمناسبة اليوم التضامني العالمي مع الشعب الفلسطيني.
وأكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن المغرب قد أظهر من خلال مواقفه الثابتة على الساحة الدولية دعمه اللامشروط للشعب الفلسطيني، حيث كان دائماً في طليعة الدول المطالبة بإنهاء الاحتلال ووقف جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني. وأشار بنعبد الله إلى أن المغرب لن يتوانى عن اتخاذ كافة التدابير اللازمة على المستوى الدولي لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
ووجه نداءً إلى كافة دول العالم للعمل من أجل تنفيذ القرارات الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، وخاصةً القرار الذي يقضي بإصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، وذلك لمحاسبتهما على جرائم الحرب التي ارتكباها ضد الشعب الفلسطيني.
كما شدد على أن المخططات الإمبريالية للصهيونية لا تقتصر فقط على فلسطين، بل تتجاوزها إلى محاولات لفرض الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط بأسرها، عبر استهداف الدول العربية وتهديد استقرارها. وأضاف أن الهجوم الصهيوني الذي استمر شهوراً على لبنان لم يحقق أهدافه، مما يدل على أن الكيان الصهيوني يتعامل مع اتفاقات وقف إطلاق النار على أنها مجرد تكتيك، دون نية حقيقية في احترام سيادة لبنان.
وفيما يخص الوضع في سوريا، أشار بنعبد الله إلى أن الشعب السوري أمام فرص للنهوض والبناء، ولكن في الوقت ذاته يواجه مخاطر جسيمة ناجمة عن التدخلات الأجنبية، مشيدا بسقوط النظام الاستبدادي في سوريا، الذي جاء وفق تعبيره في إطارِ صفقةٍ شاركت فيها عدد من الدول.
ودعا بنعبد الله جميع الأطراف إلى احترام إرادة الشعب السوري وتطلعاته المشروعة، بعيداً عن أي تدخل أجنبي في صياغة مستقبله. كما أكد ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا ورفض أي محاولات للتقسيم أو الاستفراد، مشدداً على أهمية بناء سوريا جديدة على أسس من التعددية السياسية والديمقراطية والتنمية المستدامة.