تشهد توقعات النمو الاقتصادي للمغرب تباينا ملحوظا بين الحكومة وبنك المغرب، ففي حين يرى بنك المغرب أن النمو سيبقى محدودا في 2.6% خلال العام الحالي، كانت الحكومة قد توقعت في وقت سابق تحقيق نمو أعلى نسبته 3.4%، بالإضافة إلى ذلك فإن التوقعات المستقبلية تختلف بشكل كبير، إذ يتوقع بنك المغرب تسارع النمو إلى 3.9% خلال السنتين المقبلتين، بينما تتطلع الحكومة إلى تحقيق نمو قوي بنسبة 4.6% في عام 2025.
التوقعات الصادرة تأتي في وقت يشهد فيه القطاع الزراعي تراجعا ملحوظا بسبب مواسم الجفاف المتتالية، مما يعكس تأثيرات سلبية على الناتج المحلي الإجمالي، ما يثير تساؤلات حول مدى دقة هذه التوقعات في ظل الظروف غير المستقرة التي يمر بها الاقتصاد الوطني.
في تصريح له حول توقعات النمو الاقتصادي المغربي، أكد يوسف كراوي الفيلالي، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أن النسبة المستهدفة في قانون المالية لعام 2025، التي تقدر بـ 4.6%، قد تكون بعيدة عن التحقيق في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
وأوضح الفيلالي أن هذه النسبة اعتمدت على مؤشرات تقليدية مثل المحصول الزراعي والقيمة المضافة الفلاحية، وهي عوامل قد تكون غير كافية لضمان تحقيق النمو المستهدف في الوقت الراهن.
وأشار المتحدث إلى أن النسبة التي أعلن عنها بنك المغرب، تُعتبر أكثر واقعية بالنظر إلى التحديات التي تواجه القطاع الفلاحي، حيث يعاني من تراجع في قيمته المضافة، فضلا عن الاعتماد المتزايد على القيمة المضافة الصناعية، ورغم أن هذه الأخيرة لا تشهد حاليا ديناميكية قوية، إلا أنها تظل أحد الأعمدة الأساسية لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
وأكد الخبير الاقتصادي أن تحقيق هذه النسب يتطلب العمل الجاد على تعزيز القطاعات الاقتصادية غير المرتبطة بالنمو الفلاحي، داعيا إلى ضرورة التركيز على الصناعات والخدمات والرقمنة والسياحة، وهي مجالات يمكن أن تسهم بشكل كبير في تعزيز القيمة المضافة والرفع من معدلات النمو.
وأضاف يوسف كراوي الفيلالي، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أن هذا التوجه الاقتصادي سيكون له دور كبير في توفير فرص العمل وتقليص معدلات البطالة، التي بلغت مستويات قياسية في السنوات الأخيرة، وفقا للإحصاءات الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط، فإن نسبة البطالة في المغرب وصلت إلى 21% خلال العقد الأخير، مما يضع ضغوطاً إضافية على الاقتصاد الوطني.
وشدد الفيلالي على أن تعزيز القطاعات الصناعية والخدمية والرقمية سيكون أمراً حيوياً لتجاوز التحديات الحالية وفتح آفاق جديدة للنمو الاقتصادي المستدام في المغرب.
جدير بالذكر أن بنك المغرب توقع أن يعرف النمو غير الفلاحي شبه استقرار في حوالي 3.5% في 2024 قبل أن يتحسن إلى 3.6% في سنة 2025 وإلى 3.9% في 2026، أما القيمة المضافة الفلاحية، وبسبب الظروف المناخية غير المواتية التي كانت سائدة خلال الموسم الفلاحي السابق من المرتقب أن تتراجع بنسبة 4.6% هذه السنة، قبل أن ترتفع بنسبة 5.7% في 2025 وبواقع 3.6% في 2026، مع فرضية محاصيل حبوب قدرها 50 مليون قنطار، أي ما يعادل متوسط السنوات الخمسة الأخيرة.
هذا، وأضاف بنك المغرب أن آفاق الاقتصاد العالمي، تشير إلى تباطؤ مرتبط بشكل خاص بالاقتصاد الأمريكي الذي يتوقع أن ينخفض معدل نموه من 2.7% هذه السنة إلى 1.7% في المتوسط خلال سنتي 2025 و2026، وفي منطقة الأورو، يرتقب ألا يتجاوز النمو 0.8% هذه السنة قبل أن يتحسن إلى 1.3% خلال العامين المقبلين.