آخر الأخبار

مباراة "600 أستاذ مساعد" تختبر تكافؤ الفرص بوزارة "برادة" - العمق المغربي

شارك الخبر

أعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في الأول من نونبر الماضي عن تنظيم مباراة لتوظيف 600 أستاذ مساعد ضمن هيئة الأساتذة الباحثين في التربية والتكوين، والتي كان من المفترض أن تنطلق في الثاني من دجنبر الجاري في عدة مراكز تكوين، أبرزها مركز تكوين مفتشي التعليم ومراكز التوجيه والتخطيط التربوي. وتستهدف هذه المباراة توظيف أساتذة في تخصصات متعددة وفق الشروط والضوابط التشريعية والتنظيمية المعمول بها.

ووضعت الوزارة مجموعة من الشروط للمترشحين، أبرزها أن يكونوا موظفين مرسمين في قطاع التربية الوطنية لمدة لا تقل عن أربع سنوات، إلى جانب ضرورة حصولهم على شهادة الدكتوراه أو ما يعادلها، كما اشترطت الوزارة تقديم ملف يتضمن طلبا موجها لإدارة المؤسسة المعنية، بالإضافة إلى مستندات تتعلق بالشهادات والخبرات العلمية. وتتم المباراة عبر اختبارين، الأول متعلق بالشهادات والإنجازات التربوية والعلمية، بينما الثاني يتضمن عرضا ومناقشة أمام لجنة التقييم.

ورغم وضوح شروط الوزارة، فقد أثارت المباراة جدلا واسعا في صفوف الشغيلة التعليمية، فبينما اعتبر البعض أن هذه الشروط قد تشكل عائقا أمام العديد من الأساتذة الذين لا تتوفر لديهم بعض الإمكانيات، يرى آخرون أن تحديد عدد المناصب بـ600 فقط قد يحد من فرص العديد من الكفاءات الوطنية. وقد أضاف تأخر الإعلان عن تفاصيل المباراة إلى حالة من الغموض، إذ كان من المتوقع أن تُعلن الوزارة عن شروط الترشح في الثاني من دجنبر 2024، ولكن حتى اليوم لم تصدر أي مستجدات بهذا الخصوص.

من بين الانتقادات التي طالت هذه المباراة، فرض الوزارة تقديم ملفات ترشيح ورقية، وهو ما اعتبره البعض غير مناسب في ظل التوجه نحو الرقمنة في قطاع التعليم. هذا الإجراء، الذي يراه الكثيرون عبئا إضافيا، يتناقض مع مساعي الوزارة لتبسيط الإجراءات وتحسين الأداء الإداري. كما تم تحديد موعد لإيداع الملفات في نونبر قبل الإعلان الفعلي عن تفاصيل المباراة، مما أثار تساؤلات حول مدى استعداد الوزارة لتنظيم هذه المباراة، وما قد ينتج عن ذلك من تداخل مع مواعيد أخرى تخص الأساتذة المعنيين.

في هذا السياق، وجه الوزير الأسبق خالد الصمدي انتقادات شديدة لعملية تنظيم المباراة، حيث استعرض الصعوبات التي واجهها المترشحون والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، خاصة فيما يتعلق بالجانب اللوجستيكي والإداري. وقال الصمدي في تدوينة على حسابه بـ”الفيسبوك” إن العديد من المترشحين اضطروا لتقديم طلباتهم بشكل ورقي، وهو ما يتناقض مع توجه الدولة نحو الرقمنة، مشيرا إلى التكاليف المادية التي تحملها المترشحون نتيجة التنقلات بين المراكز الجهوية وتجهيز الوثائق المطلوبة، فضلا عن غياب التنسيق مع التعليم العالي.

وانتقد الصمدي عبر حسابه على منصة “الفيسبوك” أيضا غياب التنسيق بين وزارة التربية والتعليم العالي، مما أفضى إلى نقص في الأطر القانونية والتنظيمية اللازمة لفحص الملفات، مما يثير تساؤلات حول نزاهة وشفافية عملية التقييم. كما تساءل عن السبب وراء عدم الاستفادة من التطبيقات الرقمية الموجودة في قطاع التعليم العالي، والتي كان من شأنها تسهيل عملية إيداع الملفات إلكترونيا، بدلا من تعقيد الإجراءات الورقية.

إضافة إلى ذلك، أثيرت شكوك حول مصداقية المباراة، خاصة فيما يتعلق بمحاولات تدخل النقابات وبعض المسؤولين للاستفادة من هذه الفرصة. وكشفت مصادر خاصة عن محاولات من بعض المسؤولين والنقابيين للتأثير على قرارات الوزارة، سعيا منهم للحصول على حصتهم من المناصب. وقد اعتبر هذا التنافس بين النقابيين والمسؤولين فرصة للحصول على “مكاسب شخصية”، مما جعل بعض الأوساط تطرح تساؤلات حول نزاهة العملية التي يفترض أن تكون موجهة لاختيار الكفاءات الأكاديمية لتولي مهام التعليم والبحث.

وفي تصريح خاص لجريدة “العمق”، أكد مصدر من تنسيقية المفتشين الدكاترة أن إنشاء الإطار الجديد ضمن النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية جاء استجابة لمطالب فئة من موظفي الوزارة الحاصلين على شهادة الدكتوراه، والذين ظلوا ينتظرون فرصا لتثمين عطائهم التربوي والمهني.

وأشار المصدر إلى أن هذه الفئة كانت تأمل في وجود إطار يسمح لها بالمساهمة الفعالة في الإصلاح التربوي بدلا من الاقتصار على فتح مباريات محدودة قد لا توفر الفرص المناسبة للالتحاق بالتعليم العالي.

وأضاف المصدر أن الاتفاق الذي تم توقيعه في 26 دجنبر 2023 بين الوزارة والنقابات نص على تسوية وضعية الموظفين الحاصلين على شهادة الدكتوراه أو ما يعادلها على مدى ثلاث سنوات بدءا من 2024، من خلال فتح مباريات سنوية لوظيفة أستاذ مساعد.

وبالنسبة للمباراة الأخيرة، أشار المصدر إلى أن هناك العديد من الملاحظات حول التنظيم وطريقة تدبيرها، فقد تم الاعتماد على تقديم الملفات الورقية في وقت تتجه فيه جميع القطاعات نحو الرقمنة، كما أن عدد المناصب المعلن عنها يعد غير كافٍ ويشوبه الغموض فيما يتعلق بالتخصصات المطلوبة.

وتابع المصدر أنه من الطبيعي أن يثير عدم الالتزام بالمواعيد الكثير من الشكوك، خاصة في ظل المعاناة الطويلة لهؤلاء الموظفين منذ عام 2010، حيث تم وعدهم بالحل الشامل عدة مرات دون تحقيق نتائج ملموسة.

وفيما يتعلق بتخصيص المباراة لمراكز التكوين، اعتبر المصدر أن ذلك يتعارض مع المهام المنصوص عليها في النظام الأساسي ومع الاتفاق الذي تم توقيعه في 26 دجنبر، معربا عن أمله في أن تسهم هذه المباراة في تحقيق الشفافية بعيدا عن المحسوبية والامتيازات الإدارية، مشددا على أن مراكز التكوين بحاجة إلى أطر تتمتع بخبرة ميدانية وأكاديمية محترمة.

واختتم المصدر حديثه بالإشارة إلى أن هذا الإطار يعتبر إضافة نوعية تستحق المزيد من النقاش والتوضيح حول وضعيته ومهامه، داعيا إلى تحصينه بنص قانوني مستقل يتماشى مع تطلعات القطاع التربوي والأكاديمي والمنتسبين إليه.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر


إقرأ أيضا