بعد التساقطات المهمة التي عرفتها مناطق واسعة بالجنوب الشرقي للمملكة، والتي أعطت انطلاقة مبكرة للموسم الفلاحي بهذه المناطق، بدأت تلوح في الأفق تباشير موسم فلاحي يتوق الفلاحون والمهنيون إلى أن يكون مغايرا لسابقيه من حيث التساقطات المطرية والمحصول.
وسجلت مناطق متفرقة في الغرب والشمال في اليومين الأخيرين تساقطات مطرية تبشر ببداية الموسم الزراعي، وسط تفاؤل كبير بين الفلاحين الذين انخرطوا بشكل عملي في مباشرة عملية الحرث والزرع، خاصة بالنسبة للزراعات الموجهة للكلأ ورعي الماشية.
ووفق مصادر مهنية بإقليم العرائش، فإن الحركة دؤوبة منذ أيام من أجل استباق الأمطار المتوقعة وزرع عدد من الزراعات مثل “الفصة” و”الخرطال” و”الشمندر السكري”، فضلا عن تقليب الأرض استعدادا لزراعة الحبوب التي باتت على الأبواب.
وأكد مصطفى المولات، مزارع بمنطقة حوض اللوكوس، أن الفلاحين يسابقون الزمن من أجل زراعة “الفصة” والكلأ الخاص بالمواشي، بهدف التقليل من تكاليف الإنتاج والاعتماد على الأعشاب بدلا من التبن والعلف مرتفعيْ السعر.
وقال المولات، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن الوضع “مبشر والظروف جيدة، نتمنى من الله أن يرحمنا ويرزقنا الغيث النافع”، مؤكدا أن الجميع يشتغل ويحرث الأرض قبل أن يحل موسم الأمطار.
وزاد موضحا أن المنطقة التي يتواجد بها معروفة بأنها “لا تتحمل كميات كبيرة من التساقطات، لذلك يسرع الجميع إلى عملية الحرث قبل بداية الموسم، لأن المنطقة تعرف سنويا أعلى نسب تساقطات مقارنة مع باقي مناطق المملكة”.
في قراءته للوضع، قال الخبير الزراعي رياض أوحتيتا إن الموسم الفلاحي بالبلاد يرتقب أن يعرف 3 انطلاقات متنوعة، إذ إن التساقطات المطرية الغزيرة التي عرفتها مناطق الجنوب الشرقي أعطت ملامح موسم فلاحي مبكر بهذه المناطق.
وأضاف أوحتيتا، في تصريح لهسبريس، أن هذه التساقطات ستحد من تنقلات الرعاة بسبب انعكاساتها الإيجابية على الغطاء النباتي والكلأ الذي ستوفره للرعي، مبرزا أن ضعف البنيات التحتية حد من استفادة هذه المناطق من التساقطات بالشكل المطلوب.
وأشار الخبير ذاته إلى أن التساقطات التي تعرفها مناطق الغرب والشمال خلال اليومين الأخيرين، تنبئ بالانطلاقة الثانية للموسم الزراعي في البلاد، إذ إن السنوات الخمس الأخيرة “تتأخر فيها التساقطات وتبدأ أولا في هذه المناطق حتى إنها أصبحت تساهم بأكبر كمية من الحبوب”.
وأفاد أوحتيتا بأن المناطق المعروفة بزراعة الحبوب، مثل دكالة وعبدة، مازال الفلاحون بها ينتظرون الغيث، وسكان هذه المناطق رغم غياب الأمطار “يستبشرون خيرا وقد بدؤوا في تقليب الأرض، ومع الأسف لم يعوا بعد بالتقنيات البديلة، كالزرع المباشر”.
وسجل المتحدث أن غياب التكوين لدى الفلاحين وضعف توجيههم من لدن المؤسسات التابعة لوزارة الفلاحة، عامل يؤثر على هذا المستوى، لافتا إلى أن انخفاض وتراجع الإنتاج فيما يخص الحبوب بالمغرب يرجع إلى غياب المعرفة بالتقنيات الجديدة وتقلص المساحات المزروعة.
وشدد أوحتيتا على أن أهم شيء بالنسبة للفلاحة هذا الموسم، هو “أننا خرجنا من مرحلة جفاف التربة الخطير، ونتمنى أن تكون هذه السنة ممطرة وتنسينا إشكالية قلة التساقطات وندرة المياه”.