يلعب قانون المالية باعتبارها أحد أبرز التشريعات التي يتم إعدادها سنوياً، دوراً أساسياً في رسم ملامح السياسة الاقتصادية وتنظيم الموارد والتكاليف العامة للدولة.
يؤثر هذا القانون بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني ومستوى معيشة المواطنين، مما يجعله من الأدوات الحاسمة في تحقيق التنمية المستدامة وتوجيه الإنفاق العام بشكل فعّال.
وتتطلب عملية إعداد قانون المالية اتباع مجموعة من الإجراءات القانونية الدقيقة، بدءاً من مرحلة التخطيط والتقديرات المالية وصولاً إلى المصادقة النهائية.
مراحل إعداد مشروع قانون المالية
عملية إعداد مشروع قانون المالية تمر عبر عدة مراحل تتسم بالدقة والالتزام بالمواعيد، لضمان تلبية الاحتياجات المالية وتحقيق الأهداف التنموية، تبتدأ بتوجيه رئيس الحكومة قبل 15 مارس، منشوراً إلى جميع المسؤولين الماليين في الوزارات والقطاعات المختلفة يحثهم على تقديم مقترحاتهم للميزانية على مدار ثلاث سنوات، مع وضع أهداف ومؤشرات أداء واضحة لنجاعة المشروع المالي.
تتم دراسة هذه المقترحات ضمن لجان البرمجة ونجاعة الأداء حتى 15 ماي، مما يسهم في تحديد أولويات الإنفاق وفق السياسات العامة للدولة، وفي منتصف يونيو، يقدم وزير المالية تقريراً لمجلس الحكومة حول تقدم تنفيذ قانون المالية الجاري، ويعرض التوقعات المالية للسنوات المقبلة، بالإضافة إلى الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية للسنة المقبلة.
قبل 31 يوليوز، يقوم وزير المالية بتقديم عرض أمام اللجان المالية في البرلمان، يتناول الوضع الاقتصادي الحالي وتنفيذ قانون المالية، وذلك كجزء من عملية التشاور لضمان الشفافية وتقديم توضيحات حول التوقعات الاقتصادية، وبعد المشاورات البرلمانية، يتم إصدار منشور حكومي جديد يدعو الآمرين بالصرف إلى إعداد مقترحاتهم النهائية للميزانية، ويتركز ذلك على تخصيص النفقات والإيرادات للسنة المقبلة.
وخلال شهري سبتمبر وأكتوبر، تتم عملية تجميع ودراسة مقترحات الميزانية المقدمة من القطاعات المختلفة، ويتم إعداد مشروع قانون المالية الكامل بمختلف تقاريره، على أن تتم المصادقة على التوجهات العامة لقانون المالية من قبل مجلس الوزراء في مستهل أكتوبر، تليها المصادقة النهائية في مجلس الحكومة. في 20 أكتوبر، يتم تقديم المشروع لمكتب مجلس النواب.
المصادقة على قانون المالية
عملية المصادقة على قانون المالية تبدأ بعد تقديمه للبرلمان، حيث يتم مناقشته في إطار زمني محدد قانونياً، إذ يُمنح مجلس النواب 30 يوماً لدراسة مشروع القانون والتصويت عليه. وبعد موافقة مجلس النواب، ينتقل المشروع إلى مجلس المستشارين، الذي يخصص له مدة 22 يوماً لدراسته وتقديم ملاحظاته أو تعديلاته قبل التصويت.
إذا أجرى مجلس المستشارين تعديلات على المشروع، يعود إلى مجلس النواب للنظر النهائي فيه، وذلك في فترة لا تتجاوز 6 أيام لضمان استكمال التصويت قبل نهاية السنة المالية، إذا لم يتم التصويت على مشروع قانون المالية بحلول 31 ديسمبر أو حال دونه إشكال قانوني، يمكن لرئيس الحكومة إصدار مرسوم مؤقت لفتح اعتمادات مالية مؤقتة تضمن استمرار عمل المرافق العمومية حتى يتم التصويت على القانون.
ينقسم قانون المالية إلى شقين رئيسيين، موارد الدولة وتكاليف الدولة، تشمل الموارد جميع الإيرادات التي تحصل عليها الدولة، والتي تشمل الضرائب والرسوم، عائدات الغرامات، الإيرادات الناتجة عن الخدمات، المساعدات والهبات، وأرباح الاستثمارات العامة، وغيرها. يتم تقدير الموارد بناءً على معطيات اقتصادية واقعية لضمان صدق التوقعات المالية.
فيما تشمل التكاليف النفقات العامة التي تتكفل بها الدولة، وهي تنقسم إلى نفقات التسيير (التي تتضمن رواتب الموظفين، والمصاريف الإدارية، والنفقات الاجتماعية، والثقافية) ونفقات الاستثمار التي تستهدف تحقيق أهداف تنموية طويلة الأمد. بالإضافة إلى ذلك، تشمل تكاليف الدولة نفقات خدمة الدين العام، التي تمثل تكاليف فوائد الديون المستحقة على الدولة.